خطورة العبث الإسرائيلي الأخير


قد تمتد خطورة تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي لأبعد مما نتوقع، فهذه أول مرة يصدر تصريح بهذه الخطورة من هذا المستوى السياسي. التصريحات قد تؤشر على نمط تعامل إسرائيلي جديد، على غرار اسلوب التعامل مع الاقتحامات للحرم القدسي الشريف الذي اعتادت عليه آذان الرأي العام العربي بعد ان كان سماعه فجيعة لندرة حدوثه. احتمال لا يجب تجاهله ان يكون هناك توجه إسرائيلي خبيث يهدف لتعويد آذان الرأي العام على التشكيك بالوصاية الهاشمية في محاولة للضغط على الأردن بملفات اخرى يقف الأردن صلبا بوجهها. التصريحات للآن تبدو غير مؤثرة، ونفاها وزير الخارجية الإسرائيلي، لكن لا بد من التحوط استراتيجيا لضمان عدم تكرارها.

لنا تجارب واجهنا من خلالها تصريحات استفزازية طالت مصالحنا العليا، كان اوضحها النجاح في مواجهة خطاب اليمين الإسرائيلي حول الوطن البديل، فقد اصبح مجرد طرح الفكرة يصنف أردنيا وفلسطينيا وعربيا تحت عنوان الخيانة العظمى، بعد ان تم تقديم منطق قوي يستند للحق والعدل اساسه ان جنات الدنيا -وليس فقط الأردن- لن تكون بديلا لأرض فلسطين وطنا للفلسطينيين. ونجح الأردن بالمواءمة المعقدة بين احقاق المساواة لكافة مواطنيه ايا كانت منابتهم، وبين عدم انتقاص ذلك من حقهم بالعودة والتعويض، وحلمهم بإقامة دولتهم على ترابهم الوطني وليس اي تراب آخر، وتحول هذا الملف الحساس والضاغط من سبب لإثارة الفتنة في مراحل خلت، ليصبح عامل وحدة وطنية ومواجهة سياسية بوجه الخطاب اليميني الإسرائيلي التحريضي.

يمتلك الأردن العديد من الادوات لمواجهة عبث ساسة اليمين الإسرائيلي، يوظف منها للآن ادوات المواجهة البرلمانية والاعلامية والضغط الدبلوماسي متعدد المستويات. إسرائيل تعلم تماما ان بيد الأردن اوراق ضغط اقوى واشد قد يستعملها اذا استدعت الحاجة. منها ادوات الضغط السياسي الدولي، والقانوني، والامني، وذاك النوع من الضغوط المرتبط بمعاهدة السلام المهمة جدا لإسرائيل. الأردن يستطيع بالفعل ان يفتح جبهة سياسية وقانونية عارمة اذا ما استدعى الامر، فالأردن وقيادته ذات حضور وثقل ومصداقية سياسية دولية مؤثرة، وتمتلك حججا قانونية ستكون مؤرقة جدا لإسرائيل. وامنيا، إسرائيل تعي ضرورات الحفاظ على علاقات طيبة مع الأردن، وتدرك ان علاقاتها بكل دول العالم بكفة وبالأردن بكفة اخرى. وهذا ينطبق على معاهدة السلام، فبقدر التزام الأردن بمعاهدة السلام لانه دولة تحترم عقودها ومصداقيتها، بقدر ما ان هذا الالتزام نابع من الايمان بالسلام والقناعة ان المعاهدة تحافظ على المصالح السيادية، فإن تبدل ذلك واصبحت المعاهدة عديمة النفع بالحفاظ على مصالح الأردن فما الذي يدفع صانع القرار الأردني من الاستمرار باحترام المعاهدة والحفاظ عليها.

المساس بالوصاية الهاشمية مساس بالأردن وفلسطين والعالمين العربي والاسلامي، لأن السيادة على القدس فلسطينية والأردن وصي لإحقاق تلك السيادة ولا ينازع عليها أحدا. والأردن بذات الوقت يقوم بالرعاية للمقدسات بالنيابة والشراكة بالمسؤولية مع العرب والمسلمين لأن المدينة الشريفة تعنيهم كما تعني الأردن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات