إلى أين يهرب الأردنيون!!


تعد عمان، من العواصم العربية، التي تتسم بالتلوث السمعي، وهناك أدلة كثيرة على ذلك، لكن لا أحد يهتم، فالكل مشغول بصفقة القرن، وضرائب البنزين.

عليك أن تتأمل نهارك كيف يبدأ وكيف ينتهي، وإذا كنت أنا أحد الذين يحبون الاستماع لصوت المؤذن وإقامة الصلاة، وهذا أمر طبيعي، لا أفهم في الوقت ذاته، ما علاقة ذلك بقيام كثرة من أئمة المساجد بربط سماعات المسجد الخارجية على البث الإذاعي قبل موعد الأذان، فيتحول المسجد إلى إذاعة، واحيانا إلى فواصل إعلانية، وفي حالات صوت موسيقى، او مواعظ المذيع، وكل هذا ليس له علاقة بالعبادة، ولا بذات الأذان او الإقامة، الا اذا كان الاستماع إلى إذاعة عمان ومقدمي برامجها، جزءا من العبادة، ونحن لا نعرف.

من هناك ما يزال باعة اسطوانات الغاز، الذين كانوا يستعملون ابواق السيارات بطريقة مزعجة جدا، وتحولوا إلى مقطوعات موسيقى غربية، يجوبون الاحياء، سيارة وراء سيارة، وهي سيارات في كل الأحوال قديمة، وقابلة للخراب او انفجار اسطواناتها، فتأتيك في الحي اكثر من سيارة، هذا على الرغم من أن هذه موضة قديمة، واليوم، لا تسمح عواصم عربية كثيرة لسيارات الغاز بالتجوال، بل يقوم المواطنون بتسجيل عناوينهم لدى وكالات الغاز، ويطلبون الأسطوانات هاتفيا، ويتم تأمينهم، دون جولات موسيقية، لسيارات تحمل طنا من المتفجرات.

حين تتخلص من كل هذه الأصوات، تأتيك سيارات بيع الخضار والفواكه، وسواء كنت في حي شعبي، او غير شعبي، يأتي صاحب السيارة طلبا للرزق، ويستعمل تسجيلا صوتيا مرتفعا جدا، يزعج كل اهل الحي، فيصول ويجول، دون ان يوقفه احد، بصوته الرديء، ومعه قد تأتي سيارة أخرى، لشراء الأثاث المستعمل، ومعها تسجيل صوتي بصوت مرتفع جدا، يحض الشعب على بيع أي قطعة كهربائية قديمة او اثاث، وكل هؤلاء يعودون يوميا، ويلوثون الجو، جراء الوقود، ويلوثون الاحياء السكنية سمعيا، وكأن لا احد مريضا، ولا احد يدرس، ولا احد يرتاح، او كأن كل هذه الاحياء مستباحة في عمان.

في الليل قصة ثانية، إذ يأتي دور الذين يحتفلون بالزواج، ويقومون على مدى عدة ليال، بإزعاج كل الحي، بصوت الاحتفالات، وإطلاق النار، والألعاب النارية، والفرق الشعبية، فلا المواطن يستحي قليلا من جيرانه، ويخفض الصوت، ولا يخاف من الدولة والقانون، ومع هؤلاء الذين يتخرجون من الجامعات، او ينجحون في الثانوية العامة، فيقلبون عمان، وربما كل الأردن، إلى جهنم حمراء، جراء الازعاج والفوضى.

الليل عندنا لا يقف عند هذا الحد، إذ إن السيارات المسرعة، وقيادتها بطريقة جنونية داخل الأحياء، امر معتاد، وكثيرا ما يتعرض الناس، إلى ازعاجات ليلية، جراء من يهيمون على وجوههم في الشوارع، بسياراتهم او دراجاتهم.

الوجه الأكثر سوءا في الليل، يتعلق بكل الذين تنزلت عليهم المصائب في مناطق سكنية، عبر افتتاح مقهى او ناد ليلي، وعليك ان تسأل كل هؤلاء عن الجحيم الذي يعيشونه جراء الإشكالات التي تحدث، وارتفاع صوت الأغاني والموسيقا، وخروج السكارى، إضافة إلى المشادات، والبرامج الموسيقية في كل المنشآت السياحية التي تجبر كل من يسكن هناك ان يرحل وان يترك تلك الاحياء للشياطين، ومن معهم، في مدينة لم تعد تعرفنا، ولا نعرفها أيضا.

اذا كانت الحكومات في الأردن، لا تستطيع ان تقدم لنا شيئا، فإن بإمكانها ان تجعل الحياة اكثر لطفا، عبر منع كل هذا الضجيج في البلد، وهذه الفوضى، فوضى الأصوات، والازعاجات التي تتوالى، دون ان تتخذ أي حكومة أي قرار حقيقي وتقوم بتنفيذه، عبر ضبط كل هذه الفوضى، بقرارات من نوع جديد، تمنع كل هذا التسيب، واستباحة العاصمة، وربما مناطق أخرى في المملكة، خصوصا، عند الحديث عن وجود عصابات تقوم بالتخفي وراء واجهات لسيارات شراء الخردة مثلا، او بيع الخضار، تستطلع الاحياء، وما يقال من مشاكل أخلاقية واجتماعية تحدث بسبب فوضى النوادي والمقاهي وسط الاحياء، وصولا إلى الخطر الشديد لتجول أطنان المتفجرات من الغاز عبر سيارات قديمة ومهترئة، وسط الاحياء، بدلا من منع هذه الطريقة أساسا، واللجوء إلى شراء الغاز، هاتفيا، كما اغلب الدول العربية.

نحن لم نفلح في شيء، لم نفلح في تحسين حياتنا، ولم نفلح حتى في النوم ساعة، دون ضجيج او ازعاج، فلا تدري إلى أين يهرب الأردنيون من كل هذا؟!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات