50 عام على إحراق الأقصى والنيران ما زالت مشتعلة


صادف يوم الأربعاء الماضي 21/ 8/ 2019 الذكرى الــ50 لإحراق المسجد الأقصى المبارك والذي وقع يوم الخميس بتاريخ 21/ 8/ 1969 عند الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة صباحاً حينما اقتحم اليهودي المجرم مايكل دنيس روهان الأسترالي الجنسية المسجد وعلى ظهره حقيبة كبيرة فيها مواد شديدة الاشتعال رشها في عدة مواقع بالمسجد القبلي وهي مواد لا تتوفر في الأسواق المحلية ولا توجد إلا لدى الجيوش والدول مما يؤكد ان سلطات الاحتلال هي المخططة الرئيس للحريق وهي التي زودت المجرمين لتنفيذ جريمتهم وان الذين قاموا بالجريمة هم مجموعة وليس شخصا واحدا لأن مواقع الحريق كانت متعددة ولكن المجرم بدأ باستهداف منبر نور الدين محمود الذي صنعه ليضعه في المسجد بعد تحريره لكنه مات قبل ذلك ونفذ وصيته ووضعه حيث أراد صلاح الدين الأيوبي الذي يعتبر رمزا للتحرير والانتصار على الصليبيين وقد بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته .

وقد لحقت أضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة وسقط سقف المسجد على الأرض بفعل النيران الملتهبة إضافة الى عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية ذات الخطوط الفنية النادرة .

وعقب ذلك ألقت القوات الإسرائيلية القبض على الجاني ثم قضت محكمة إسرائيلية بعدم أهليته العقلية ونقل إلى مستشفى خاص للأمراض النفسية في منطقة المزرعة قرب عكا قبل أن تبعده إلى أستراليا عام 1974 وبقي هذا المجنون حيًّا في بلاده الأسترالية البعيدة حتى بلغ الرابعة والخمسين ثم مات عام 1995 من كمَدِه وقهره حيث لم تتحقق النبوءة التي كان من المفترض بلوغها خلال أربع سنوات ونصف من فعلته كما قال له كاهن كنيسته " كنيسة الرب العالمية " وبرر فعلته الخسيسة في حينه إنه قام بها بأمر مباشر من الله .

وقد قالت غولدا مائير رئيسة وزراء العدو الصهيوني بعد الحادثة " لم أنم طوال الليل كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجا من كل مكان ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده " وكانت هذه الكلمات التي قالتها هذه المجرمة هي المفتاح للعربدة الصهيونية في الأراضي المحتلة وتعاقبت الجرائم الصهيونية على العرب والمسلمين بسبب الأمن الذي يتمتع به الصهاينة، فلو ان رد المسلمون وما سمي في ذلك الوقت دول الصمود والمواجهة كان ردا سريعا واظهروا وقفة جادة لتغيرت موازين القوى في المنطقة .

وقد احدث هذا العمل الإجرامي ردود أفعال كبيرة في العالم الإسلامي حيث انطلقت المظاهرات الغاضبة في كل مكان وكان من نتائج وتداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي ( منظمة التعاون الإسلامي حاليا ) التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية وكان الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز صاحب الفكرة إلا أن المنظمة بقيت عاجزة عن وقف أعمال التخريب وتدنيس الأقصى حتى هذا اليوم كما أثارت الجريمة ردود أفعال عالمية ودولية نددت بها وأدان مجلس الأمن الدولي في قراره رقم (271) الاحتلال لتدنيسه المسجد ودعا إسرائيل إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها المساس بوضعية المدينة المقدسة .

وعبر القرار عن "حزن وأسف مجلس الأمن للضرر الفادح الذي ألحقه الحريق بالمسجد في ظل الاحتلال الإسرائيلي الذي دعاه إلى التقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري والامتناع عن إعاقة عمل المجلس الإسلامي في المدينة المعني بصيانة وإصلاح وترميم الأماكن المقدسة الإسلامية .

وقبل حرق الأقصى وحتى يومنا هذا تحاول السلطات الإسرائيلية بشتى الوسائل والطرق السيطرة على المسجد الأقصى والاعتداء عليه تمهيدا لهدمه من خلال أعمال الحفريات تحته وبناء الأنفاق المتواصلة بعضها بعضا والتي أدت إلى تقويض أساسات المسجد في الحرم القدسي وما زالت السلطات الإسرائيلية تعمل جاهدة من أجل تهويد القدس وتفريغها من سكانها الأصليين واعتبارها عاصمة إسرائيل الأبدية .

ومع حلول الذكرى الأليمة تنطلق صيحات وتحذيرات من أهلنا الصامدين والصابرين في بيت المقدس بوجود مخططات شاملة ومرعبة بحق المسجد لتهويده بعد ملاحظة حفريات عميقة مازالت مستمرة منذ عام 1967 وقد أصبح المسجد الأقصى في عين الخطر الذي تقف خلفه حكومة الاحتلال اليمينية وجماعات " أمناء الهيكل ا" ويهود العالم الذين يقدمون الدعم المادي والمعنوي لتنفيذ خرافة بناء الهيكل المزعوم والعرب والمسلمين في حل من أمرهم لا يعنيهم بل انضوى بعضهم بقوة وقناعة في صفوف المتآمرين والخونة .

ومنذ ذلك اليوم الأسود المشؤوم والحرائق والأطماع اليهودية بالمسجد لم تنته وما زالت قائمة وأصبحت تأخذ إشكالا متعددة منها اقتحامات المستوطنين للمسجد وإقامة شعائرهم التلمودية والحفريات الإسرائيلية ومعاقبة المسلمين بالإبعاد عن المسجد وتدنيس الساحات والاعتقال وإغلاق الأبواب ومضايقة الحراس والأعمار والشرطة الإسرائيلية تحاول التدخل في كل تفاصيل الحياة داخل المسجد الأقصى وقد سحبت الصلاحيات توطئة لمخططات آثمة تنتظر التنفيذ بهدف فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على المسجد .

وما يجري على مدار الساعة من محاولات حثيثة لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا لإيجاد موطىء قدم للجماعات المتطرفة في المنطقة الشرقية لبناء كنيس هناك يشكل خطرا داهما على المسجد الأقصى ولا زالت تصريحات سئ الذكر " اردان " وزير ما يسمى بالأمن الداخلي تلقى صدا واسعا عند اليهود المتطرقين بضرورة تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى وهي مؤشر خطير على مدى توسع التغول الصهيوني الإجرامي وان حريق المسجد الأقصى ما هو إلا تحدّ صارخ للمسلمين الذين (استمرؤوا السكوت) على الظلم ولم يتعد الرد في حينه البيانات الجوفاء والمظاهرات التي قمعت بشدة من قبل بعض الأنظمة العربية والإسلامية .

إمام كل ذلك يقف الفلسطينيين بصدورهم العارية وإرادتهم الصلبة يدافعون عن الأقصى وقدسيته ومكانته حيث استطاعوا إفشال مخططات الاحتلال الغاشم بصمودهم الأسطوري ولمدة 14 يوم بالتصدي لعملية وضع البوابات الالكترونية ومحاولة تطويق المسجد الأقصى بإجراءات أمنية غير مسبوقة في منتصف تموز من عام 2017 وكذلك في المواجهات التي جرت في السادس عشر من شباط الماضي عندما افتتح مبنى باب الرحمة المغلق منذ عام 2003بقرار من الاحتلال والذي أسس لمرحلة جديدة بعدم التسليم بإجراءات الاحتلال ومحاكمه وان حكومة الاحتلال وأدواتها من شرطة ومحاكم ليس لها أي سلطة على المسجد الأقصى بساحاته ومصلياته وقبابه ومحاريبه .

ومن جرح الأقصى وعذابات المقدسيين نناشد الأمة وكل العرب والمسلمين بعدم التقاعس والنفير فيهود العالم توحدوا لتهويد القدس والمسجد الأقصى وعلينا كعرب ومسلمين ان نتوحد في نصرة المسجد الأقصى وإذا لم نبادر في حمايته فسنفقده وسيكون مصيره لا قدر الله كمصير المسجد الإبراهيمي في منع الصلاة والآذان فيه وان الحريق في ذكراه الخمسين يدق جدران الخزان بقوة كي ندافع عن المسجد الأقصى بكل بسالة وتضحيات فلم يعد سعة من الوقت للتخلف والتراخي فالأمر في غاية الخطورة ومخططات الاحتلال لا تتوقف عن المسجد الأقصى والذي يعتبر من أكبر مساجد العالم وأحد المساجد الثلاثة التي يشد المسلمين الرحال إليها وهو أيضًا أول القبلتين في الإسلام .

وما يسمى بصفقة القرن التي ننتظر إعلانها الشهر القادم ماهو إلا الحلقة الأخيرة في تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على المقاومة والجهاد ضد العدو المحتل الغاصب وهي ايضا نتيجة لاحقة من نتائج حرق الأقصى فمن سكت عن حرق المسجد الأقصى ليس ببعيد عليه أن يغمض عينيه عن صفقة القرن !

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات