مفهوم المعارضة في الاردن


ان وجود او عدم وجود المعارضة والإقرار بشرعيتها يعتمد على طبيعة الحكم ففي أنظمة الحكم التي تتبنى أيدلوجيا معينة. فإن تلك الايديولوجيا عادة ما تدعي الصواب ولا تقبل المعارضة لها. وفي هذه الحالة فإن المعارضة قد لا تكون موجودة في الصورة الظاهرة للعيان. وإنما قد تنزل تحت الأرض، وتتبنى معارضة الحكم ككل وتشكك في شرعيته، وأما النوع الآخر من المعارضة فتلك المعارضة التي قد تتشكل في أنظمة الحكم التي تنتهج أسلوب الحزب القائد .وهنا أيضاً فإن المعارضة التي تنشأ في ظل الحزب القائد تكون معارضة سرية أو علنية والمعارضة العلنية عادة ما تكون ضعيفة ومهمشة والهدف منها أن تعمل ديكوراً سياسياً للحكم. ولا يكون لها أي تأثير في الرقابة والتدقيق أو النقد أو إمكانية المساءلة أو القدرة على الإصلاح والتصحيح.

وأما النوع الآخر من الحكم والمعارضة فهو أسلوب الحكم الديموقراطي المستند على التعددية السياسية والذي يتم فيه توزيع الأدوار وتداول السلطة سلمياً من خلال صناديق الاقتراع، وبالتالي فإن من يحدد من يكون في سدة الحكم أو في المعارضة هو صوت الناخب وليس الايديولوجيا التي يتحدد بموجبها صفة الحاكم.

إن المفهوم الديمقراطي للحكم يعمل على تأطير الشعب ضمن عدد من الأحزاب الفاعلة التي تستطيع أن تصل إلى البرلمان وتتمكن من تشكيل الحكومة. في حين أن الأحزاب الأخرى التي تمثل الأقلية تصبح في موقع المعارضة لمنهجية الحكومة.

والان اذا انتقلنا الى حالة الاردن فلا يوجد حزب حاكم لدينا كما ان الدستور لايسمح بذالك حتى تكون هناك معارضه للحكومه من قبل احزاب اخرى وانما نص الدستور الاردني على ان تعيين الحكومه هو من اختصاص الملك وهذه الحكومه عليها ان ترجع الي مجلس النواب الذي يمثل الشعب والذي لديه صلاحية منح الثقه او حجبها عن الحكومه كنوع من التوازن ما بين السلطات ويقوم مجلس النواب بدور الرقابه والمساءله للحكومه وهذا بحد ذاته احدى ادوات الرقابه التي تقوم بها المعارضه في الانظمه الديموقراطيه ، وعليه ماذا يمكن ان نسمي القوى التي تطلق على نفسها قوى المعارضه في هذه الحاله، وهذه القوى لايوجد لديها قاسم مشترك او برنامج واحد متفق عليه وانما هي خليط عجيب جمع الاسلاميين مع بعض اليساريين والقوميين والبعثيين وبعض العسكر وعدد من السياسيين الذين انتهى دورهم ويريدون ان يبقوا في الساحه وحتى اللحد ، ان ازاحة الحكومه لاينتج عنه تلقائيا ان ياتي الحزب المعارض الى الحكم ولكن قد تتاح الفرصه لبعض النخب الطامحه ان تصل الى الكرسي ثانية وربما هذا حق مشروع لهم اذا جاء بطريقه مشروعه وهنا اذا ما نظرنا الى الوسائل الى تنتهجها المعارضه هي وسائل غير ديموقراطيه ففي اللحظه التي تدعو هذه القوى الى العصيان المدني والاضرابات والدعوه الى تعطيل حق دستوري للمواطن من خلال مقاطعة الانتخابات، كان من الواجب عليها ان تشارك بقوه في الانتخابات وتصل الى البرلمان وان تفرض رأيها وبرنامجها من خلال مجلس النواب فلا يوجد معارضه فاعله في اي دوله في العالم تقاطع النتخابات لانها بذالك تهمش راي قواعدها الا اذا كانت هذه القوى لا قواعد حقيقيه لها ولا تريد من الانتخابات ان تكشف حجمها الحقيقي فتلجأ الى هذا الخيار السهل وتقدم الذرائع المضلله لذالك، ان قدراً لا بأس به من المعارضة الأردنية الموجه نحو الحكومه هو هو في شكله ومضمونه هو معارضه للنظام وان غلف احيانا بعبارات الولاء للنظام كتكتيك اصبح متبعا في هذه الايام ، على اى معارضه ان تعمل دوما تحت سقف الدستور ، ان جزءا كبيرا من طروحات هذه المجاميع مناقض للدستور وان دسترة او قوننة فك الارتباط الذي تطرحه بعض القوى وتعارضه قوى اخرى لها حجمها في الشارع الاردني يحتاج بحد ذاته الى وجود مجلس نواب منتخب وان تمركافة الاجرآات في مسارها الدستوري الصحيح وان هذا الامر لايحل من خلال خلق حاله من الفوضى في الشارع الاردني ولا ياتي من خلال مقاطعة الانتخابات وانما من خلال المشاركه وبقوه وهنا يجدر الاشاره انه على الرغم من مرور سنوات عديدة على الانفراج الديمقراطي، فان ما تسمي نفسها بقوي المعارضه لازالت تعمل وبنفس الأسلوب الذي كانت تعمل به في السابق، وأن أخذت الطابع العلني، وهذه المعارضة كان يغلب عليها صفة المعارضة السياسية للنظام والمستندة على قوالب الفكرية والسياسية لمسبقة الصنع، أو التي يوحى بها من مرجعيات مختلفة في الخارج . إنه مما يثير الانتباه أن طبقة المعارضة لم تتغير كثيراً أو أنها لم تغير من وسائلها لتتلاءم مع طبيعة المرحلة الديمقراطية، فما زال الطابع الغالب على المعارضة هو الطابع السياسي المجرد ولم تكلف نفسها البحث في البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي تنسجم مع حاجات الشعب.

انه من البديهي في الأنظمة الديمقراطية أن يكون التنافس حول كيفية الحكم وليس على الحكم نفسه وعليه فإن الحكومة والمعارضة يجب أن تتنافس حول الأسلوب الأمثل لخدمة الوطن، لأن الحكومة والمعارضة تستمد كل منهما شرعيتهما من مصدر واحد وهو الدستور وهذا يفرض على المعارضة أن تعمل ضمن خطة منطقية ومنسقة وموازية لخطط الحكومة ومعتمدة على تقدير واقعي وحقيقي لإمكانات الدولة السياسية والاقتصادية ومدركة للتحديات المفروضة والمتغيرات الإقليمية والدولية المؤثرة عليها. وهذا لايمكن ان يتوفر حاليا الامن خلال المشاركه في البرلمان وهو المنفذ الوحيد الذي يوفره الدستور وبعكس ذلك فإن دور المعارضة تكون أقرب إلى المزايدة منه إلى العمل الايجابي البناء لذلك يجب إرساء تقاليد راسخة تتعزز مع مرور الزمن حول تحديد أدوار كل من الحكومة والمعارضة بحيث يكون لكل واحد منهما دوره المعرف دستوريا الذي لا يخرج عنه وضمن تقدير صحيح للمصلحة العليا للدولة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات