التربية والتثقيف .. خير من اللهو والتخويف


لا شكّ ان تربية الأطفال وتعليمهم هي اهم محاور التنمية المستدامة لأي دولة ولأي مجتمع حيث ان هؤلاء الأطفال هم شباب الغد وقادة المجتمع مستقبلا وهم من سيصنعون الغد المشرق لأوطانهم ويضعوه في مصاف الدول المتقدِّمة فلذلك تتم المرحلة الدراسية لمدّة احدى عشر سنة ام إثنى عشر سنة للطلبة بشكل مريح حسب الخطط التعليمية والتربوية طويلة الأمد بينما في بلادنا المتأخرة تكون السنة الدراسية الأخيرة هي الكابوس الذي يلاحق الطلبة واهاليهم طول العام وتكون نتيجة الإمتحان تحديدا لمصير الطالب ويلجأ الكثير من الأهالي تسجيل ابنائهم وبناتهم للدراسة حسب المناهج الأجنبية وتقديم الإمتحانات حسب تلك المناهج وبعضهم بلغات غير عربيّة ويعتقد هؤلاء الأهل بان تعليم المدارس وخاصّة الحكومية منها عبارة عن لهو في مراحلها الأولى وتخويف من التوجيهي في مراحلها الأخيرة بينما المناهج الأجنبية كلها تربية وتثقيف .

وقد دأبت دول العالم الثالث على ربط التربية بظروف زمانيّة ومكانيّة وكذلك ربط التعليم بتغيُّرات سياسيّة وفكريّة ويكون الطالب منذ صغره عرضة لتشريعات وبرامج وخطط قد لا تناسب اعمار الطلاب وإبداعاتهم وامانيهم وفي السنة الدراسية النهائية يقع الطالب واهله في حيرة من امره ولا يعرف اين يذهب لأي جامعة واي بلد واي كلية والجميع يرغب باختيار مهن تعطي والده السمعة وتدرُّ عليه مالا وفيرا لذلك يفضلون الطب والصيدلة والهندسة والمحاماة وغيرها ولكن قد يواجه صعوبة تحصيل تلك الخيارات واحيانا يكون التفكير في الخارج مكلفا لرب البيت وليس بإستطاعته توفير المال اللازم والكافي وحتى لو استطاع فقير الحال توفير المال فإن المشكلة صعوبة توفير فرصة عمل لإبنه بعد التخرُّج .

وقد رُبط التعليم في العقود الأخيرة بما اصطلح عليه إقتصاد المعرفة والبنك الدولي الذي يشارك ويشجع في عملية التحول هذه بات يصدر مؤشرا منذ مدّة طويلة يتعلق بتطور اقتصاد المعرفة وبعض المؤشرات الرئيسية التي يمكن الاعتماد عليها لقياس ذلك المؤشر، وفي تقرير له متذ سنوات والمعنون (آخر المستجدات في المملكة الاردنية الهاشمية) ، فان الاردن حقق بناء على هذا المؤشر 3.52 نقطة ، وهو ما يعتبر موقعا وسطا بين دول العالم حيث ان الدول الصناعية مثلا حققت حوالي 7 نقاط على ذات المؤشر .

والبيانات التي يوفرها التقرير كانت تشير الى تناقض فيما يتعلق بالحالة الاردنية، او بالاصح تشير الى خلل ما ، ففي حين ان مؤشرات النظام الاقتصادي والمؤسسي تشير الى نسب نمو مرتفعة في الناتج المحلي حينها والى موقع منسجم مع دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا فيما يتعلق بمؤشر التنمية البشرية وتحرير سياسات التجارة الخارجية ، الا ان ذلك لا ينعكس على مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصال التي يتراجع فيها الاردن عن دول المنطقة، ومما يزيد الامر غموضا كان تفوق الاردن في مجالي التدريب والتعليم على دول الشرق الاوسط وشمالي افريقيا بنسب عالية، اذ بلغ معدل التعليم بين البالغين حوالي 89% قياسا بـ 70% لدول المنطقة ومعدل 84% للعالم، كذلك الامر بالنسبة للملتحقين في التعليم الثانوي او الجامعي .

اما في مجال تكنولوجيا المعلومات فكانت المؤشرات ليست في صالح الاردن، حيث ان عدد خطوط الهاتف واجهزة الكمبيوتر والانترنت المركزي لكل 1000 شخص تقل عن المستويات الاقليمية والعالمية. ومن الواضح ان هناك جهودا تبذل وسياسات تتبع لتسريع الالتحاق بركب الاقتصاد الجديد، الا ان هذا يتطلب بنية تحتية مهيئة لاستيعاب المزيد من الطلب على خدمات الاتصال وهو الامر المتوقع حدوثه مع مرور الزمن، كذلك من الواضح ان مخرجات النظام التعليمي لا تصب باتجاه التحول المرغوب في الاقتصاد رغم الحديث عن الاف الطلبة الذين يدرسون اقتصاد الاتصالات وهندسة الحاسوب، الا ان التركيز يجب ان ينصب على نوعية التعليم ومخرجاته بدلا من التباهي بعدد الخريجين الذين اذا لم ينضموا الى سوق العمل فانهم يصبحون عبئا ولا يشكلون اي قيمة مضافة للاقتصاد .

وقد مرّت على الحكومات الأردنبة ما لا يقل عن تشكيل مائة وخمس وزارات تربية وتعليم ومعارف منذ تأسيس المملكة وبعض الوزراء لم بمكثوا سوى اشهر قليلة ومنها حوالي ثلاثة عشر وزيرا فقط خلال العشرين سنة الأخيرة فكيف يمكن بناء خطط تعليمية وبناء اجيال نواكب التطور العلمي في العالم .

كما مرّ على الأردنيين واحد وعشرون وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي منذ تأسيس الوزارة عام 1985 منهم حوالي اثتى عشر وزيرا خلال العشرين سنة الماضية فكيف يتمكن هؤلاء الوزراء من وضع خطط لتتلائم المساقات التعليمية مع الإحتياجات العملية للسوق الأردني وعليه نرى عدم نجاح التحول نحو اقتصاد المعرفة كما لم نلبي حاجة سوق العمل وبالتالي حصول تراجع في مستوى التعليم وزيادة في البطالة وتقليل الطلب على العاملين الأردنيين الحاصلين على شهادات تعليمية خاصة من الجامعات الأردنية وليس غريبا ان تطلب كل من قطر والكويت إعادة إعتماد الجامعات الأردنية لديها بالرغم من البيان الرسمي الأردني ان ذلك الطلب جاء لإعادة توزيع طلبة الدولتين الدارسين في الجامعات الأردنية المختلفة (حكومية وخاصّة).

ولا يتعلق الأمر بتشريعات لم توضع و بخطط لم ترى النور وانما لها علاقة ببعض الوزراء فمنهم اشخاص ليسوا اكفاء بالإدارة او لا يستطيعون العمل بروح الفريق الواحد وانما متمسكون بالغرور والعمل الفردي وفقط يريدون الشهرة والسمعة الشخصية والمناصب الرفيعة .

وعليه فإن منظومة التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي بحاجة الى إعادة دراسة وإصلاح على المستوى الوطني منذ الحضانات والروضة حتى اعلى الشهادات العليا وربطها بحاج السوق المحلّي والإقليمي والعالمي .

اللهم هيّئ لبلدنا مستشارون اكفاء يسهرون على حب الوطن وراحة وتربية وتعليم ابنائه وابعد أي سوء عن ارضنا وشعبنا وقيادتنا .

ambanr@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات