المكرمة الملكية السامية لأبناء العسكريين والمتقاعدين ـ تشوهات تستوجب التصحيح


بقلم: عادل الخشاشنة*

استشعر جلالة المغفور له الملك الباني الحسين بن طلال في نهاية سبعينيات القرن الماضي حاجة أبناء العسكريين والمتقاعدين لفرص دخولهم في الجامعات والمعاهد الحكومية، ولمن يعين ذويهم ماديا على ذلك، وحاجة المناطق التي يسكنها العسكر للتنمية من خلال تعيلم ابنائهم، فكانت مكرمته لهم عام ١٩٨٠ وأصدر مجلس الوزراء نظاما لذلك في حينه يتضمن، تخصيص ٢٠ ٪ من المقاعد الجامعية لأبناء وبنات العسكريين والمتقاعدين وتتكلف الدولة بتغطية الرسوم الجامعية، وقد وضعت تعليمات لتنفيذ ذلك النظام الذي يخدم حاليا شريحة تقارب نصف مليون من العاملين والمتقاعدين من الجيش العربي والأجهزة الأمنية ويشكلون مع عائلاتهم ما يقارب ثلاثة ملايين نسمة من أبناء الاردن الذين ضحوا ولا زالوا لأجل أمن واستقرار الوطن. 

تنص التعليمات على أن توزع نسبة ال٢٠٪ من المقاعد على محافظات الاردن وتخصيص نسبة لأبناء الضفة الغربية على أن تكون حصة كل محافظة تتناسب مع عدد العاملين والمتقاعدين فيها من المشمولين بالنظام ، ويتنافس أبناء هؤلاء كل في محافظة سكن والده وهذه التعليمات شكلت أساسا للتنمية البشرية في مناطق سكنى العسكر ووفرت عدالة فيما بين هذه المناطق، وهي تنص على ان تعدل النسب كل ثلاث سنوات، لأن هذه الأرقام تتغير، ولكنها للاسف لم تعدل منذ ما يزيد عن عشر سنوات. 

أن التشوه الذي أصاب جوهر تطبيق النظام والتعليمات المنبثقة عنه مصدره سببين التعليم العالي والتعليمات المنبثقة عن النظام وادى ذلك التشوهات متعددة أولها ما سببه اقرار الجامعات الحكومية برامج التعليم الموازي الذي تهدف الى تحسين مداخيلها المالية ، وحيث أن هذه التخصصات الجامعية (ببرامج) هي التي يتوفر لها فرص التوظيف وهي تخصصات نوعية يقبل عليها الطلبة ويدفعون للحصول عليها رسوما مضاعفة، فقد تم حرمان أبناء العسكريين والمتقاعدين من نسبة من هذه المقاعد، ومع مرور السنوات لم يتبقى لهم سوى التخصصات الراكدة التي لا تسمن ولا تغني من جوع باستثناء اعداد ضئيلة من تلك التخصصات التي بقيت للتنافس، وقد نوقش الامر حول عدم دستورية التعليم الموازي كونه لا يساوي بين المواطنين ( وسيكون لنا مقالا متخصصا بهذا الشأن أن طال بنا العمر) ، ونوقش ايضا تخصيص نسبة ٢٠٪ من مقاعد تخصصات الموازي لطلبة المكرمة باسعار دراسة نظام التنافس وقد عرض المقترح على المعنيين في التعليم العالي وفي رئاسة الوزراء ولكن دون استجابة. 

أن التشوه الثاني الذي اعترى هذه المكرمة تمثل في اعتماد المحافظة التي ولد فيها الاب لتنافس الأبناء وهذا لا يحقق العدالة، فمن غير المنطقي أن ابن العيص الذي يسكنها ولا يجد من ظروف التعليم المدرسين والبيئة المدرسية والمادية ما تمكنه من. منافسة ابن عمه الذي ولد وترعرع في مدينة عمان أو الزرقاء وحظي بفرص تعليم في مدارس حكومية او خاصة فيها من كفاءات المعلمين وحوله مراكز لدعم التعليم تقوية لغته الإنجليزية، ليس من العدل أن يتنافسان على مقاعد نفس المحافظة وان حدث وتخرج الثاني ممرضا أو محاسبا فإنه لن يعود إلى مكان ولادة والده ليعمل فيه ويسهم في تنميته. 

أن التشوه الثالث الذي يسود تطبيق نظام المكرمة أن نسب التوزيع المقاعد الجامعية (نصيب كل محافظة) لم يتغير منذ ما يزيد عن عشر سنوات وهذا أدى إلى ظلم لأبناء بعض محافظة الزرقاء وبعض محافظات الشمال على حساب البقية (لتوضيح الامر أورد توضيحا يدلل على ذلك فقبل أن يستوطن العسكر مدينة الزرقاء كان من ولد فيها من المتقاعدين والعسكريين مقارنة بمجموعهم في عموم الوطن قليل وبعد أن سكنوا باربعن سنة أو يزيد وولد لهم من الأبناء الكثير والتحقوا بالأجهزة الأمنية وولد لهؤلاء بنين وبنات في سن الثانوية أصبحت نسبة العسكريين فيها مضاعفة بينما بقيت نسبة مقاعدهم في المكرمة على ما هي عليه، ومثال آخر فإن اخواننا العسكريين المتقاعدين من مواليد الضفة وبعد أن كانوا في الإعداد كثرا وبعد أن ولد لهم من الأبناء في مختلف المحافظات وولد لهؤلاء بنين وبنات وهم بعمر الثانوية فإن أبنائهم يحسبون على المحافظات ولم يبقى ممن ولد في الضفة الغربية ولهم أبناء توجيهي الا القليل جدا ومازالت لهم نسبة كبيرة في المقاعد)، كل ذلك احدث خللا جسيما بحيث أنه وفي سنوات سابقة أن تمكن جميع الطلبة الحاصلين على معدل ٦٥ فاعلى من الحصول على مقعد جامعي مكرمة بينما لم يتمكن اقرانهم من الزرقاء وبعض محافظات الشمال ممن كان معدل كل مته ٨٠ او اقل من الحصول على مقعد مكرمة. 

التشوه الرابع في توزيع مقاعد المكرمة يحصل أن المحافظات التي تحصل على نسبة أكبر مما تستحق فإن طلبتها يحصلون على مقاعد نوعية مقارنة بمعدلاتهم (كمثال على ذلك فإن من يحصل على معدل ٨٢ من أبناء الضفة الغربية ودرس في عمان يحصل على تخصص هندسة مدنية بينما نظيرة لنفس المعدل ويسكن قرية اوصرا في عجلون لم يحصل سوى على تخصص جيولوجيا ). 

لقد دابت مديرية التربية والتعليم والثقافة العسكرية في السنوات التي يكون فيها عدد الطلبة المتقدمين المكرمة كبير وبعد توزيع المقاعد الاولى على الطلبة ويتبين لها عدم شمول اعداد كبيرة من طلبة محافظة الزرقاء وبعض محافظات الشمال أن تقوم بالطلب من وزارة التعليم العالي بتخصيص بضعة مئات من المقاعد الإضافية لهذه امحافظات من أجل أن يصل معدل شمول المكرمة علامتين أو ثلاث نزولا عما كان عليه، إلا أن هذه المقاعد لا تعد الا ذرا للرماد في العيون لأنها من التخصصات التي لا يرغبها الطلبة وهي لا تزيد من مقاعد التخصصات النوعية لهذه المحافظات أي مقعد. 

مقترحات لمعالجة التشوهات:

1. أن يضطلع مجلس التعليم العالي بمسؤوليته ويخصص نسبة ٢٠٪ من مقاعد الموازي في الجامعات الحكومية لطلبة المكرمة وبنفس سعر التعليم التنافسي. 

2. دعوة المجلس الأعلى للمكرمة والذي يرأسه رئيس هيئة الأركان وعضوية قادة الأجهزة الأمنية لتعديل تعليمات المكرمة ضمن البديلين التاليين:أ. إعادة توزيع نسب المكرمة على المحافظات والضفة الغربية حسب الإعداد الحالية للمنتسبين وهي متوفرة لدى القيادات الامنية، والمتقاعدين منهم وهي متوفرة لدى مديرية التقاعد المدني والعسكري. ب. أن يتم توزيع المقاعد على المحافظات حسب نسبة المتقدمين من تلك المحافظة إلى المجموع الكلي للمتقدمين من جميع المملكة. ،(هذا توزيع عادل دائما لأنه يتبدل كل سنة تبعا لإعداد الناجحين). 

3. أن يتم احتساب تنافس الطالب حسب مدرسته وليس حسب مكان ولادة الاب لان ذلك يحقق العدالة في ظروف الطالب كل في بيئته التي درس فيها، وتعتمد مدرسة الطالب التي لم يستكمل فيها النجاح لغير المستكملين. 

سيتفاقم الحال هذا العام بسبب ارتفاع العلامات الجنوني، وقد يكون الحد الأدنى لعلامات المكرمة في كثير من المحافظات (تتجاوز ٨٥٪ حسب تقديري الشخصي) وسيزداد غبن طلبة المكرمة وذويهم إن لم يبادر وعلى الفور المسؤولين في وزارة التعليم العالي واللجنة العليا للمكرمة، ولجنة المكرمة التي يرأسها مساعد رئيس هيئة الأركان للقوى البشرية من الاطلاع بواجباتهم ومعالجة تلك التشوهات

حمى الله الاردن وهدى الله المسؤولين الى رشدهم والهمهم الصواب وخدمة الوطن وابنائه. 

*خبير تربوي وخبير في ادارة الموارد البشرية والتخطيط.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات