ماذا يقول الفلسطينيون في التنازل عن حق العودة؟


جراسا -

حتى الآن وبعد أكثر من عشر سنوات على المحاولة الأخيرة من أجل التوصل إلى تسوية دائمة، لا يوجد أي اتفاق حول مسألة ما هو موقف الفلسطينيين الحالي من قضية اللاجئين. هل تم تليين هذا الموقف خلال السنين؟ هل تنازل الفلسطينيون عن حق العودة أم لا؟ هل يمكن التوصل إلى اتفاق حول هذه المسألة؟ المستشرقون والسياسيون وأعضاء طاقم المحادثات السياسية من الطرفين لا ينجحون في إعطاء إجابة معتمدة. ورغم العدد الذي لا يحصى من الشهادات من غرف المفاوضات وتصريحات كثيرة للقيادة في رام الله حول هذا الموضوع، فقد بقي ضبابياً ومفتوحاً أمام التفسيرات المتناقضة، وشبه غامض.

توجد لذلك عدة أسباب؛ أولاً، أقوال الفلسطينيين بخصوص تنازلات محتملة من قبلهم تميل بشكل تقليدي إلى أن تكون مقتضبة ولها معنيان، من أجل تمكين كل طرف من التمسك بما يخدم ادعاءاته. هذا الأمر يتساوق مع تكتيك المفاوضات السلبي للفلسطينيين، الذي أساسه الامتناع بقدر الإمكان عن عرض اقتراحات سياسية خاصة بهم وانتظار الاقتراحات التي ستقدمها إسرائيل.

ثانياً، عدم ثقة إسرائيل التلقائية بتصريحات الفلسطينيين المعتدلة. (من ناحية أخرى إعطاء ثقة زائدة للتصريحات المتصلبة والمتطرفة). إظهار التنازل الفلسطيني يعتبر تضليلاً ويهدف إلى تخدير إسرائيل، وبهذا سيؤدي ذلك إلى تدميرها.

ثالثاً، التقارير عن تغييرات إيجابية في مقاربة الفلسطينيين التي تأتي من قبل ممثلين إسرائيليين شاركوا في محادثات السلام، مثل اهود اولمرت أو أعضاء الوفود في كامب ديفيد وطابا ـ تستقبل بتشكك بسبب المصالح غير الموضوعية المنسوبة لهؤلاء الأشخاص في إظهار أنهم حققوا تقارباً في المفاوضات.

على خلفية هذا الوضع يجب مباركة الكراسة التي نشرتها مؤخراً «اللجنة الفلسطينية للتواصل مع المجتمع الإسرائيلي»، الجسم الرسمي الذي قام بتعيينه محمود عباس ويضم شخصيات فلسطينية رفيعة، والذي يهدف إلى نقل مواقف الفلسطينيين إلى الجمهور الإسرائيلي.

هذه الكراسة التي نشرت في نسخة مطبوعة وفي الشبكة، تفصل الخط الجديد للفلسطينيين حول المسائل الأساسية، ومن هذه الناحية فهي الوثيقة الأكثر اعتماداً التي يمكن التطرق إليها. وفي الحقيقة، من المهم بشكل خاص فحص الفصل الذي يتعامل مع قضية اللاجئين. ربما أخيراً يمكننا الحسم: ماذا يريد الفلسطينيون.

الفقرة الأولى تبدأ، كما هو متوقع، بالإشارة إلى الالتزام بقرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي يمنح حق العودة لكل لاجئ يرغب في ذلك ويوافق على أن يعيش بسلام مع جيرانه. والإشارة إلى أن إسرائيل أيضاً تخضع لهذا القرار. التحديث يوجد بعد ذلك: إلى جانب ذكر القرار 194 كتب أن الفلسطينيين وافقوا على المبادرة العربية التي تشمل «حل عادل ومتفق عليه» لقضية اللاجئين (حتى هنا هذه هي الصيغة المعروفة التي يستخدمها الفلسطينيون في السنوات الأخيرة). وتوفر «صيغة لحلول إبداعية لقضية اللاجئين الفلسطينيين بحيث إنها أزالت مخاوف إسرائيل من هذا الأمر».

ما تم ذكره آنفاً يمكن رفضه وتجاهله من قبل الإسرائيليين العاديين. صحيح أن الفلسطينيين لم يجلبوا الكأس المقدسة بعد، ولم يقولوا بصراحة ووضوح بأنهم تنازلوا عن حق العودة، وأنهم لم يعودوا يطالبون بعودة اللاجئين إلى إسرائيل. من يتوقع منهم فعل ذلك سيخيب أمله مرة أخرى. لا شك أنه في إطار مفاوضات مستقبلية سيكون عليهم قول أمور واضحة أكثر، وتحديد العدد الذي سيتم الاتفاق عليه أو لا يتم الاتفاق عليه مع إسرائيل. ولكن الكراسة التي أمامنا تعتبر سابقة، ومن المهم أن تأخذ الوزن الذي تستحقه في الخطاب السياسي في إسرائيل.

الفلسطينيون يقولون هنا للجمهور الإسرائيلي بأن الحد الأعلى الذي يمكنهم قوله في هذه المرحلة: طالما أنه لا يوجد اتفاق، بدون أن يدمروا قبل الأوان البديهيات الأيديولوجية المشتركة لشعبهم. هم يقولون للإسرائيليين إن موضوع اللاجئين قابل للحل، وأن حله يمكن أن يتساوق مع الحاجات الديمغرافية لإسرائيل، وأن إسرائيل يمكنها التعايش معه. هم يقولون إنه لن تكون عودة حقيقية بالفعل. لا يمكن فهم ذلك بصورة أخرى، إلا إذا كنا نرغب بذلك. هذه الأقوال لم يتم قولها بشكل رسمي في أي يوم، والآن يتم قولها. (هآرتس)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات