البائسون


إذا تأمل المتأملون ، وتفكر المفكرون ، ونقّب المنقّبون ، وبحث الباحثون ، في حقيقة واقعنا الحاضرة ، وجدوا كلّ شخص فينا يمتلئ بؤسا ، فلقد – والله – رمتنا الأيام عن قوس الفوادح والرزء والخطوب ، وها نحن ما زلنا نرزح تحت وطأة ليت ولعلّ ، بل أنفقنا العمر بين متى وإلى أين ، يصابر منّا الأعزّ الأذل ،أعلل النفس بالآمال أرقبها ................... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

حتى تداعت أركان بنيتنا النفسية ، فظهر ما يعتلج نفوسنا وما يختلج دواخلنا على مرآة وجوهنا ، فطبعته بميسم البؤس ، وماذا لعمري أنشر وأبسط و أذكر ، و في وضح الضحى غنى عن تبيانه ، وكفاية من إظهاره وإعلانه ، ويكفيك من البؤساء رؤية حالهم ، ومن الأشقياء سماع آهاتهم ، ومن التعساء نبأ مقالهم ، إيه أيها الأحرار، أما آن الأوان ، لهذا الشعب المقهور والمأزوم أن يثب من كبوته ، ويهبّ من ضجعته ، بعد تطاول الزمن وترادف الأحقاب ، ويعمل على خدمة الحق ، ولو كره المنافقون .
أجل أيها السادة ، لقد انتشرت لوثة الفساد ، فطالت العباد والبلاد ، وتنكرت وجوه الحق ، فاختلط المرعى بالهمل ، والخائر بالزبد ، فأصبحت الساحة تعج بأنواع المهالك والمعاطب ، والمحن والنوائب ، والوبال والنكال ، وأصبحنا مثلا من الأمثال ، ظلم فادح وبغي فاضح ، ملأوها جورا ، فتدفقت بغيا وفجورا ، وظنوا أنهم بالغون الأرب ، ونسوا أن للعباد رَبّا ، فصالوا وجالوا ، حتى أكلوا الأخضر واليابس ، فأصبحت كهشيم المحتضر.
مهلا رويْدا ، إنّ للباطل جولة ، ثم تضمحل ، وإنّ للمفسدين دولة ثم تدول ، فلسنا ولعمر الحق ، نبالي بما يأفك الأفاكون ، فستنقشع الظلمة ، وستظهر الغياهب ، وتنكشف السجوف ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون . فتلك قصورهم ، وهذه قبورهم .
( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )
أيها السادة الكرام ، إنّي استحلف الأحرار العقلاء , اللهَ وآياته ورسلَه ، أن يخبروني عن خيْر واحد قدمته الحكومة لهذا الشعب أو لهذا الوطن ، أعطوني ولو مقدار معشار أو مقدر فتيلة ، هل يوجد غير ارتفاع الأسعار ؟ وهل يوجد غير الضرائب المتلاحقة : ضريبة تتلوها ضريبة ، وهل يوجد غير ازدياد العاطلين عن العمل ؟ وهل يوجد غير ازدياد الفقر ؟ وهل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ثم تتحدث الحكومة بكل جرأة ، إنّ ما تقوم به هو خدمة للأجيال القادمة ، ولعمري إنّ العار كل العار ، بما تتشدق به الحكومة ، إذ هي تتهم أبناء هذا الوطن بالغباء ، بالله عليكم ، حدثوني وأقنعوني كيف يكون ما تقوم به الحكومة خدمة للأجيال القادمة ؟ إنه قول مفترى ، وبهتان صريح ، لقد زعمت الحكومة أنها هي المخلصة وحدها ، دون سائر أبنا هذا الوطن ، ولم تتق الله في شرف الوطن عند نفسها ولا خارج الوطن .
أيها الأحرار ، إن استمر الأمر على ما هو عليه الآن ، فسوف نحاسب على الرغيف الذي بين أيدينا ، بل اللقمة التي في فمنا ، حتى يلقى الرجل منا أخاه ، فيقول : (انج سعد فقد هلك سعيد )، نعم لقد تبين الرشد من الغي ، والهدى من الضلال ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، والله بما تعملون خبير. حمى الله الأردن وعاش الملك .




تعليقات القراء

كاتب
ياجراسا والله ثقافتنا على قد حالها كرهتونا بالمقالات قاموس ماعندنا والاخ بالظاهر يابنقش يلاستاذ مدرسة
06-09-2010 05:51 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات