رب ضارة نافعة .. جامعاتنا ستعبر المأزق


ما یزال نظامنا الجامعي، رغم الانتكاسة القویة التي تعرض لھا، من الافضل على مستوى الاقلیم والافضل عربیا. ھذا لا یعني عدم وجود جامعات عربیة تحوي تخصصات افضل من تلك التي في جامعاتنا. لكن، بنظرة شمولیة على مستوى وطني، یحقق نظامنا الجامعي بالمتوسط تفوقا متمیزا، ویعلم الاشقاء في الخلیج ان من یرید من ابنائھم التعلم یذھب للأردن، أما من ابتغى غیر ذلك فوجھات اخرى تتفوق على الأردن.

الانتكاسة الاخیرة یجب ان توضع ضمن اطارھا الصحیح والدقیق، ففي ذات الوقت الذي تراجع فیھ اداء جامعتین تدریسیا وبشكل صاعق، بقي اضعاف ذلك العدد من الجامعات التي تحظى بمصداقیة علمیة وتدریسیة محترمة. تكدس طلبة دول شقیقة بجامعات بعینھا بسبب مرونتھا وانفلات العملیة التدریسیة بھا كان خطأ جسیما یجب ان یتحمل مسؤولیتھ المقصرون، وستأتي لجان من تلك الدول للتحقق من الامر وستدفع تلك الجامعات ثمن ذلك الانفلات، لكن بقیة الجامعات لا یجب ان تؤخذ بجریرتھا.

تعاني بعض جامعاتنا من تحدیات مالیة واداریة كبیرة، اسبابھا في الغالب ذاتیة. ترھل اداري ومالي جعل نفقاتھا الجاریة تفوق موازناتھا، وبعضھا بالكاد یستطیع دفع الرواتب، وھي ما تزال تدار بعقلیة الریعیة ان على الخزینة تقدیم الدعم في عصر اصبحت الجامعات وابحاثھا ومنتجھا التدریسي رافدا لخزائن الدول ولیس العكس. لمواجھة ھذه التحدیات نجحت بعض الجامعات بالتوسع بالاستثمار وزیادة الدخل، وجلب المنح والبرامج الدولیة المدرة للدخل. اخفقت اخرى بذلك، واعتمدت حصرا على التوسع ببرامج التعلیم الخاص وغضت الطرف عن سیاسات القبول والتدریس التي تحفظ للجامعات ھیبتھا وسمعتھا.

الحال اسوأ بكثیر في بعض الجامعات الخاصة حیث تطغى الربحیة والمال على القرار الاكادیمي والاداري وبطریقة تسيء للتعلیم الجامعي. ھذه لیست ظاھرة اردنیة بل عالمیة، دول تمیزت تاریخیا بجودة تعلیمھا تشھد تغولا للمال والربح على التعلیم وجودتھ، منھا الولایات المتحدة وبریطانیا بلاد ھارفرد واكسفورد، والتي بھا مئات من الجامعات اسوأ من جامعاتنا التي تعرضت لانتكاسة مؤخرا. الحال كذلك ببعض دول الخلیج التي تنافس جامعاتھا الخاصة جامعاتنا على جذب الطلبة.

لدینا ثلاثون جامعة بالأردن ما بین الرسمیة والخاصة، منھا ما ھو متمیز ویحظى بسمعة عالمیة ونسبة تشغیل خریجیھا تقترب من 95 ،% ولدینا ایضا جامعات ضعیفة واخرى تغول الربح علیھا. لذلك دخلنا منذ مدة مرحلة الفرز النوعي للجید من جامعاتنا، وبالفعل تتسابق الشركات والقطاعات الموظفة على خریجي بعض التخصصات من جامعات متمیزة. ھذا یرتب تحدیا على الجامعات الاخرى الاضعف لتتنافس لتقدیم افضل ما عندھا، وتبني دروعا حول مصداقیتھا التدریسیة والبحثیة، وتنأى عن اسالیب ادرار الدخل التي لا تلیق بجامعاتنا وبالقامات العلمیة الموجودة بھا. الرقابة النوعیة لمخرجات الجامعات جزء من الحل، لكن الاھم قدرة الجامعات على اثبات نفسھا من خلال جودة خریجیھا ومنتجھا العلمي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات