هل تفوز القوائم الحزبية بالانتخابات القادمة؟


منذ الآن على الأحزاب التحضير للانتخابات البرلمانية القادمة. قانون الانتخاب يسمح بقوائم حزبية متشابهة في المحافظات على مستوى الوطن، ويجب ان يكون طموح الاحزاب الحصول على حصة من المقاعد النيابية تسمح لها بتشكيل الحكومات البرلمانية. قد لا يتحقق ذلك في الانتخابات القادمة، ولكن الطموح المعلن وحجم العمل يجب ان يكون من اجل تحقيق ذلك الهدف.

ليست مشكلة احزابنا بالقوانين والانظمة كما يعتقد حبيسو هذا المعتقد؛ قانونا الانتخاب والاحزاب تسمح تشريعيا وقانونيا لهذه الاحزاب ان تفوز، وتشكل كتل اغلبية برلمانية بل وان تشكل حكومات. وليست المشكلة بمحاربة العمل الحزبي رسميا وعدم قبوله شعبيا، فهذه معضلات تجاوزناها الى حد بعيد واصبح تأثيرها محصورا ومحدودا، وستتلاشى نهائيا اذا ما توفر للمجتمع وجمهور الناخبين عمل حزبي برامجي فعال ومقنع.

المشكلة حزبية ذاتية، تبدأ من شخصنة الاحزاب وتمحورها حول فرد او افراد يصبح الحزب يُعرف بأسمائهم لا ببرامجه، ولا تنتهي عند برامج الاحزاب غير الواقعية ولا التفصيلية او المستجيبة لواقع الحال. بعض الاحزاب كانت وما تزال حبيسة ايديولوجياتها اليمينية واليسارية؛ اما عفا عليها الزمن وتقادمت وتكلست، او تسعى للمغالبة والسيطرة الايديولوجية فحسب. كلا الفئتين غير واقعية لاسيما بسياساتها واطروحاتها الخارجية والدفاعية او حتى الاقتصادية والاجتماعية، وكأنها مصممة على البقاء في العمل الحزبي للابد، ولا تهيئ نفسها او تستعد للعمل التنفيذي البراغماتي الضروري لإدارة الشأن العام.

احزابنا لا تقوم بالعمل الحزبي كمثيلاتها في الديمقراطيات البرلمانية، والذي يتمثل في جوهره ان تكون الاحزاب حلقة الوصل والجسر بين مطالب المجتمع المتعددة والمتناثرة، وبين العمل التنفيذي وسياساته وضروراته. الاحزاب المتقدمة تقوم بجمع شتات المطالب الشعبية، وتبوبها وتفرز ما يمكن تحقيقه منها، ثم تمحوره وتؤطره على شكل سياسات منطقية ومعقولة وقابلة للتحقيق، ثم تضع لهذه الاطر عناوين وشعارات تصلح في الحملات الانتخابية فتوصل الرسالة للناخب باختصار واقناع وتوضح له الجديد والفارق مع المنافسين الآخرين. هذا ليس بالعمل السهل على الاطلاق، فهو معقد ويحتاج لكثير من التحضيرات والمهارات والكفاءات.

احزابنا لا تفعل ذلك مع كل أسف، فهي تضع مجهودا متواضعا ومكررا وغير مقنع، وتصيغ سياسات غير قابلة للتحقيق، او عمومية في مجملها لا تدخل لصلب الامر وجوهره. والاخطر، ان احزابنا بدلا من ان تكون الجسر وحلقة الوصل، بقيت فقط تردد او تعيد ما يريده جمهور الناخبين واقعيا كان ام خياليا. هي تعيد للناس ما يريدون ان يسمعوا ولا تقوم بدورها السياسي المنتظر، ولا تسعى لجلب الناخبين لبرامجها المدروسة المقترحة، وتأطيرهم حولها، بل تتأطر هي بما يريده الجمهور وما يحب ان يسمع.

لم نر للآن عملا حزبيا يبشر بقرب الحكومات البرلمانية، مع ان دور الاحزاب الفاعل امر حتمي لا بد منه، لذا فعلى الاحزاب ان تقوم بنقد ذاتها، وتنجز ما عليها القيام به، فهذه مسؤوليتها الوطنية، وضرورة من ضرورات الحكومات البرلمانية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات