الرحيل


لم أكن أعرف حينها أنه سيأتي اليوم الذي نقول فيه إننا راحلون , لقد كانت فرحتنا كبيرة عندما كنا نفتح أعيننا في الصباح الباكر و ضوء الشمس يخترق أعيننا يبشرنا بفجر نهار جديد شقته السماء من بين ظلمة حالكة لنقول بأنه أمل يوم جديد ملؤه جمال طبيعة مرسومة بألوانها الخلابة , نصحو حينها من نومنا و نبدأ نهارنا ما بين العمل و الأمل حتى جعلنا منك يا فلسطين جنة الله على الأرض أراضيك الجميلة المزروعة بكافة الأصناف التي خلقها الله و نسقيها من مياه أرضك يا فلسطين.

لم أكن أعرف حينها أننا بعد ذلك سوف نسقيك بدماء شهداءنا و زرعنا أراضيك و لم أدرك أن هناك من سوف يأتي و يقتلع أشجارك , و الكثير منا من بنى لنفسه بيتا حيث قال أن فلسطين بلدنا و لم ندرك حينها أننا سوف نرحل عنك يا فلسطين ماشين على الأقدام و تنهكنا رحلتنا و لكنه ما بين جهل و ضعف و خيانة تركناك يا فلسطين و لم نكن نعرف حينها أن رحيلنا سوف يثير قضايا هامة مثل الوطن البديل و بضعفنا رسخنا الكثير من المفاهيم ما بين الاستيطان و التهويد.

لقد أصبح اليهود يبنون المستوطنات و تهجير أهلها و لم أكن أدرك أنهم يريدونها أرضا بلا شعب , و كانت رحلتنا طويلة و مشينا طريقا طولها ملئت جراح كل لاجئ بالأسى فقد وصلوا إلى بلاد اللجوء لبدء طريق جديد و بعدها أدركوا أن هذا مخطط استعماري للسيطرة و استيطانك يا فلسطين , و مضت سنوات و سنوات طويلة و نحن نذكرك يا فلسطين و رغم بلد اللجوء إلا أننا نقول عند سؤال لنا عن بلدنا بأننا فلسطينيون .

زرعنا هنا في مخيمات للاجئين و عقلنا يصب في دائرة أننا منك يا فلسطين و رحلتنا في بلد اللجوء طويلة بقدر ما مشينا منك يا فلسطين في طريق لم نكن نجد في طريقنا ولا حتى قطرة ماء , فهي رحلة ملؤها شقاء فتحت في أنفسنا عزيمة بقدر رحلة الرحيل الشاقة و لم ندرك حينها أن عمرنا الذي سوف نقضيه في بلد الرحيل نرى صورك فنعرف أنك فلسطين بعضنا جاء من يافا و البعض الآخر من حيفا و آخرين من اللد و من رام الله و من القدس من كل بلد و قرية منك يا فلسطين و لكن بقي البعض الذي فتح بعدها رحلة مقاومة فقدنا فيه الكثير من أبناءنا الذين ضحوا بأنفسهم لأجلك يا فلسطين و لكننا لم نكن نعرف بأن فلسطين ستغطى بدماء الشهداء و تحرق قلوب الأمهات .

بلد عربي أصيل أساسه التاريخ و الحضارة التي ذكرت في أمهات الكتب , و مقدسات تركناها في حماية الرحمن و لم ندرك المخطط أن يتم عن طريقه الاعتداء على المقدسات تركناك عربية أصيلة و لم نعرف أنه سيفرض مفاهيم تهويد تريد قتل أصالة اللغة العربية و لكن كيف ذلك و أنت لغة القرآن , التي زرعت حضارة عربية إسلامية في المكان , تركناك و عددنا كبير و لم ندرك بأن رحلة الرحيل مخطط له منذ سنوات , فهم يريدونها أرضا بلا شعب كيف ذلك و نحن في بلد اللجوء نقول أننا من فلسطين , رحلتنا رحلة أجساد مشت على الأرض حيث تركنا فكرنا و عقلنا هناك و رسخنا مفاهيم بأن فلسطين بلدنا و لن نرضى بالبديل , و مضينا في طريقنا و لكن رغم الشقاء فإننا من فلسطين .

manalalamiri@yahoo.com




تعليقات القراء

إيناس
عندما يبتسم المخيم...تعبس المدن الكبرى..!!


..فلسطين هوية عصرنا.. الأبدية
03-09-2010 03:36 PM
ابو المؤمن
انتظري صدور كتابي الجديد :: مهازل الزمان في خزعبلات القرعان
03-09-2010 06:25 PM
رحيل
دائما نحن راحلون مهما استقر بنا اي مكان
نرحل دائما من اجمل المدن الى غيرها .... نرحل من بيوتنا الدافئة الى غيرها
نرحل من قلوبنا لقلوب غيرنا ونعود من جديد للرحيل

لا نعرف الاستقرار رغم اننا نسعى اليه دائما
نحن كالطيور لا تستقر ع شجرة واحدة ولا سماء واحدة ولا تضع اقامها ع ارض واحدة

رحيل

من منفى الى منفى ......
من غربه الى غربة اخى اشد قساوة

سنعود .... اشك
03-09-2010 08:20 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات