جريمة نفق سلوان .. أمريكا شريك ومتدخل ومحرض


في ظل إجراءات أمنية مشددة وإغلاق كامل للبلدة وبحضور سارة نتنياهو زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي وعدد من قادة اليمين المتطرف وغلاة رجال الدين اليهودي شارك كل من السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان والمبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جيسون غرينبلات بمراسم افتتاح نفق جنوب المسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة " درب الحجاج " بدعوة من جمعية "جلعاد" الصهيونية الاستيطانية المتخصصة بتوسيع رقعة الاستيطان في القدس المحتلة وتحديدا في ضاحية سلوان والبلدة العتيقة حيث استولت على الأملاك الفلسطينية في القدس وتدير نحو 70 بؤرة استيطانية في بلدة سلوان .

فريدمان وغرينبلات صهيونيان يمثلان عتاة المستوطنين وقد اثبتا بمشاركتهما الحماسية العالية بأن المشروع الأمريكي للسلام برمته هو مشروع استيطاني بحت خاصة بعد تحولهما إلى مندوبي تسويق وموظفي علاقات عامة في حملة الجذب السياحي التهويدية الصهيونية القائمة على الخرافات والأساطير ومحاولات اليهود اختراع تاريخ مزيف للهيمنة على القدس العربية وخلال مراسم الافتتاح قال فريدمان بزهو وغرور إن تدشين هذا الطريق اليوم يشكل الرد المناسب على كل من انتقد قرار الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ( اعترف ترامب في 6 كانون الثاني 2017 بالقدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة موحدة لإسرائيل ) وقد سبق للرئيس الأمريكي كلينتون إثناء توليه المنصب أن شارك في حفل افتتاح إنفاق البلدة القديمة .

من شاهد السفير الأمريكي لدى إسرائيل المتصهين ديفيد فريدمان وهو يلوح بمطرقته الثقيلة في وجوه الفلسطينيين ويهدم الجدار الأخير أمام النفق الاستيطاني أسفل بلدة سلوان المحتلة باتجاه القصور الأموية وحائط البراق في البلدة القديمة من القدس يدرك تماماً بان هذه العصابة المتصهينة في الإدارة الأمريكية على رأسهم الرئيس ترامب وفريقه متفقون ومتآمرون تماما مع رؤية الاحتلال الصهيوني واليمين المتطرف وأن الإدارة الأمريكية أصبحت منحازة بشكل كامل للطموحات الإسرائيلية ولا يمكن التعويل عليها في أي مستقبل لمدينة القدس ولا في اي محاولة للعمل كوسيط في قضية القدس ومفاوضات السلام وقد حمل افتتاح النفق في طياته رسالة للسلطة الفلسطينية والعالم العربي والإسلامي مفادها ان القدس خرجت من مفاوضات المرحلة النهائية وهذا ما كرسه ترامب عملياً بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس في مرحلة سابقا .

ما يزيد مشهد العملية الاستعمارية القائمة قبحا ونذالة هو مشاركة ومباركة الولايات المتحدة بالحضور غير المسؤول والا مبرر والذي يعني في طياته إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بالتمادي في عملية الضم والتهويد للقدس والتأكيد على أنها غير قابلة للتقسيم باعتبارها أضحت عاصمة الدولة العبرية الأبدية كما وتعتبر المشاركة وفقا لقواعد وقرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للقدس نشاطا عدائيا ضد الفلسطينيين وانصهارا فاضحا في مخططات اليمين الحاكم في إسرائيل واستكمالا للقرارات المنحازة لدولة الاحتلال وبما يدلل على استمرار جهود الإدارة الأمريكية في تعزيز نظام الفصل العنصري ودعم المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة سعياً لإقامة إسرائيل الكبرى من خلال إثارة التوترات الدينية وتأجيج نيران الصراع والمواجهة وبما يشكل تهديدا كبيرا على السلام والأمن الدوليين .

وان مشاركة كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية في هذا النشاط الاستيطاني يشكل تواطؤا جنائيا وتدخل ومساهمة في جريمة حرب وتحريض لبعض المنظمات الصهيونية الإجرامية وللمستوطنين المتطرفين على الفلسطينيين في منطقة الحرم القدسي العربية والتي تعتبر بؤرة الصراع الأشد في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني في السنوات الأخيرة حيث تكثف إسرائيل أنشطتها لمحو هوية القدس وتهويد المدينة وما يعنيه ذلك من استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهذه الإجراءات اللاشرعية وبمشاركة أمريكية رسمية في العدوان على معالم مدينة القدس التاريخية والتراثية والدينية وبما لا يحقق السلام ويزيد من التوتر والاحتقان وما جرى هو استفزاز فض لمشاعر العرب والمسلمين كشف جلياً عن مدى الاستخفاف والاستهتار الأمريكي والإسرائيلي بكافة قرارات الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو ومقرارات القمم العربية والإسلامية .

ورغم ان تضامن طاقم ترامب مع اليمين " الأيديولوجي الإنجيلي " في إسرائيل غير جديد وغير مفاجئ وإن مشاركة السفير الأمريكي في إسرائيل دافيد فريدمان ومبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط جيسون غرينبلت في الافتتاح وظهورهما بالمطارق القذرة يؤكد بأنَّ هناك غطاء أمريكي واضح لكل ما يحصل من اعتداءات ضد المسجد الأقصى والفلسطينيين في القدس والأراضي المحتلة كافة .

وليس غريباً ولا جديدا أن تقوم إسرائيل بوقاحة بالغة بافتتاح نفق في حي وادي حلوة في سلوان جنوب المسجد الأقصى فهي لم تتوقف يوماً عن عمليات الحفر وسرقة ما تحت وما يحيط بالأقصى فهذا المكان الإسلامي المقدس كان وما زال هدفها وأساس استراتيجياتها الاستعمارية لهدمه وهذا النفق اليوم ليس أكثر من حلقة في سلسلة طويلة من الإجراءات الإسرائيلية الاستفزازية للمقدسيين والتي تحاول خلق فضاء يهودي تحت الأرض لتعويض الاحتلال عن فشله في السيطرة على ما فوق الأرض وهو جزء من خطة "شلم" التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية لتعزيز وجودها في منطقة الحوض المقدس بالبلدة القديمة في القدس عبر تنفيذ عشرات المشاريع السياحية والحفريات الأثرية في سلوان والبلدة القديمة .

منذ سنوات عدة لم تقف معاول الشر عن حفر الأنفاق أسفل المسجد الأقصى فقد بتنا أمام تهديد وجودي لا يقبل التقاعس أو المساومة لجريمة نكراء بشعة ومتجددة لهذا فإننا نوجه نداء استغاثة عاجل إلى الحاضر الإسلامي والعربي والفلسطيني وندعوهم أن يفيقوا من سباتهم إزاء ما تتعرض له المدينة المقدسة لنرتقي للمستوى المطلوب بالتحرك الفوري وقبل أن تتصاعد مخاطر الانهيارات في المسجد الأقصى المبارك والمباني المجاورة كما وقع في مدرسة القدس الأساسية للبنات التابعة لوكالة الغوث مؤخرا وذلك هو ما تخطط له دولة الاحتلال كخطوة تمهيدية لبناء الهيكل المزعوم على حساب المسجد الأقصى وأن هذه الأعمال التهويدية تجعل الإدارة الأميركية شريكًا مباشرًا في تقويض الدور الأردني في القدس وتهديد الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها وهي محاولة عملية لترجمة صفقة القرن .

وبينما ندين ونشجب افتتاح هذا النفق الآن فهناك ما هو أعظم واخطر قادم على المدينة وهو مشروع التيليفريك الذي سيعبر فوق سلوان مرورا إلى الطور في رحلات " توراتية " منظمة لتعريف السواح من السماء عن تلمودية المكان دون حاجة للاختلاط مع السكان الفلسطينيين اواستفزازهم .

نفق سلوان في الأساس هو قناة تصريف للمياه معطلة تحت الأرض كانت مخفية أسفل الشارع الرئيس للبلدة العتيقة وتم اكتشافه صدفة خلال عملية حفر وتنقيب قبل عدة سنوات ويمتد مسار النفق تحت المنازل الفلسطينية التي تشققت وأصبحت خطرة ومعرضة للانهيار بدءا من عين سلوان التاريخية التي تحولت إلى حديقة استيطانية في ضاحية سلوان ويلتف النفق أسفل سور البلدة القديمة من جهة باب المغاربة وينتهي عند أساسات حائط البراق الحائط الغربي للمسجد الأقصى عند الزاوية الجنوبية الغربية للحرم القدسي الشريف وهو طريق متدرج على عمق 15 مترا وبطول يمتد الى مسافة 600 متر ويدعي الصهاينة كذبا وزورا ضمن الترهات والخرافات التوراتية أنه كان نفقا في فترة الملك الرومي هيرودس والهيكل الثاني قبل نحو ألفي عام يستعمل درب للحجاج .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات