"لوبلوغ": مرتزقة بوتين حولوا سوريا لساحة تدريب


جراسا -

نشر موقع “لوبلوغ” مقالا لنيكولاي دو- غاندرسين حول المرتزقة الروس الذي يتخذون من سوريا أرضية للتدريب. وتحت عنوان “مرتزقة بوتين يستخدمون سوريا كساحة تدريب”، جاء: “يعتبر عام 2014 عاما صعبا للشرق الأوسط ولكنه مهم للروس؛ ففي الوقت الذي تابع فيه العالم الإسلامي صعود تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلغي الحظر عن الجيوش الخاصة والمتعهدين الأمنيين، وذلك بعدما اعترف عام 2012 في مقابلة صحافية بأنه يجب “إعادة النظر فيها”. ففي ذلك العام، ولدت شركة التعهدات الأمنية “واغنر غروب”، برئاسة جندي أوكراني سابق وقف مع الانفصاليين الأوكرانيين الذين دعمتهم روسيا، قبل أن ينشئ وحدته الخاصة”.

وسمحت علاقة واغنر مع بوتين لها بترك العمليات القتالية في أوكرانيا إلى الحرب الأهلية الحالية في سوريا. وهناك حوالي 2500 من عناصر واغنر يقاتلون نيابة عن روسيا ورئيس النظام السوري بشار الأسد. ويقول الكاتب إن مجموعة واغنر هي خطوة جديدة من الخطوات الروسية للتغازل مع الحروب الخاصة. وهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها روسيا مغامرات مع المرتزقة، إلا أنها تقوم بوضع معالم موجة جديدة وخطيرة، أي استخدام المرتزقة في العمليات القتالية وليس للدعم اللوجيستي والثانوي للقوات النظامية. ويعلق الكاتب أن تدخلا قويا كهذا يضيف إلى مظهر القوة لبوتين في الخارج.

ويقول المحلل جوشوا يافا إن “التدخل الروسي في سوريا خدم عددا من مصالح بوتين”؛ فقد “أنقذ نظام الأسد من الهزيمة، ومنع منظور تغيير النظام، وأمن دورا روسيا لا يمكن إنكاره في اللعبة الجيوسياسية في الشرق الأوسط”. ويقدم محللون آخرون ملاحظات أوسع، منهم الدكتور كيرل أفاراموف، والصحافي رسلان تراد، اللذان يناقشان استخدام سوريا “كملعب تجريبي” للروس “كي يقوموا بتجويد حروب الوكالة المهجنة، وخلط الخطوط ما بين السياسة الخارجية الرسمية وما تقوم به الجماعات الخاصة، وما تقوم به روسيا والأطراف الخاصة”.

وبهذه الطريقة خلقت “منطقة رمادية” لعمليات قتالية مخصخصة وأخرى تدعمها الدولة.

وكما هو واضح في عام 2018 والعامين الماضيين، فالشركة كانت ناشطة في تدريب وجمع المعلومات الأمنية والعمليات الأمامية نيابة عن جيش الأسد. وعلى الورق، لا توجد صلة بين القوات الروسية في سوريا وشركة واغنر، إلا أن عناصر الشركة يقومون وبشكل مستمر بدعم القوات الروسية العاملة على الأرض في سوريا. وبالإضافة لتحقيق الأهداف الروسية في سوريا، فإن نشر الجيوش الخاصة مثل واغنر يغير من سياسة التدخل الخارجي. فمع نشر مجموعة واغنر في المناطق الحساسة في الشرق الأوسط، يقوم بوتين بتقليل الثمن السياسي وتحقيق أهدافه الجيوإستراتيجية.

ومن السهل إنكار العلاقة مع المتعهدين. وبالتأكيد فاستمرار روسيا في استخدام المرتزقة يسمح لبوتين الإعلان عن سحب القوات الروسية من مناطق مهمة في سوريا، لأنه يعرف أن المرتزقة سيقومون بملء الفراغ الذي يتركه جنود الدولة. وفي الوقت نفسه، يمكن تسويق دورهم في الشرق الأوسط كشكل من أشكال الدعاية. خذ مثلا ما أطلقت عليه روسيا “صائدي داعش”، إذ تم منح الصيادين هؤلاء، المرتبطين بواغنر، تغطية إعلامية روسية وعربية بعد ضمهم إلى قوات النظام السوري في عام 2017 للقتال ضد تنظيم الدولة.

وفي مفارقة غريبة، تظهر أشرطة الدعاية للصيادين أساليب تنظيم الدولة الدعائية، فالمرتزقة الروس يهددون بإعدام 100 مقاتل من تنظيم الدولة لكل جندي روسي وقع أسيرا في يد التنظيم عام 2017. وتعطي الدعاية التي منحت لصائدي داعش، إلى جانب المزاعم التي أطلقها تنظيم الدولة عن القبض على مرتزقة روس، صورة عن الطريقة التي تتماهى فيها الحروب الخاصة بشكل سريع. ويوافق كل من أفراموف وتراد؛ إذ يقولان إن التفاعل بين المرتزقة والقوات الروسية النظامية تختفي عندما يعمل الطرفان في الخارج.

ولا تنحصر عمليات التعهدات في الحروب الخارجية التي تقوم بها روسيا على سوريا والشرق الأوسط. فبالإضافة للعقد الذي وقعته واغنر مع الأسد للحصول على نسبة 25% من حقول النفط التي تشرف عليها، وقعت الشركة عددا من العقود في إفريقيا؛ فقد استأجرها الرئيس السوداني السابق عمر البشير لتقوية قوات أمنه، ويقوم المرتزقة بحراسة مناجم الذهب والماس في جمهورية إفريقيا الوسطى.

ويجب عدم التقليل من جهود بوتين في خصخصة الحروب، إذ تم الخلط ما بين جيوش الدولة والفاعلين التجاريين كما في حالة جمهورية إفريقيا الوسطى. وفي الوقت الذي أكد فيه الروس وجود مستشارين ومدربين في هذا البلد، إلا أن وجود واغنر في منطقة غير مستقرة هدفه حماية المصادر الطبيعية.

ويقول الكاتب إن نهاية الحرب البادرة كانت محفزا لظهور الجيوش الخاصة، حيث استخدمتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. والآن تقوم منافسة الولايات المتحدة بتوزيع العمليات القتالية من أجل التجارة، إذ أصبح الشرق الأوسط وإفريقيا رقعة الشطرنج التي تمارس فيها اللعبة. وبعد ثورات الربيع العربي، يبدو أن الديكتاتوريين في إفريقيا أصبحوا “منجم الذهب الجديد” للجيوش الخاصة.

وفي نهاية المطاف، علينا ألا ننسى أن شركات التعهدات الأمنية الخاصة مثل واغنر تمثل مصالح الدولة، فالشركة الروسية للمرتزقة أصبحت سر بوتين الواضح للعيان، الأمر الذي تبين من مقتل الصحافيين الروسيين اللذين كانا يحققان في نشاطاتها في إفريقيا. وتم استهداف صحافيين أمريكيين أيضا بعدما كشفوا عن محاولات بوتين إخفاء العلاقة بين موسكو وواغنر؛ ذلك أن التكتم على العلاقة يمنحه فرصة للإنكار وتقليل ثمن التدخل في حروب الشرق الأوسط ومواصلة تحقيق طموحاته.

وفي النهاية، يمكن الحديث عن حرب باردة جديدة متجذرة بالتخريب وأساليب حروب العصابات وتحالفات إستراتيجية في محاور الحرب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات