رئيس وزراء بريطانيا القادم أصوله إسلامية ومعادي للمسلمين


من منا لا يعرف أو يتذكر شكل وتصريحات بوريس جونسون السياسي البريطاني الذي كشف مؤخرا بان دم الأتراك المسلمين يجري في عروقه وهو واحد من أكثر الشخصيات تعقيداً وتناقضاً في السياسة البريطانية صاحب الشعر الذهبي الفوضوي والجسد المتهدل الذي شغل في السابق منصبي وزير الخارجية وعمدة لندن ولم يكتف بذلك بل امتد طموحه لتولي أهم منصب بريطاني وهو رئاسة الحكومة وقد أصبح الأوفر حظا لخلافة تيريزا ماي التي استقالت استجابة لضغوط حزبها بعد فشلها في تنفيذ اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقد تقدم جونسون على منافسيه في جولة التصويت الثالثة لاختيار رئيس الوزراء البريطاني المقبل ب 143من أصل 313 صوتا من نواب حزب المحافظين رغم أنه لا يحظى بأغلبية برلمانية ولم يقدم أي إنجازات متميزة ومن المقرر أن يعلن أواخر شهر حزيران الجاري الفائز بزعامة حزب المحافظين ورئاسة وزراء بريطانيا ويعتبر جونسون من اشد مناصري البريكست ويكرر دائما إنه إذا فاز بمنصب رئيس الوزراء، فإن بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي باتفاق أو بدونه بحلول نهاية شهر تشرين الأول المقبل واذا لم يحدث ذلك فستخسر الحكومة ثقة المواطنين بشكل كارثي في وستدفع ثمنًا باهظًا للغاية حسب قوله .

منذ دخوله المعترك السياسي سخر سياسته لاستعداء المسلمين في بريطانيا والخارج لخدمة مصالحة الخاصة وقد عرف بتصريحاته الهزلية الساخرة والشائنة والتي تدعو للكراهية حيث عاش حياته السياسية في كنف اليمين المحافظ ذو النزعة العنصرية المتشددة واقتات انتخابيا على معاداة المسلمين البريطانيين واستغل بشكل انتهازي كل حدث ومناسبة مواتية لاتهامهم والإساءة إليهم والتحريض عليهم لتحقيق طموحاته السياسية وقد ساهم بشكل قوي وصريح في خلق بيئة مغذية لليمين المتطرف وقد شجعت كتاباته الصحفية وتصريحاته في أثارت جدلًا واسعًا ساهم في دفع العنصريون والبلطجيون والإسلاموفوبيون على مهاجمة النساء المسلمات وإيذائهن في الشوارع العامة والمراكز التجارية والحدائق وغيرها بعدما شبه في مقال سابق له في صحيفة الديلي تلغراف اللواتي يرتدين النقاب بصناديق البريد ولصوص البنوك ووصف الإسلام بأنه مشكلة كبيرة وقد أكد المجلس الإسلامي البريطاني عبر تقرير صادر عنه في حينه بأنه تلقى رسالة كراهية شديدة اللهجة بعد نشر مقال جونسون جاء فيها" ان بوريس جونسون قال ما يريد قوله معظمنا عن دينكم المزعج والمثير للشفقة هذا ليس بلدكم ارحلوا " وقد اتهمه البعض بمعادته للإسلام والمسلمين خاصة بعدما كتب مقالا في مجلة الشاهد في 16 تموز 2005 عقب الهجمات الانتحارية في لندن حيث انتقد المسلمين وهاجمهم واعتبرهم سبب انتشار الإرهاب حول العالم الأمر الذي أثار قلق ورعب المتواجدين منهم في لندن و لا زال جونسون يمتلك رصيدا كبيرا من المواقف والتصريحات المعادية للإسلام والمسلمين .

وأضاف التقرير بأن هناك تزايدا في الهجمات المعادية للإسلام منذ أن كتب وزير الخارجية السابق بوريس جونسون مقالته متهكما فيها على المنقبات المسلمات وقد أيد مؤسس "تيل ماما" فياز موغول التي تقوم بمراقبة الهجمات المعادية للإسلام كل ما ورد في التقرير وأضاف عليه بان تعليقات جونسون جرأت الجناة الذكور على مهاجمة النساء المسلمات وأن المنظمة تلقت 14 شكوى عن انتهاكات وجهت للمنقبات والمحجبات في الخمسة أيام التي تبعت نشر المقال وحدث معظمها في لندن فيما كانت هناك حوادث في ليستر ولوتون وغيلفورد وان تصريحاته ذات طابع "تحريضي وتعزز الانقسام " وانه استخدم لغة "تهين المرأة المسلمة وتشوه سمعتها وتحط من قدر زيها الإسلامي .

وقد كشف تحقيق خاص بعد صراع كبير احتدم حول ظاهرة العنصرية وانتشار الإساءة على شبكة الانتر نت حيث تبين بان صفحة جونسون على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أصبح منصة عامة لكارهي المسلمين تستضيف مئات الرسائل المعادية للإسلام وإن التعليقات على المقالات والخطابات التى كان ينشرها جونسون على صفحته تتضمن الدعوة لحظر الإسلام وترحيل المسلمين ورفض وجودهم فى الحكومة أو الشرطة أو الجيش كما شملت هجوما حادا ومسيئا على عمدة لندن صادق خان لكونه مسلم وجاء فى تعليق أحد المتابعين لديه قوله "من الجنون الوثوق بالمسلمين لأنهم ينتظرون إشارة الجهاد لينقلبون ضدنا " وقد أرفقت بعض التعليقات بهاشتاج "معادى للإسلام وافتخر " ويرجع البعض أسباب عداء بوريس جونسون للإسلام والمسلمين الى أحقاد انتقامية دفينة في نفسه ورثها عن عائلته منذ القدم نتيجة إعدام جده الاكبر المسلم من قبل الدولة العثمانية بتهمة الخيانة والتأمر مع الانجليز وهذه ردة الفعل يريد ان يثبت فيها ان جده كان رجلا شريفا والمسلمين مجرد إرهابيين فيما يؤكد كثير من المتابعين بان تعليقات جونسون ليست زلة لسان وإنما كانت قرارا سياسي مبرمج ومنظم .

جونسون معروف لدى السياسيين والعامة بمواقفه اليمينية حيث كان أحد محركي حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي ويشبهه الكثيرون في بريطانيا بالزعيم النازي أدولف هتلر وبالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي سبق أن أشاد به واعتبره شخص ممتاز وموهوب وعبر عن دعمه له لتولي رئاسة الحكومة في بريطانيا وفي الحقيقة والمنطق هو أشبه بالمهرج وليس لديه ما يكفي أخلاقيا ليصبح رئيسا للوزراء وقد كان على اتصال دائم مع المنظر اليميني المتطرف " ستيف بانون " الذي كان وراء انتصار دونالد ترامب بانتخابات عام 2016 .

خلال مناظرة على محطة بي بي سي لمرشحي رئاسة حزب المحافظين والحكومة البريطانية الأسبوع الماضي قال جونسون لقد جاء والد جدي المسلم إلى هنا عام 1912 لمعرفته بأن هذا البلد كان منارة للأمل والكرم والانفتاح ومستعدا للترحيب بالوافدين من جميع أنحاء العالم وعاد للقول " جدي الأكبر المسلم سيكون مذهولا لأن حفيده أصبح وزيرا للخارجية ثم رئيسا للوزراء " وجد جونسون الأكبر هو الصحفي والسياسي علي كمال بك الذي عمل وزير للداخلية في حكومة فريد باشا العثمانية وكان معارضا للقوميين الأتراك الذين اعتقلوه وسحقوا جمجمته بالمطارق وعلقوا جثته على الشجرة في مدخل نفق سكة القطار وكانت نهايته بالإعدام بتهمة الخيانة والتجسس لصالح بريطاني .

هرب بعدها ابنه عثمان لبريطانيا واختار لنفسه اسم " ويلفرد جونسون" وتزوج من امرأة بريطانية سويسرية أنجبت له جد جونسون الذي حمل اسم عائلة والدته وذكر أن جده كان مسلم وانه اليوم يعتذر عن التعليقات السابقة المسيئة للمنقبات في حين رفض الاعتذار سابقا عندما كان وزيرا للخارجية رغم مطالبة وضغوط رئيسة الوزراء تيريزا ماي المتكررة وتمسك حتى قبل أيام من ترشحه لرئاسة حزب المحافظين والحكومة برفض الاعتذار فيما امتنع حزب المحافظين عن اتخاذ أي إجراء ضده بعد تحقيق داخلي خلص إلى أن جونسون لم يخالف قواعد حرية التعبير في الحزب وهو ما أثار انتقادات واتهامات للحزب بالتسامح مع تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا وإذكاء نارها في صفوفه خاصة بعد تورط عدد متزايد من مسؤوليه في وقائع متعلقة بهذه الظاهرة وفي رده على سؤال لإمام مسجد من بريستول قال جونسون بالطبع أنا آسف للإساءة التي تسببت بها هذه الكلمات لكنه اعتبر أن هناك من استل الكلمات التي وردت في مقالة له خلال 20 أو 30 سنة عندما كان صحفيا وقام بإعادة نشرها لكن الكلمات المشار إليها جاءت في مقال نشره في شهر آب من عام 2018 تعليقا على قرار الدنمارك بحظر النقاب في الأماكن العامة وان علاقته بالإسلام لا تقف عند حد جده الأكبر بل تتعداها إلى زوجته الأولى التي أعلنت إسلامها بعد انفصالها عنه عام 1993 واقترانها بمسلم من باكستان .

نعلم بان لإسلام يعد ثاني أكبر ديانة في المملكة المتحدة ويتزايد المسلمون فيها بشكل ملحوظ وهو حاضر دائما والصوت المسلم في أي انتخابات ومناسبات سياسيَّة مفصلية في بريطانيا وله وزنه وتأثيره في نتائجها خاصة في ظل صعود اليمين المتطرف و ازدياد خطاب العداء للمهاجرين والتخويف من الإسلام والمسلمين والتهويل والتضخيم للانطباعات الخاطئة حول الخطر الإسلامي بعد استغلال أحزاب اليمين المتطرف والعنصري للصور النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمين للتكسب السياسي والانتخابي واتهام الإسلاميين بأنهم يستغلون الحريات في بريطانيا وفي هذه المناخات جاء خطب ود المسلمين لرسم ملامح المشهد السياسي البريطانيّ المستقبلي لأهميتهم وتأثيرهم الوجودي وليس احتراما ولا تقديرا لدينهم وإيمانهم وقد ظهرت في الأيام القليلة الماضية مفارقاتٌ صارخةٌ في الشأن الداخلي حيث اصبح كثير من السياسين البريطانيين يتباهون بالانحياز للحريات الدينية والدفاع عن حقوق الجالية الإسلامية والتّساؤل المهم هنا هل حونسون ممثل حزب المحافظين سيتحرك فعلاً لخدمة قضايا المسلمين ومطالبهم بعدما يصبح رئيس للحكومة حقا أم هي مجرد استعراض ووعودٍ كسابقاتها للظهور على الساحة السياسية على حساب انتقاد امرأة مسلمة المنقبة تمارس حريتها او منظمة إسلامية تقوم بدورها في غربتها وفق لقواعد القانون والنظام واحترام الأخر بالتسامح والعيش المشترك والوسطية فهل سيكتب لسياسة جونسون كرئيس للوزراء جديد النجاح بوقف سياسة الاتهام والتشويه ومن ثم دمج المسلمين في المجتمع كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات والمعاملة أم سيعودون لرفضها مرة أخرى .

يذكر انه يعيش في بريطانيا نحو 4.1 ملايين مسلم أي ما نسبته 6.3% من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 66 مليونً

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات