كـَراريس ومـَدارس


كحُبي العتيق الذي قادني إلى الدنيا الواسعة، وأطعمني خبز القمح.. هـُم الأطفال.. كزهور البرية الخجولة، كشقائق النـُعمان، وورق البيلسان، والزعتر الفواح.. هم هؤلاء الأطفال...

أنا أعترف أني لولاهم لما حَـلمت بالآتي، وبالنـِعَم الجميلة، ولما بكرت صباحاً كي أبني خلايا العـَمل، وأرصف وهج الحياة كومة فوق كومة... وأعترف أيضاً أنني أغدو من أجلهم، وأعود لأجلهم، وأمسح عـَرقي قبل أن ينضب، وأرسمه علامات في عيونهم الطافحة بالبــِشر، والباحثة عن مكان تصهر فيه غدها الآتي.
أعرف ما يريدون...

يريدون وطناً أكبر.. ولهم حـُلم الشهادة، طالما أنهم يبقون صخوراً في الوطن الذي يحلمون ...

يريدون دنيا فواره.. تجبل سمرة الساعد بالندى... يريدون نعمة الشمس.. ليأتوا إلينا جبالاً عالية... هم أكبر من هاماتهم التي لا يراها الآخرون.. هم، نحن، ونحن فيهم قبل أن يفكروا بما أعطيناهم، ومن أين وكيف ؟؟ ربما يكون الطفل اباً للرجل.. من القوة النابعة من نبع الإرث الذي جئنا منه سوياً...

إنهم أولاد الحياة يريدون شيئاً.. وكل الأشياء هو هذا الشيء الذي يريدون.. يحملون كـُتبهم وكـَراريسهم، التي ليس فيها غير حروف الأبجدية العربية قبل إلتصاقها، وقبل أن تصبح كلمات وجـُمل مفهومة وناصعة...

الوجوه الصباحية الصغيرة، الحلوة المـُطلة من الشبابيك، سنعود نراها كل صباح... وعند العودة الى البيوت.. سوف نسمع بعض الغناء والأناشيد، ونرى بعض الدهشة الطفولية المطلة على العالم تراه عدة مرات، وتريد أن تفهمه أكثر وأكثر.. أنهم يتعلمون كي يعلموا أهل الزمان القادم، رحلة الذات مع الموضوع وحجم الموضوع في خلايا الذات...

إنه اليوم الأجمل لأطفالنا الذين قيل لهم... هيا إلى المدرسة .. فلبوا تماماً، مثلما سيـُقال لهم في السنوات القادمة.. هيا إلى الشهادة والعـَمل.. يا لها من مـُتعة وأنا أشاهدهم مع بداية كل عام دراسي جديد أولئلك الصغار الذين نعلمهم كي يكون الغد غدهم، والنهار لهم، وعناقيد العنب كلها من أملاك يمينهم وأيديهم...

سيمضي كل صغير إلى صفه، بعد قبلة حنونة عند باب البيت.. والوصايا العشر التي تتلوها الأمهات.. سيرددون أسماؤهم ليتعرفوا على زملاء جـُدد، هي قوة سحرية، تدفعهم للتصادق خلال دقائق.. أطفال يبدأون من أول السلم، وضعوا الِرجل الأولى، وهم لا يعرفون شيئاً عن التواصل.. والتواصل،، من أجل الوصول..

هذه هي الرحلة الأولى.. نقطة البدء لرؤية حال الدنيا.. ومـَن وما عليها.. وسيسمعون ويشمون ويتلمسون الجوانب المحيطة ما فوق أقدامهم وما تحتها،، وما فوق رؤوسهم..

بدأت قصة الحياة معهم اليوم.. وبدأت أحلام العصافير في كل يوم، وساعاته ودقائقه، إنطلقوا .. برؤوسكم الصغيرة.. وآمالكم.. فربما .. الخير كله نجده من خلالكم...

 

mahasen1@ayamm.org



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات