في غياب البرلمان, كثير من وزرائنا يطيلون اللسان!


هزلت, عليه الطلاء هزلت. كيف تستقيم الأمور أيها السيدات والسادة عندما لا يولى علينا أحسننا وأرحمنا وأتقانا؟ كيف تستقيم الأمور عندما يكونوا وزرائنا شتامين لعانين؟ وكيف تستقيم الأمور عندما يتعرض المواطن الى البهدلة والإهانة والتهديد, في مكاتب الوزراء ومن رأس الوزارة مباشرة دون رادع أو حد؟
معالي الوزير,
المواطن الأردني يا معالي الوزير, الذي يقصد مكتبك أو وزارتك بمطلب له أو لمجموعته, أو بهم له أو لزملاء مهنته وشركاء تعاسته, لم يطرق باب أهلك أو مضافة عشيرتك أو موائدك الرمضانية, ليشبع جوعه أو ليسد رمقه, أو ليشحت كرمك أو فضلك. بل جاء من بيته الصغير الى بيته الكبير. لقد جاء الى بيت المظالم وليس بيت المكارم. ولقد جاء الى بيت الحكومة, بيت الدولة, بيت الأردنيين جميعا, فلا تستطيع لا أنت ولا سدنتك ولا القائمين على أمن معاليك أن تطردوه منه أو تغلقوه في وجهه, فكيف والحالة هذه بأن يهان أو يصغر.
مكاتبكم يا أصحاب المعالي تزينها صور جلالة الملك, وزواركم فيها هم ضيوف جلالته, وأنتم تستقبلونهم بصفتكم الوظيفية وليست الشخصية, وأنتم معازيبهم بموجب القانون, واجبكم الملزم قانونا, هو استقبالهم واحترامهم والإستماع لمطالبهم, وتلبية الممكن منها والوعد خيرا بما يحتاج الدرس والتمحيص والاستشارة. هذا هو ما حلفتم عليه عند استلامكم مهام الوزارة.
وزاراتكم يا أصحاب المعالي, ليست مزارعكم, وليست دواوينكم, وليست بيوت الطاعة الزوجية لنواشزكم. إنها مضافات ألأردنيين كافة, إنها أرض أردنية مشاع ومال عام, وما طوبها القانون بأسمائكم ولا تستطيعون التصرف بها على هواكم لا بيعا ولا شراء ولا توريثا. أنتم وما بها لنا وملك لنا وفي خدمتنا وسخرة لراحتنا. هكذا يقول القانون والشرع.
أنتم ووزاراتكم, وقتكم بها, ثماني ساعات عمل يوميا صافي ومجروم, هي لنا وحدنا, وليست منة أو كرما منكم ولا من أحد غيركم.
هل نسيتم يا أصحاب المعالي أنكم موظفون عندنا؟ إن نسيتم أو تناسيتم, فدعونا نذكركم. الموظف العام, وأنتم هو, يا أصحاب المعالي موظف لدى الشعب, ونحن هو. وليتم علينا ولستم بخيارنا لخدمتنا والسهر على راحتنا وتوفير كل ما يلزم لحياة كريمة لنا ولمستقبل أجيالنا. واجبكم تنمية الوطن وتسخير الطاقات من أجل المواطن, وترسيخ عزة المواطن الأردني وعضد أسباب فخره وصون كرامته الوطنية, وليس تهديده عالطالع والنازل وبهدلته وإهانته وتزكية صيامكم به.
لقد ظننت لوهلة بعد أن تكررت معارك الوزراء الشخصية ضد مواطنينا, وتكررت حوادث إطالة اللسان الوزاري على أبناء شعبنا العزيز, بأن لرمضان وللجوع والعطش يد في هذا الإنفلات الحكومي نحونا, وقلت لنفسي مبررا هفوات وزلات الجماعة معنا بأنهم بشر مثلنا, يأكلون الطعام ويمشون بالأسواق, وبأن الصوم ماخذ عليهم شوي, وقلت من عد زلات الصديق جفاه, وقلت اللهم اني صائم, وقلت التمس لأخيك عذرا. وقلت...وقلت...وقلت..., ولكنني وبسرعة استدركت أن أخطاء وزرائنا وتصرفاتهم الهايفه لم تبدأ برمضان, بل بدأت مع أول يوم توزير لمن لا يعرفون الكرامات ولا يقدرون أصحابها. ولقد وجدت وأنا أبحث عن أسباب السقوط الجماعي لوزرائنا, الا من رحم ربي, أن الأسباب الموضوعية لهذا, هي بالفعل شخصية وذاتية الدفع تتمحور جميعها في فكر الوزير الذي يتصرف بمفهوم الإقطاعيين في مصر قبل ثورة الضباط الأحرار وإلغاء الرق هناك, وخطأ مفهوم الموظف العام في إدارة شؤون ادارته أو وزارته بأسلوب صاحب الشركة أو المصنع أو منشار الحجر الخاص الموروث عن الوالد أو الوالدة.
هنا بيت القصيد, وهنا حطنا الجمال. أصحاب بزنس خاص يصولون ويجولون في شركاتهم, يعزون من يريدون ويذلون من يريدون, يوظفون من يريدون ويفنشون من يريدون, يرفعون من يريدون ويسقطون من يريدون, وهذا كله على هواهم وحسب مزاجهم ودون ضوابط لتجبرهم وغطرستهم أو حتى ظلمهم, ينتقلون بقدرة قادر, وبلا سابق إنذار أو تهيئة أو إعداد, للوظيفة العامة وبرتية وزير. بتفويض جديد إضافي وقدرة وظيفية هائلة, كما يظنون, فماذا يحصل؟
تزيد زهوة الطاووس في شركته زهوا في وزارته, وينفش ريشه الى مدى أبعد, ويجرجر عظمته وأبهة سلطانه بغلو ومبالغة لا تخفى على أحد. وتنبت لهم مخالب وأنياب وقوارض لا يفتأون أن يجربونها بالشعب الذي جاءوا لخدمته. وأسوأهم هم ضعاف الشخصية والفارغين الا من جبروت الوظيفة وفكر سطوة الكرسي والمنصب, فهؤلاء, يبدأون بالتخبط وفرض الذات على غير هدى وبدون داع ومبرر لذلك. وبما أنهم يظنون خطأ أن القوي بالصرعة, ويفتقرون للغة الدبلوماسية واحتواء الآخر, فإنهم يناددون الشعب ويعتدون عليه مع كل احتكاك معه.
ويخرج منهم من يهدد الصحفيين, ويبهدل المعلمين وعمال الزراعة والمزارعين, وحتى المتقاعدين العسكريين لم يكونوا منهم في مأمن. ويخرج منهم من قرأ التفويض الوظيفي بالمقلوب, وبدل أن يكون هو في خدمة الشعب, سعى الى تسخير الشعب الى خدمته وإطاعة أوامره. فشخر ونفر, وطغى وتكبر, وبدل أن يرحم عض وزمجر.
قطط سمان شرسة, تولت أمر المؤمنين المسالمين وشؤون مطبخهم, فعاثت في البيت فسادا, تلهط وتنهب, وتهب ما تشاء لمن تشاء. وبالت لنا بالتالي على سجاجيد صلاتنا فنجستها. ومع فصل انحباس المطر وشح المياه يا وزير المياه, أينفع التيمم لرفع الجنابة؟
لقد استمرأ وزرائنا التغول على الشعب, واستوطوا حيطه, ناصبوه العداء. فمن أين نلقاها؟
أمن شح مياه الشفة؟ فكيف والحالة هذه نستطيع الإستحمام والتعطر حتى نرضي بدران؟ أم من الفقر والعوز وضيق ذات اليد وجشع التجار وطمع لوبيات اللحم والخضار والقطايف؟ أم من غول المدارس الخاصة وتجارها واستباحتهم لآخر ذرة كرامة لعزيز قوم ذل وغني قوم افتقر؟ أم من سطوة حكومة سمير الثاني الضريبية وشبح الجوع الذي يتهدد كل من تسول له نفسه التوقف عند محطة وقود ليطفأ عطش سيارته ببعض ليترات من ماء الذهب الأسود؟ أم من نار المخصخصات الشعبية من كهرباء وهاتف وصحة وغيرها التي باتت في يد البروفيت الإستثماري الذي لا يرحم؟ أم من ماذا بعد؟ وكل شئ قد أصبح كما يقول أحمد شوقي:
أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس؟
كل دار أحق بالأهل الا في خبيث من المذاهب رجس
ويقول ابن عينين : كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول
أيها السيدات والسادة, أيها الشعب الأردني العزيز.
الوزير الأول الأردني سمير الثاني, هدد الصحفية صباغ بمحاكمتها لولا أنها عزيزة عليه, على حد قوله وروايتها, ولم يطاله القانون, وما زال على رأس عمله في الدوار الرابع. وسيذهب بعد حين بتقاعد صاحب دولة الى أن يلقى وجه ربه.
زل بدران , وزير التربية الأردني السابق, وأطال لسانه على معلمينا وتربويينا, ولم يطاله القانون, وذهب بتقاعد وزير الى أن يمثل أمام القانون السماوي العادل.
وزير العمل الأردني الحضاري , سمير مراد الحجاج, يهدد المزارعين الأردنيين, أنتم غير حضاريين.. أنا سمير مراد وسأضرب بيد من حديد. ولم يطاله القانون وسوف يذهب بتقاعد وزير الى أن يمثل أمام القانون السماوي العادل.
وزير المياه الأردني, محمد النجار, أنتم شلة سرسرية وزعران. قالها لمواطنين أردنيين لم تثبت إدانتهم بعد بالسرسرة والزعرنة, ولم يطاله القانون وسوف يذهب بتقاعد وزير الى أن يمثل أمام القانون السماوي العادل.
وزيرة التنمية الإجتماعية الأردنية اللطيفة, هاله لطوف, تصف الاردنيين بالمعوقين. ولم يطالها القانون بعد, وسوف تذهب يوما بتقاعد وزير الى أن تمثل أمام القانون السماوي العادل.
وغيرهم وغيرهم, زلوا وسقطوا وهددوا. وبعدين يا اخوان؟ شوه الدعوة؟ وخرجوا أو سوف يخرجون بتقاعد وزير يثقل كاهل الشعب وميزانيته الى أن يرث الله الأرض وما عليها.
إما أن نكون معاقين كما قالت هاله لطوف بسيسو, ولا حول لنا ولا قوة, ولا نفهم الإهانة أو لا نستطيع الرد عليها, وإما أن نرد بقوة وبحزم على من يضربنا تحت الحزام من مافيا المناصب العامة وأصحاب الدولة والمعالي الذين لا يستحقون الرعي بخمس سخلات عجاف.
حتى وإن غاب البرلمان, فلا يجوز للوزراء إطالة اللسان. وإن غاب البرلمان, فالقانون باقي, والقضاء باقي, وسيدنا جلالة الملك صاحب الولاية الأولى والأخيرة على رأس الدولة والنظام, والقيم على صون كرامة الأردنيين والاردنيات من أردنيين واردنيات حادوا عن صواب الدرب, وأعماهم بريق المنصب والبهرج الزائل لكرسي الوزارة.
شعبكم يا مولاي, عزيز من عزتك, وكريم من كرمك وكرامتك, وشهم شامخ من شهامتك وشموخك. قلتم وصدقتم يا مولاي, الإنسان أغلى ما نملك. وقد ترجمها أصحاب الدولة والمعالي بأن الوزير أغلى ما نملك. وفي خضم جهودكم المكثفة ومشاغلكم مولاي, من أجل الوطن والمواطن, حاضرا ومستقبلا, داخل الوطن وخارجه, عاثت طغمة من هؤلاء يا مولاي بالبلاد والعباد فسادا وتهديدا وإهانة. لقد أوغلوا في كرامات أبناء شعبك الوفي وتمادوا في وصفه بأقذع الأوصاف وأبشعها.
شعبكم يا مولاي وقد تعلم الشجاعة والفروسية في عرين بني هاشم, قادر بالتأكيد على لجم الهرف ورد الإهانة وقطع لسان الرذيلة, ولكننا يا مولاي ونحن نعتز ونفخر بقيادتكم الهاشمية المظفرة, ونباهي الدنيا بإنجازاتكم, وبأن الأردن بلد القانون والقضاء المميز, فإننا نتطلع للفتة الملكية السامية التي تحق الحق وتزهق الباطل والبغي من أية جهة جاءت. وأن يأخذ القانون مجراه بحق من يخرج عليه ويتمرد على ميزانه مهما كان مسماه الوظيفي أو موقعه في الشأن العام.
حمى الله الوطن ووفق ميكنا المفدى الى ما فيه خير الأمة وصلاحها.



تعليقات القراء

عبدالله زيود العبادي
كل التقدير والاحترام وهاذا كلام كل الاردنين
02-09-2010 11:34 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات