عن دور المرأة .. كلام مختلف .. !!!


لفتت الانتباه الصورة التذكارية التي تم إلتقاطها لزوجات زعماء الدول الصناعية العشرين التي عقدت في مدينة اوساكا في اليابان أواخر الشهر الماضي، حيث ظهر رجل وحيد في أقصى الصورة على إستحياء مع ثماني عشرة إمرأة، وتساءل الجميع وقتها عن هوية هذا الرجل، والذي لم يكن سوى زوج إحدى الزعيمتين المشاركتين في القمة أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا أو تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا.

كثيرون وأنا منهم لم يتملكهم الفضول لمعرفة هوية الرجل المحظوظ في الصورة (هل هو محظوظ فعلا...؟؟!!!)، بقدر ما إستوقفتهم نسبة النساء بين قادة الدول المشاركة في القمة والتي بلغت إثنتين من عشرين أي ما يعادل (10%) فقط، وهي نسبة تثير التساؤل والإستغراب معاً خاصة وأن الغالبية العظمى من الدول المشاركة هي دول صناعية كبرى حصلت فيها النساء على الحقوق الكاملة التي يتمتع بها الرجل، وتحررت فيها النساء من كافة القيود والمحددات التي كانت تعترض إنخراط المرأة الكامل في التعليم والعمل والحياة العامة وصولاً إلى المساواة الكاملة مع الرجل، لماذا كافة قادة الجيوش في الدول الغربية المتقدمة من الرجال، قد يقول قائل هذه مهام شاقة وإستثنائية ولا تناسب النساء، ماذا إذن عن مصممي الأزياء النسائية وخبراء التجميل ومصففي الشعر وأطباء النسائية والتوليد ومدربي الرقص والرياضات النسائية ناهيك عن مجالات الشعر والادب والموسيقى لماذا يتسيدها الرجال دائماً في الدول الغربية المتقدمة وفي كافة دول العالم، هل ما زالت النساء في أوروبا وأمريكا وكندا واليابان بحاجة إلى المزيد من النضال والكفاح حتى يحققن المساواة الكاملة، لماذا تم إعتبار وصول حوالي (100) إمراة الى عضوية الكنجرس الأمريكي في أحدث أنتخابات جرت إنجازاً غير مسبوق في دولة الحرية والمساواة الكاملة، بالرغم من أن ذلك يشكل نسبة تعادل (25%) فقط من الأعضاء، لماذا لم تنجح حتى إمرأة واحدة في الوصول إلى رئاسة الولايات المتحدة الامريكية معقل الديموقراطية في العالم ..... تساؤلات كثيرة مشابهة وذات صلة لا يتسع المقام ولا المقال لذكرها....

قبل ان أستطرد في هذا المقال ومنعاً لأي لبس أو سوء فهم، أؤكد أنني مع أوسع مشاركة ممكنة للمرأة في العمل والحياة العامة، ولكن وفق الضوابط والمحددات التي تفرضها طبيعة المرأة وإمكانياتها المادية والروحية والعاطفية، إن التمايز بين الرجل والمرأة قد فرض أدواراً ومهام مختلفة لكل منهما حتى تستمر الحياة ويعمر الكون، ولكن ذلك لم يرتب أفضلية لأي منهما على الآخر "فكل ميسر لما خلق له"، لن نتحدث عن الادوار البيولوجية التي حددتها الطبيعة لكل منهما، فلا تنافس البتة بينهما في هذا المجال، أما في مجال الأدوار الأسرية والإجتماعية، فقد إستأثرت المرأة بالنصيب الاكبر منها، مما يترك لها في مراحل عمرية معينة وقتاً وحيزاً زمنياً أقل من الرجل للمشاركة في العمل والحياة العامة، هل يسعف الوقت المتاح والظروف المحيطة أمرأة لها عدة أطفال صغار أن تقود حزباً سياسياً يخوض نضالاً وكفاحاً ما لتحقيق هدف أو رؤية معينة، هل الطبيعة والتكوين العاطفي للمرأة ينسجم مع مهن وأدوار تتطلب مستويات مرتفعة من تحييد للعاطفة والمشاعر"الرقيقة"، ونحن هنا نتحدث عن جنس النساء بالعموم، فظهور إمراة حديدية واحدة كمرجريت تاتشر أو قائدة ملهمة كأنديرا غاندي أو محاربة شجاعة كخولة بنت الأزور بين المئات بل الآلاف من القادة والمتميزين الرجال لا يكفي لإثبات قواعد وأسس معينة لمشاركة المرأة في هذا المجال أو ذاك....

تدفعنا التساؤلات الآنفة الذكر لطرح تساؤلات آخرى تتعلق بالدرجات المطلوبة والمثلى لمشاركة المرأة في العمل والحياة العامة، ونتساءل هنا على الصعيد المحلي هل مشاركة خمسة أو ستة نساء في الحكومة من أصل ثلاثين وزيراً يمثل مستوى مقبولا من المشاركة النسائية في الحكومة، لماذا الإصرار على وجود مثل هذا العدد من النساء في الحكومة بحيث أصبح ذلك واحداً من أسس المحاصصة التي تحكم تشكيل الحكومات في الأردن، ينبغي ان تكون الكفاية والكفاءة هي المعيار الذي يحكم إخيتار الأشخاص لمثل هذه المواقع بصرف النظر عن النوع الجندري، فلا مشكلة أن يكون نصف الوزراء او أكثر من النساء إن تحقق ذلك المعيار، ولا ضير أيضا أن تخلو الحكومة من النساء إن تعذر في مرحلة ما وجود من يحققن متطلبات المنصب، أما التشبث بتوزير النساء لانهن نساء أو تخصيص "كوتا نسائية" في مجلس النواب من "باب التمييز الإيجابي" فلا يحقق مصلحة ولا يخدم قضية.

تقتضي العدالة والإنصاف ان تفتح الأبواب مشرعة لمشاركة المرأة في العمل والحياة العامة على أسس من القدرة والكفاءة، دون محاباة أو تمييز، ودون العمل على أقحام المرأة في مناصب ومهام لا تناسبها او لا تتفق مع إمكانياتها ومؤهلاتها، فقط لإظهار ان البلد يتقدم في مجال زيادة مشاركة المرأة، دون أن يكون لذلك قيمة مضافة حقيقية على أرض الواقع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات