الى أين المسير يا صحافة ؟


لم أكن صحفي يوما ما ، وما رغبت بهذه الكينونة لاحساسي بأنها ليس مجرد مهنة بل هي أمانة يتحملها المرء فيحمّلها لافراد المجتمع بالشكل الذي يرى هذه الأمانه فيه ، كما اني لا أستطيع الخوض في كل تفاصيل الصحافة من استنباط للخبر وتشكيله وتحريره ونقله بعد صياغته حيث اني لا أملك الصلاحية ولا الاسباب لذلك ، وسأتوقف عند النقاط التي تخص القراء كمستهلكي للنتاج الصحفي والفكري من خلال وسائل الاعلام المتنوعة .
فالخبر: هو عبارة عن حدث او معلومات يتم جمعها من الخاصة واعادة اطلاقها للعامة ، والصحفي هو الناقل لهذه الاخبار بعد صياغتها وتشكيلها وقد يتدخل في محتويات الخبر او المعلومات بالاضافة والحذف والتعديل ، مما قد يسبب في تشويه الخبر او استغلاله في حالات خاصة ، وهذا ليس موضوعنا هنا .
والمقال او الدراسة او الرأي : هو عبارة عن فكرة او أفكار يتم طرحها للجمهور من خلال كتّاب أبسط ما يقال عنهم انهم مثقفين على الاقل ( الا بحالات خاصة قد يكون الكاتب مرحلي استطاع ان يأخذ زاوية في صحفية ليكتب فيها لفترة قصيرة من الزمن لاسباب متعددة ليس الثقافة من احداها ).
اذا يقود كتابة ونشر المقالات والدراسات الانسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بالحالة العامة مجموعة مثقفين قد يكونوا مختصين أكاديميا بما يكتبون ولهم قوتهم وقدرتهم المعلوماتية في ذلك ، حيث عرفت الثقافة بانها ( كل مركب يشمل المعرفة والعقيدة والفن والقانون والاخلاق والممارسات واي امكانيات يكتسبها الانسان كعضو في المجتمع ( تايلور ) ) ، وحسب قراءات المفكرين والفلاسفة السالفين والمعاصرين للثقافة فالمثقف هو مثقف عضوي ناقل لجرثومة التغيير في المجتمع ( غرامش ) بينما المفكرهو الذي ينشأ فكرة التغيير ، وقد تتداخل المهمات والصفات والوظائف بين المثقف والمفكر حيث يظهر ذلك جليا في مجالي السياسة والاجتماع .
وعند قراءتنا لطبيعة مهام وهموم المفكرين نجد انهم اصحاب الرؤى الاصيلة والمتجذرة بشكل شامل لتجاوزها اسطح الافكار واتجاهها لهيكل ونواة الفكرة او الظاهرة وهم غير معنيين غالبا بالقيام بدور الناقل اوالكاتب الصحفي لانشغالهم بما هو اسمى حسب مرئياتهم ، وفي المقابل نجد ان المثقف يقوم باستمداد خطاباته من المفكر ويكون مهيء تماما لتبني الايدلوجيات الجاهزة والمعدة بواسطة المفكرين .
وفي حالات كثيرة تتداخل الوظائف كما قلنا سابقا بين المثقف والمفكر وتتوحد هذه التركيبة في شخصية تكتب للعامة بواسطة الوسائل الاعلامية ولكنها تصطدم بتحيزها الحتمي لايدولجية معينة والقيام بدور المدافع القوي عنها دون اخذ عين الاعتبار بالافكار المنقولة او المطروحة الاخرى حيث يقع الكاتب بين مطرقة القناعات وسنديان التعددية وقبول الاخر .
وللدخول في الموضوع اكثر لدراسة وضع مثقفينا ومفكرينا بالاردن نجد عند دراسة العروض الصحفية والمقالات والدراسات المنشورة في الاردن لمدة اسبوع وقبل شهر رمضان الكريم ( حيث تتغير نوعية بعض المقالات لطبيعة الشهر الدينية ) نجد ان الافكار والقضايا المطروحة تنقسم نوعية ونسبة حسب الجدول التالي :
1- دراسة حالة او ظاهرة اجتماعية او دينية ( 9 % في المواقع الاكترونية و7 % من الصحف الورقية ) .
2- القضايا السياسية الداخلية ( 27 % نسبتها في المواقع الالكترونية و 21% في الصحف الورقية ) .
3- القضايا الخدماتية ( 9% نسبتها في المواقع الالكترونية و 10% الورقية ) .
4- القضية الفلسطينية ( 7% الكترونية و 13% ورقية ) .
5- الصراعات العربية الداخلية ( لبنان والعراق والسودان واليمن ..) : ( 3% الالكترونية و 8% الورقية ) .
6- القضايا الاقتصادية المحلية : ( 15% الكترونية و 8% ورقية ) .
7- القضايا العربية العامة : ( 6% الكترونية و10 % ورقية ) .
8- السياسة الامريكية : ( 9% الكترونية و 10 % ورقية ) .
9- قضايا الفكر : ( 5% الكترونية و9% ورقية ) .
10-القضايا النقابية والعمالية : ( 4% الكترونية و2% ورقية ) .
11- قضايا التعليم والجامعات : ( 6% نسبتها في المواقع الاكترونية و2% في الصحف الورقية .
حيث ان النسبة الموضوعة امام كل اهتمام او قضية هي نسبة كمية المقالات لهذه الدراسة من المجموع الكلي من المقالات ، مما يعني مثلا ان 5 % من مقالات المواقع الالكترونية تهتم بقضايا الفكر بينما 9 % من مقالات الصحف الورقية تهتم بنفس المجال .
وبالرجوع الى الدراسة الاحصائية السابقة نجد ان الاهتمامات لدى الكتاب تنحصر بنسبة 70% للهم الداخلي المادي المباشر تماما (حيث تم تصنيفه ببند بحيث يفرز المقال الذي لا يملك اي ارتباط مباشر مع العالم العربي او العالمي ) ، هذا قد يعطي مؤشر خطيرا ، اذ تتوجه الكتابات والرسائل للجمهور لجره الى القوقعة الفكرية البسيطة ضمن وضع مرحلي قد ينتهي بنتيجة العزل الفكري والاقتصادي والوطني عن المحيط العربي .
كما ان انشغال الكتاب والمثقفين بقضايا السياسة الداخلية ومشاكل الحكومة بالشكل الحالي ( 27% من المقالات تنحصر في الهجوم والدفاع عن الحكومة ) لا يؤدي الى الاصلاح بل يؤدي الى أسر الفكر السياسي الرسمي باتجاه مجاملة الجمهور ومثقفيه المفترضين دون الرجوع الى الفلسفة المفروضة لازاما على الخطط السياسية والاقتصادية الوجب وضعها بحكمة قبل المباشرة في التطبيق ، حيث ان الفلسفة تشكل كمؤشر ( الايزو ) لأداء الدولة باتجاه خططها والمفترض بناء هذه الخطط بواسطة المفكرين السياسين المعتمدين والمؤدلجين بالخصوصية الاردنية والعروبية .
ونقول في النهاية كما قال المفكر والروائي الفلسطيني المبدع ( غسان كنفاني ) : إن الفكرة النبيلة لا تحتاج غالباً للفهم بل تحتاج للإحساس .
جرير خلف
ملاحظة : الدراسة الاحصائية المعتمد عليها هي حصيلة دراسة ذاتية لمقالات 4 صحف يومية اردنية و23 موقع صحفي اردني الكتروني لمدة اسبوع قبل شهر رمضان الكريم ، مع حذف المقالات الآنية والخاصة والتي لا طعم لها وعدم الاستعانة بالمواقع الالكترونية المحتلة بواسطة كتاب مختصين بالتشتيت والتفحيط وتفعيل الازمات .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات