التطهير العرقي لأهالي غزة تحت ستار تشجيع الهجرة!


تعيش الأراضي المحتلة بشكل يومي إرهاصات متقدمة لما يسمى صفقة القرن التي تحاول الإدارة الأميركية التلطيف من وقع أثارها الكارثية بتسميتها خطة السلام والازدهار والتي أجل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلانها إلى ما بعد انتخابات الكنيست الإسرائيلي الشهر الحالي وأحدث هذه الإرهاصات ما كشفته مصادر صحفية عن ممارسة ضغوط إسرائيلية على سكان قطاع غزة المحاصر لترحيلهم إلى دول أخرى ( من دون رجعة ) بالتزامن مع قيام بعض مسؤولين كبار في البيت الأبيض بزيارات للمسجد الأقصى المبارك برفقة متطرفين يهود .

قبل الخوض في الموضوع ينبغي ان نفهم تاريخيا بان طبيعة الحركة الصهيونية من خلال قاعدتها المادية دولة إسرائيل تهدف منذ بداياتها إلى إقامة مشروع احتلال ( إحلالي ) بمعنى تفريع الأرض من السكان الأصليين وإحلال اليهود مكانهم وما تخشاه إسرائيل من فشل مخططها هذا هو قضية الإغراق الديموغرافي التي تحاصرها سنة بعد سنة حتى أصبحت أشبه بجزيرة معزولة في محيط فلسطيني في الضفة والداخل وغزة حيث يشكل اليهود نسبة تزيد بقليل عن 50% في كل فلسطين التاريخية ومن اجل الحد من حالة النمو الطبيعي المتسارع للفلسطينيين تعمل حكومة النتن ياهو الآن على مشروع تشجيع الهجرة لأبناء غزة بتحمل تمويل نفقات وتذكرة السفر بطريق واحدة خروج بلا عودة شريطة ان تنطلق هذه الرحلات من مطارات سلاح الجو في منطقة بئر السبع جنوب البلاد .

هذا الحلم والمشروع الصهيوني بأن يترك الشعب الفلسطيني أرضه ويتخلى عنها قديم وليس جديد فمنذ مائة عام خلت اغتصبت فلسطين ولتحقيق هذا الهدف ارتكبت العصابات الصهيونية الهاجاناة وإيتسل والبالماخ وهاشومير والأرغون وشتيرن وجيش الموت والإجرام الإسرائيلي أكثر من 126 مجزرة ومذبحة ضد أبناء الشعب الفلسطيني من أجل طردهم وتهجيرهم لتمدد الكيان الصهيوني جغرافيا بالاعتماد على الخرافات وتزوير حقائق التاريخ بأن (هذه الأرض بلا شعب لشعب بلا ارض ) ويمكن الرجوع الى كتاب النتن ياهو مكان تحت الشمس والتدقيق فيما يسرده من أخطاء وافتراءات حول أريحا وكيف دخلها يوشع بن نون ولم يجد بها أي سكان وبقيت ارض مهجورة بدون أي تطور يذكر وقد ظهرت العديد من الحركات الصهيونية في مرحلة الثماننيات من القرن الماضي تقوم بتشجيع هجرة الفلسطينيين للخارج منها ( بوليتد او كاخ ) .

ويبدوا ان الكيان الصهيوني لم يدرس هذا المخطط جيدا من حيث النتائج وأساليب الضغط والابتزاز واستغلال ظروف الحصار والاعتقاد الخاطئ بان الشباب الفلسطينيين يحتاجون الى طوق نجاة إسرائيلي يحقق لهم الخروج من الواقع المرير الذي يغمر حياتهم بؤسا وشقاء وان الشباب في قطاع غزة ليسوا بحاجة الى مثل هذه الإغراءات المكشوفة وهنالك عوامل كثير تفرض عليهم الهجرة منها على سبيل المثال تجويع المواطنين وحرمانهم من الحقوق الأساسية وقلة فرص العمل وقسوة الحياة تحت سطوة الاحتلال وقلة الأمن وبعد 12 عاما على تنفيذ حكومة إسرائيل خطة الانفصال عن غزة تزداد يوما بعد يوم بشاعة الحصار المفروض والهادف إلى عزل المواطنين في غزة عن باقي أبناء للشعب الفلسطيني وجعل قطاع غزة ( غيتو ) يتحكم فيه الاحتلال بحيث أصبحوا مجبرون على الاختيار ما بين الموت البطيء في الحصار وبين هجرة وطنهم لاستكمال تفريغ غزة من أهلها ووفقا لأخر استطلاع أجراه 'المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية فإن 45% من سكان القطاع يرغبون بالهجرة وأن هذه النسبة ترتفع في حالات التوتر الأمني الشديد مثل الحروب الإسرائيلية ضد القطاع .

ولكن ورغم كل ذلك فالمأمول من الشباب الغزيون بوعيهم لحجم المؤامرة ومقاصدها العمل على إفشالها يرفضهم مغادرة وطنهم ومقاومة سياسات التغريب وصفقات مقايضة مصالحهم الشخصية على حساب المشروع الوطني وحرية واستقلال وسيادة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين لديارهم وعدم الانجرار وراء مثل هذه الدعايات المشبوهة التي تهدف في الأساس إلى تيئيس الفلسطينيين وحثهم على هجرة وطنهم حيث يتعاط الإسرائيليين مع ظاهرة هجرة الفلسطينيين وفق مفاهيم سياسية وأمنية وإستراتيجية بالغة الخطورة .

ومن العوامل التي ساهمت في إجهاض هذه الفكرة الخبيثة رفض أي من الدول التي تم الاتصال بها بما فيها دول شرق أوسطية هذا الاقتراح باستقبال أي من أبناء غزة واستيعابهم ويذكر أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر ناقش مسألة تشجيع هجرة الغزيين في خمس مناسبات سابقة على الأقل غير هذه المرة ومن المرجح أن يكون مطلق هذه التصريحات ( تشجيع الهجرة ) هو النتن ياهو نفسه على لسان مسئول حكومي أو كلف أحد من حاشيته بتسريب هذه المعلومات لوسائل الإعلام والعاملين ممن رافقوه في رحلته الأخيرة إلى أوكرانيا وقد انضم وزير المواصلات ووزيرة القضاء السابقة في دولة الاحتلال لمقترحات لنتن ياهو راعي خطة الترحيل المشتهاة بتشجيع أهالي غزة على الرحيل " طواعية وعن حب ورضا " وفي حديثه للإذاعة العبرية العامة قبل أيام دعا وزير المواصلات المستوطن المتطرف بتسلئيل سموطريتش إسرائيل للعودة لغزة واحتلالها وإدارتها والعمل على تشجيع أهاليها على الرحيل بخاطرهم .

ان ما تقوم به إسرائيل يشكل جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية وهو تهجير قسري للفلسطينيين من غزة ويندرج في إطار التطهير العرقي الذي تقوم به إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ العام 1948 وهو استغلال قذر للأزمة الإنسانية المسؤولة عنها إسرائيل وها هي الآن تريد اقتلاع أهالي غزة من أرضهم كجزء من خطّتها لتصفية القضية الفلسطينية ووفقا لمعايير القوانين الدولية فان الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة والمباشرة عن معاناة الشعب في قطاع غزة جراء الحصار الظالم والعدوان المتواصل والتدمير والجرائم البشعة التي ترتكبها يوميا واستهداف مقومات حياة السكان والتضييق عليهم بفرض قيودا على حرية وحركة الأفراد والبضائع من وإلى القطاع ما تسببت في مزيد من التدهور بحقوق السكان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدفعهم إلى الهجرة ما يستدعي صحوة دولية عاجلة لرفض تلك الدعوات وعدم الاستجابة لها وإدانتها وسرعة التحرك الدولي لرفع الحصار عن قطاع غزة .

جميع أبناء الشعب الفلسطيني يرفضون هذه المحاولات العبثية المشبوهة جملةً وتفصيلًا وهم متمسكون بأرضهم ووطنهم حتى إنهاء الاحتلال ورفع الحصار عن أهل غزة الصامدون وهم على استعداده للتضحية وقد قدموا عبر مسيرتهم النضالية قوافل طويلة من الشهداء والأسرى والمبعدين والجرحى ليحرروا أرضهم ويستردوها وليس من اجل أن يهجروها ويتركوها ولا زلنا نستذكر مقولة المقبور إسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق وقائد حملة تهجير مدينتي اللد والرملة في نكبة 1948عن تأييده لفكرة التهجير وتمنياته " لو انه يستيقظ يوما ويجد عزة قد غرقت في البحر " ومازالت دولة الاستعمار الإسرائيلية تواصل سياسة المجزرة والمحرقة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية دون استثناء بالقوة الغاشمة تحت سيف الإرهاب الصهيوني الفاشي .

وأخيرا : 

فان هذا المشروع الصهيوني لن يمر وستسقط ديماغوجيا وشعارات التضليل كبضاعة فاسدة ومفضوحة وكما هزم الشعب العربي الفلسطيني الثائر على مدار السبعين عاما الماضية الهدف والمشروع الأساسي والمتمثل بطرد الفلسطينيين من ديارهم سيهزم حتما الهدف الإسرائيلي الجديد الداعي لتهجير ابناء غزة بفضل الشباب الفلسطيني المتمسك بأرضه ووطنه الأم وبانتصاره المتواصل لذاته وطموحاته الوطنية والقومية والإنسانية .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات