العنف المجتمعي


لله درّ قوارع الأيام ، وتُعْسًا لخطوبها الجسام ، فكم نرى ونسمع كلّ يوم مُشاجرة ، تخترق مسامعنا ، وتشهدها أبصارنا ، ونقف عندها مذهولين مندهشين حائرين ، وكم نشاهد كل يوم عنفا تقشعر له الأبدان ، وترتعد له الفرائص ، وأيمُ الحق ، إنها الهمجية الشعْواء ، والضلالة العمياء والجهالة الجهلاء ، وكأنّ الدهر قد خبّأ لنا من أُوار الفتن ، ومن لهيب المِحَن ،ومن المضاعنة و المؤاحنة ، ما يعجز عن وصفه اليراع ، وتحصره الرقاع ،وإنّ في العيان ما يغني عن البيان ، وإنّي وأيمُ الله ، لا أدري ولا المنجم يدري ، هل نعيب الدهر أم العيب فينا ؟
ولقد أحسن الشاعر حين قال :
نعيب الزمان والعيب فينا .................................... وما لزماننا عيب سوانا
أجل أيها السادة : إنّ الإحَن تجرّ المحن ، وإنّ المجون يفسد المجتمع كما يفسد الماءَ الأجُون ، فتُبّا لمن يعرف الحق وينحرف عنه ، وتعسا لمن يعي الحقيقة ولا يوصي بها ، فالحق أبلج والباطل لجلج ، ومن قصد الحقّ حُمدت إليه طريقُه وبُشّر بالنجاة ، ومن أخذ يمينا وشمالا ذُمّت إليه الطريق ، وليحذر التهلكة والمعاطب والمِحن والنوائِب ، وكان عند الخلق منبوذا مدحورا .
ألا ترى معي – يا يرعاك الله – مجتمعا يعجّ بالأحقاد التي تنذر بالويْل، ولؤما غزير السيْل ، ألا ترى معي – يا هداك الله – أشخاصًا يصولون ويجولون ، وكلّ منهم مُعجبٌ بخيلائِه ومدلّ بكبريائِه ، إلا أنّهم قومٌ بَرِأ الدهُر منهم كما تبرّأ من أفعالهم ، فهم أشباه رجال ولا رجال ، تعجبك أجسامهم وأجسادهم ، وإن تسمع لهم تعجبك ألسنتهم ، حلّافون مشّاءون بنميم ، تسمع من روائع العظات على ألسنتهم ومن نواصع الآيات ، ما يكاد يفتنك عن كنهه ، ويخدعك عن نفسه ، ويخيّل إليك أنه نسيجُ وحدِه وعبقريُّ زمانِه ولكنه – للأسف - مزمار شيطان يعزف على لحن الفتن والإحن ،وإثارة الأحقاد بين العباد ، نعم هكذا هم ،لقد جاشت صدورهم بالأحقاد ، وامتلأت أحشاؤهم بالسخائم ، وغلّت قلوبهم بالعداوة ، ووسعتهم مخازيهم بطابع العار والهوان ، (اللهم إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ، يسعوْن في كل فتنة ، والفتنة نائمة لعن الله موقظها ، فليت شعري بماذا يحتج هؤلاء المشاغبون ، إذا سألناهم عن شيْن أعمالهم وسوء فعالهم ، وليت شعري هل هي غير حكة غضب ، من نفث الشيطان ، وسوْرة سخط من حمّى لؤم الإنسان ، حتى انقلبوا على الناس يقتلون ويضربون ، فوا حرّ قلباه – بل وا خجلتاه – من أعمال مشينة يندى لها الجبين ،شاهت الوجوه ، شاهت الوجوه ، شاهت وجوه المشاغبين ، الذين يعيثون في الأرض فسادا وشغبا وتخريبا .
ومن هنا بات من الضروريّ الوقوف عند هاتيك الظاهرة الدخيلة الخطيرة على مجتمعنا ، وتحليلها وتجليتها ضمن الرؤية المنتقاة لاستخلاص ما يمكن أن يخدم أمن المواطن والوطن .
وأيْمُ الحق ، لا يحق إلا الحق ، والحقّ أحق أن يتبع ، ولذا فإنّي أدعوا الجميع إلى تحكيم سلطة القانون ، لإنزال أقسى العقوبات بحق المجرمين ومثيري الشغب ، الخارجين على عصا دولة المؤسسات والقانون ، كما أدعو الحكومة إلى تفعيل دور المؤسسات بأنواعها لتقوم بأمانة المسئولية ، كما أدعوا إلى مؤتمر وطنيّ تشارك فيه الهيئات بكل أشكالها ، عّلنا نخرج بجملة توصيات يتم تفعيلها ، لقطع شأفة المارقين ، والخارجين على عصا الطاعة . حمى الله الأردن وعاش الملك .



تعليقات القراء

الكاتب
الا ترى بان الخط صغير وشكرا
30-08-2010 09:53 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات