الاسمنت والتدخلات الحكومية


يبرز التنافس الحاد بين شركات انتاج الاسمنت في بلادنا ، وهي شركات جميعها ملكية غير أردنية ، بسبب دخول الاستثمار العربي والأجنبي الى الأردن ، اعتماداً على معايير وقوانيين حرية الاستثمار وتشريعاته.

فشركة الاسمنت الأردنية ، التي كانت في العهود والعقود السابقة ملكية أردنية صرفة ، وسلعة استراتيجية مثلها مثل مصفاة البترول والخطوط الملكية الأردنية ، تحولت بفعل الانفتاح وحرية الاستثمار وجذب شريك استراتيجي ، الى شركة استثمارية أردنية ذات ملكية أكثر من %50 لغير الأردنيين أغلبية أسهمها لشركة لافارج الفرنسية أي أن شركة الاسمنت الأردنية لم تعد ملكيتها أردنية ، بل اغلبية أسهمها وملكيتها غير أردنية ، وهم الذين يتحكمون بالقرار والتعيين والبيع والانتاج ، مثلهم في ذلك مثل الشركة الشمالية لانتاج الاسمنت وهي شركة أردنية بشراكة وملكية سعودية على الغالب ومثلها في ذلك مثل شركة الراجحي لانتاج الاسمنت وهناك شركة رابعة (اسمنت القطرانة) ما زالت قيد التأسيس بدون انتاج ، وهي أيضاً استثمار سعودي.

اذن شركات انتاج الاسمنت الأردنية الأربع شركات غير اردنية من حيث الملكية ورأس المال ، بل استثمارات عربية وأجنبية لها كل الاحترام والتسهيلات كونها اختارت الأردن سوقاً للاستثمار والاستفادة ، وهي لا شك لم تأتً للأردن لاسباب أممية كما هو حال الفرنسيين أو لاسباب قومية كما هو حال السعوديين بل وصلوا الأردن وواصلوا خيارهم في الأردن نتيجة حرية الاستثمار وتسهيلات الاستثمار وبسبب التشريعات النافذة التي تحمي الاستثمار وتصونه ، أي وجود سوق استثماري مأمون النتائج والوقائع والمعاملة.

شركات الاسمنت الأربع تعتمد على مادة الكلنكر التي تشكل أكثر من %75 من الاسمنت الجاهز للاستعمال ، ومادة الكلنكر هي نتاج انصهار مواد الصلصال والحجر الجيري تحت درجة حرارة عالية جداً وتحتاج لطاقة عالية من المحروقات ومن هنا تكمن الكلفة العالية للاسمنت لاعتمادها على الطاقة المكلفة.

الشركات الثلاث المتنافسة حالياً وستلحق بهم الرابعة تختلف فيما بينها وتتنافس على الانتاج وعلى سعر السوق ، اعتماداً على كلفة الطاقة ، ولان الشركتين الشمالية والراجحي تعتمد على استيراد الكلنكر من العربية السعودية ، حيث سعر الطاقة أرخص ، فان ذلك يوفر لها هامشاً لتقديم سلعة اسمنتية بسعر كلفة أرخص ، مما يؤثر على محدودية وضعف قدرة الشركة الثالثة على التنافس بسب اعتمادها على سعر وكلفة الطاقة الأغلى التي تحصل عليها من مصفاة البترول الأردنية. ولذلك الخلاف بين الشركات الثلاث ، خلاف حول تجار ومنتجين ومستثمرين أجانب وعرب على الأرض الأردنية وفي السوق الأردني ، وليس بين أردنيين وغير أردنيين ، لدفع حجة غير منطقية مفادها أن ثمة تبايناً بين سلعة محلية وسلعة مستوردة ، فالخلاف والتنافس بينهم على الربح ، ويعود لمدى قدرة كل شركة منها على جذب قوى نافذة لمصالحها ، ولذلك لا يجوز للحكومة أن تتصرف بالانحياز لطرف على حساب طرف آخر ، لحساب مستثمر على حساب مستثمر آخر ، لان الحكومة في هذه الحالة وهي صاحبة الولاية ، وهي راعية للاستثمار العربي والأجنبي ، والحامية له ، لا يجوز لها أن تتبوأ الصدارة في اتخاذ قرارات وتنفيذ اجراءات لمصلحة طرف مستثمر على حساب مستثمر آخر ومن هنا يبرز السؤال ما هو الحل؟.

هناك احتمالان الأول ألاّ تتدخل الحكومة في التنافس بين الشركات الثلاث وتجعل روح السوق واحتياجاته هو الذي يحكم ويتحكم ، لان المستفيد من هذا التنافس هو المواطن الأردني الذي يشتري السلعة نفسها بالمواصفات نفسها من البائع الأقل سعراً أي أن قانون السوق والتنافس هو الذي يتحكم بعمليات البيع والانتاج أي اقتصاديات السوق الحر.

أما الاحتمال الثاني وهو الأهم والأكثر قدرة على التوصل الى اتفاق وسيوفر الفرص الايجابية لكافة الأطراف ، وهو العمل على استيراد مادة الكلنكر من العربية السعودية ، بدلاً من انتاجها في الأردن.

استيراد الكلنكر من السعودية مباشرة يوفر على الأردن: أولاً: سعر الكلفة أقل من انتاج الكلنكر في الأردن بسبب تدني كلفة الطاقة في السعودية عنها في الأردن. ثانياُ: يحمي البيئة الأردنية وخاصة في منطقة الفحيص ومحيطها من ملوثات عملية الاحتراق المؤذية الهالكة للبشر وللبيئة الطبيعية. ثالثاً : يحافظ على مظاهر الجبال والوديان ، بدلاً من تدميرها لاستخراج الصلصال والحجر الجيري الرخيص من المحاجر والمقالع. رابعاً : يوفر عملة صعبة لأن الكلنكر المستورد أرخص من سعر الطاقة المستوردة.

تصريح وزير الصناعة والتجارة عامر الحديدي حول احتمال فرض رسوم على مادة الكلنكر ، يتعارض مع اتفاقية التجارة الحرة العالمية واتفاقية التجارة الحرة العربية وسيدفع العربية السعودية لاتخاذ اجراءات مماثلة بحق سلع أردنية ، قد تكون منها عدة صناعات ، ويحمي متنافسين على حساب متنافسين وجميعهم من المستثمرين غير الأردنيين يفترض أن تحميهم قوانين الاستثمار التي شجعتهم على المجيء وتوطين استثماراتهم في بلادنا ، ويفترض بالحكومة أن تعمل على تشجيع الاستثمار وجذب رأس المال العربي والأجنبي وألاّ تسمح بوضع العراقيل والمعيقات في طريقه.

صحيفة الدستور



تعليقات القراء

محمد مناور العبادي - صحفي


شركات تبحث عن مصلحتها على حساب الوطن والمواطن
واسالوااهل الفحيص
---------------------------------------------

الزميل حمدان الحاج لخص في مقالته المشكله ووضع الحل الذ ي يصب في مصلحة الوطن والمواطنيين في موضوع مهم سعت فيه بعض الشركات لهيمنة رايها على الحكومه خدمة لها فلقط على حساب الوطن والمواطن دون اعتبار لمصالح البلاد العليا وعلاقات الاردن العربية في وقت تسعى فيهي القياده لتاحسين هذه العلاقات بدلا من تخريبها حسب نهد هذه الشركات وليس خدمة للوطن الذي احتصنها وقدم لها اعفاءات وحماية مكنهامن تحيق ارباح مذخله بدليل ان كبرة الشركات المععترضه باعت الاسمنت لدولة مجتوره باسعار تقل عن سعر بيعها الاسمنت للمواطن الاردني ب نسبه 67% حسب تقرير بثته وكالة الانباء الاردنية الرسميه مما يؤكد على النهج الاستغلالي للها وينفي ماتدعغيه حول مبدأ المنافسة السعريه
ان اقتراح الزميل هي الحل في حين ان اقتراحات الشركات تدمير بللاقتصاد الاردني اذ انه سيؤدي الى فرض رسوم مماثله على البضائع الاردجنيه المصدره للسعوديه مما يلحق اضرارا كبيره بالاردن وبعلاقاته العربية
وبدلا من ان تبجث الشركات المعنيه على وسيله لحماية اهل الفحيص من التلوث البيئي الذي سببته لها شركه الاسمنت تبحث عن وسيلة جديده لزيادة ارباحها على حساب الموطن
لقداكد الراحل الملك حسين انه اضطر للتخلي عن قصره القريب من المنطقه بسبب غبار مصنع الاسمنت فهل يخلي اهل الفحيص مدينتهم من اجل المصنع ؟؟؟؟
02-09-2010 07:16 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات