اللص والكتاب


لم تهدأ زوبعة الجدل الدائر بين أوساط المفكرين والمثقفين والأدباء حول مستقبل الكتاب الورقي ، وفي استطاعة الكتاب الإلكتروني من أن يسحب البساط من تحته في ظل تزايد النشر الالكتروني وازدهار العصر الرقمي ؟

ولقد بدأنا نشهد في الآونة الأخيرة في ظل العولمة إقبالا متزايدا على الثقافة الالكترونية ، وتوجه عدد كبير من الكتاب نحو النشر الالكتروني ، حتى إن بعضهم أسس صحفا ومجلات الكترونية ،ووجدوا فيه ضرورة حتمية لا يمكن أن يستغنى عنها ،ووسيلة جديدة للنشر، بدليل تأسيس اتحاد كتاب الانترنت العرب الذي يعنى بقضايا النشر الالكتروني .

إنّ لهذا ( اللص ) الذي تسلل إلى مليارات الأطنان من الكتب والمجلات الورقية في المكتبات العامة والخاصة والجامعات والمؤسسات الثقافية وغيرها أثر ملموس لا إنكار أو غض طرف عنه ، و له من الفوائد التي لا تحصى السبب الذي حدا بالإدارات العامة لتطوير تقنيات التعليم في وزارات التربية والتعليم إلى تصميم تأليف الكتب والمناهج الدراسية على شكل كتب الكترونية تقبل خصائص النسخ واللصق والبحث ، ويستطيع الطالب أن يحمّل جميع الكتب على حاسوبه الشخصي ، كما يمكن توفير طبعات منها للمكفوفين بطريقة برايل أيضا بسهولة متناهية .

وأرى أنه علينا الآن أن نتوقف عن المقارنة بين الاتجاهين وتقديم السلبيات والايجابيات لكليهما : الورقي والرقمي ، وأن نوقف الجدل الدائر بين الورقيين والرقميين ، والخوف من تهديد النشر الالكتروني ، الذي بات ضرورة وحتمية على الرغم من صيحات الجيل القديم من الكتاب وأصحاب دور النشر التقليدية وعدم اعترافهم بالرقميين كمنافس حقيقي لهم .

إن هذا اللص الظريف الذي سرق أوقاتنا ، وبهر عقولنا ،وهز مشاعرنا ، استطاع أن يجذب الملايين من المثقفين الذين رأوا سهولة في التعامل مع هذه التقنيات الحديثة ، ووفّر لهم المعلومة بسرعة كبيرة ، فولّد مثل هذا التعامل علاقات حميمة مع مستخدمي التكنولوجيا تفوق ما كنا نشاهده من مشاعر بين الكتاب ومقتنيه ، وخصوصا بعد إمكانية نقل الحاسوب( Lab top )من مكان إلى مكان في السيارة والبيت والسفر .

إن نسبة الأمية في مجتمع ما ليست بالضرورة تعني عدم القدرة الكتابية ، بل هي في الوقت الحالي تعني الأمية الحاسوبية ، لأن هذا اللص خفيف اليد والحركة يقدم لنا المعلومة بصورة مثلى وبسرعة فائقة ،

وكل ما نرجوه ونتمناه أن تعطي الحكومات والمؤسسات الثقافية والفكرية مزيدا من الاهتمام لهذه الشريحة ،وسن القوانين الكفيلة لحماية حقوق المؤلفين الرقميين ، ووضع القوانين التي تكفل حقوق النشر ، وتوفير حماية المواقع والصفحات، ومراقبة المواقع خوفا من محاولات السطو والسرقة ،لا كما تفعل بعض الحكومات في محاولة رعوية وساذجة لحجب بعض المواقع عن ملايين المتصفحين يوميا .

لقد كان الأولون ، كما نحن الآن ، لا يصدقون أنه سيأتي عليهم يوم يستغنون فيه عن الكتابة على الرقاع والحجارة والعظام وأوراق البردي ، ولكن عدم تصديقهم لم يمنع اختفاءها ، وكذا نحن اليوم قد لا نصدق ،ولكنه يوم حتمي لا مفر منه ، غير أن الخطورة الكبرى أن يأتي ،ونحن نائمون نومة أهل الكهف ،ومعنا نقودنا القديمة التي كلما عرضناها لنبتاع شيئا سخر منا التاجر ومن نقودنا المتحفية .



تعليقات القراء

متابع جراسا
مقال رائع انتصر للحاضر الذي نعيشه واتوقع ان نفقد الكتاب الورقي بعد فترة
03-09-2010 05:32 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات