(الغوا رنه ) أنهم أردنيون يا حكومتنا العتيدة


إذا كان مقالي السابق قد تحدث عن ضيعة ضايعة، فإن مقالي اليوم سيتحدث عن ضيعة منسية، و سأسلط الضوء فيه على أناس انقطعت عنهم الأنوار، وساد حياتهم الظلام، وتاهت بهم الأقدار، ووعرت إليهم الطرق فتقطعت بهم الدروب والسبل .
إنهم أهل الأغوار ( الغوا رنه) سكان هذه الضيعة الأردنية المنسية منذ زمن بعيد والتي مواطنيها هم أردنيون طيبون عشقوا وطنهم و ترابه.
نعم إنهم أردنيون منسيون و ليسوا هنوداً حمراً يا حكومتنا العتيدة، يا من تعتبرين أن معظم الشعب أناس من الدرجة الثانية، لا يجب أن يعرفوا و يعلموا أكثر مما تريدين، ويا من تعيشين في برجك العاجي بتركيبتك التي تكاد أبعد ما تكون من أي يوم مضى عن هموم و مشاكل شعبنا المتعطش للماء والحرية.
سأخصص مقالي هذا للحديث عن هذا الجزء العزيز والغالي من وطننا الحبيب وعن هؤلاء الناس المعطاءون الصامتون الذين يعملون لنأكل، و ينحتون بالصخر لينتجوا، والذين يكابدون الفقر و العوز و يعيشون حياة قاسية ضنكه.
لقد عانينا في الأيام السابقة من موجه الحر، وتسابقنا لشراء المكيفات و المراوح و شراء( تنكات) المياه بعد أن أعادتنا حكومتنا إلى أيام إنشاء الإمارة، لمواجهة هذه الموجة. وقبلها بأسبوعين خرجنا بمظاهرات عارمة عمت جميع المولات والمتاجر والمخابز وقمنا بحملات شراء أقل ما توصف به بالشرهة، وكأننا أمام زلزال قادم أو كارثة طبيعية و ليس شهر الصوم و العبادة.
فهل سألنا أنفسنا كيف واجه أهالي الغور الصافي و غور المزرعة وباقي سكان الأغوار هذه الموجة وهذا الشهر الفضيل، بجيوب فارغة و منازل خاوية من الطعام والماء، كيف يقضي هؤلاء الطيبون أيام رمضان وكيف يكافحون للحصول على طعام الإفطار.
من زار الأغوار وبيوت أهلها يعرف ما أعنيه، ومن لم يزرها سأصف له الوضع ببساطة:
إنهم يا إخواني أناس يعيشون في أخفض منطقة بالعالم، والتي تتسابق إليها الفنادق لإقامة منشأتها واستثماراتها فيها دون أن يلمس أهلها أي دور لها في تطوير حياتهم وفي تخفيف البطالة عندهم وتحسين ظروف حياتهم.
يعملون كعمال في أراضيهم التي سلبهم معظمها المتنفذين وأصحاب البطون الجرباء بطرق قانونية وغير قانونية، يعانون من نقص في التعليم حيث تنطبق عليهم عبارة الأسوأ حظاً وليس الأقل حظاً، عندهم مدارس لم ينجح منها أحد في امتحان الثانوية في بعض السنين، فرص تعيينهم في مناصب الدولة العليا والوسطى شبه معدومة، يكابد معظمهم الحياة دون دخل ثابت ويعتمدون في رزقهم على الزراعة والعمل اليومي.
أقسم أن بعضهم إن لم يكن معظمهم يفطر في رمضان على خبز وشاي و نحن في عمان نملأ الحاويات بالطعام، يهربون من بيوتهم المتهالكة إلى العراء وقت الحر لأنهم لا يمتلكون مراوح أو مكيفات .
إنهم لا يشتكون لأن صوتهم غير مسموع، و هم عزيزوا النفس لا يتسولون و لا يشحدون بل ينتظرون .
وبالتأكيد مساعدة المسؤولين لا ينتظرون، فهم يعلمون أنهم عنهم غائبون و بالأزمات عالقون، والولائم و التعيينات الاستثنائية و السفرات و عد المياومات منشغلون، لديهم أولويات أهم من فقرهم وعوزهم و تخلفهم عن الركب، فهم مشغولين بحل ديوان أبناء الكرك وحشر أنفهم في كل صغيرة و كبيرة و سيأتي يوم سيحشرون أنوفهم بين الرجل و زوجته، وهم منشغلين بتنظيف جيوب المواطنين، و التضييق عليهم، وهدم سقف الحرية على رؤؤسهم، و الاستقواء على الكادحين من عمال مياومة مجموع رواتبهم السنوية لا يكاد يساوي مياومات مسؤول في رحله استجمام مدفوعة الأجر، ومن معلمين مسحوقين، ومزارعين مهددين بقبضة حديدية ستطرق رؤوسهم و تنظفها بأحدث الغسالات من أفكارها الباليه و لتصبح فارغة ليسهل دحرجتها بدل أن يوفروا جهودهم لتطوير الزراعة وترك الطحن والسلخ للقصابين.
إنهم مشغولين بتكميم أفواه الصحفيين، و تكبيل أيادي الكتاب، وتعصيب عيون الكاميرات، وكتم أنفاس المعارضين، واقتلاع ألسنة الناقدين، فليس لديهم وقت لأولئك الكادحين.
ولكنهم مساعدة المحسنين و فاعلوا الخير ينتظرون، ينتظرون أن تنطلق قوافل الزكاة والإحسان في شهر البركة و الغفران، ينتظرون أن يشعر بهم أصحاب المظاهر الكذابة اللذين ينفقون الآلاف على ولائم التزلف والنفاق التي لن تضيف حسنة واحدة إلى رصيدهم المتهالك لأن نقودهم تصرف بغير وجه حق .
أكاد أشعر بأن هؤلاء الناس محذفون من قائمة الأردنيين، فلم أسمع منذ زمن عن أعمال خيرية أو مساعدات أو مشاريع تنموية تجري في هذه الضيعة المنسية، حاولت البحث بين أكوام المقالات المنشورة فلم أوفق بمقال يتحدث عنهم وعن معاناتهم ، فهم منسيون حتى من الصحافة مما يدفعني للتساؤل ؟
أليس لهؤلاء الناس حق علينا ونحن شعب واحد ؟
أليس هم أولى بتبرعات اللجان الخيرية التي تسافر خارج الحدود للتخفيف من معاناة الأخوة والأصدقاء الذين يعانون من نكبات وويلات وأخرها دعوات النقابات المهنية للتبرع لباكستان مع تقديرنا لمعاناتهم ولكن الأولى أن يسيروا القوافل لإمداد أهلنا في الأغوار بأسباب الحياة فالأقربون أولى بالمعروف، وخاصة إذا كانوا يعانون من ظروف تشابه في بعض جوانبها ظروف المنكوبين.
أليس لهم حق على وزارة الأوقاف في أموال الزكاة، وتقصيرها في توجيه أئمة المساجد لحث الناس لمساعدتهم بدلا من الحديث عن نصوص مدرسية حفظناها عن ظهر قلب، ولم يفوتني أن هناك فقراء غيرهم في مناطق أخرى يستحقون المساعدة، ولكن وجه الاختلاف بأن أغلب التجمعات السكنية يوجد بها أناس ميسورين و جمعيات محلية و خارجية تساعد الفقراء كل حسب منطقته، ولكن الأغوار لا يوجد بها غير الفقراء والفقراء وأصحاب المزارع ممن يأتون لقضاء عطلاتهم.
أليس لهم حق على وزارة التعليم بأن تزيد من كوادرها وتركز جهدها واهتمامها على هذه المناطق المنكوبة تعليمياً لتنشئ جيلاً قادراً على تدريس أبنائهم بدل استجداء الآخرين من المستنكفين والذين يرفضون التدريس هناك لانعدام مقومات الحياة و قادراً على إيصال صوتهم وحمل قضاياهم و مشاكلهم والتحليق بها من أخفض بقعة في الأرض إلى أبراج الدوار الرابع المسورة في المستقبل القريب، فهم أولى بجهودها من مناكفة المعلمين وقطع أرزاقهم والتفنن في إذلالهم .
أليس لهم حق على وزارة التنمية؟
أليس لهم الحق بأن يتعلموا وينعموا بأقل مستويات حياة البشر؟
فهل سيأتي هذا اليوم ؟
أم سيبقى ابن الحراث حراث، وابن الفقير فقير، وابن المسؤول مسؤول، وابن ناهب البلد لص مثل والده.
و في النهاية أوجه دعوتي إلى المحسنين والمسؤولين عن الجمعيات الخيرية، وحتى إلى الباحثين عن الشهرة المتخذين من أعمال الخير وسيلة بأن ينزلوا إلى الأغوار ويروا بأم أعينهم معنى كلمة فقر وعوز.
وأقول لحكومتنا الرشيدة هذه المقولة علها تذكر أن نفعت الذكرى
روي عن عمر بن الخطاب أنه قال :
." لو لأن بغلة بالعراق تعثرت لظننت أن الله يسألني لم لم تمهد لها الطريق"
فبالله عليكم إلى أين أنتم ذاهبون ؟



تعليقات القراء

جنوبيه
لا حياة لمن تنادي . الشعب في واد والحكومه في واد . النا الله .
29-08-2010 02:07 PM
عقل خلف مهاوش
محاولة متواضعة لكاتب الهاوي ولكن انصحك بتصحيح لغتك العربية فهي فقيرة جدا ولكن لاباس لديك افكار.
29-08-2010 08:36 PM
مطلع
بارك الله فيك يا ريت طاقم الحكومه يعمل جوله في العشر الاواخر من الشهر الفضيل ويعقد جلستي مجلس الوزراء هناك وفيها اجر والله
29-08-2010 11:51 PM
كركي
المقال مبالغ فية والغوارنة اليوم عندهم متعلمين ومتعلمات جامعيون وعندهم كوادر قادرة على ان تطالب من اية حكومة مطالبها ضمن المعقول , ولا تنسى بأن هناك شركات كبرى في الاغوار تعطي رواتب عالية جدا إضافة الى التدريب والتطوير والمنح الدراسية ,ولا تنسى ان ابناء الغور حالهم حال كل الاردنين منهم المعلمون والعسكريون والوظائف المختلفة الاخرى , وكما يقال وين كنا وكيف صرنا ,اما المناخ فهذا هو الغور ولن يكون غير هذا . 
30-08-2010 09:01 AM
العشوش
نواب وحكومه يا صرايره عارفين كل شي وحاطين روسهم و نايمين اقل مافيهم يوفروا الماء والكهرباء بفصل الصيف وتقليل التعرفه او مجانا والله السعاديين ما بتعيش بمنطقة الصافي
وينصفوا اهلها ويعطوهم حقوقهم 000000

30-08-2010 11:00 AM
العشوش
نواب وحكومه يا صرايره عارفين كل شي وحاطين روسهم و نايمين اقل مافيهم يوفروا الماء والكهرباء بفصل الصيف وتقليل التعرفه او مجانا والله السعاديين ما بتعيش بمنطقة الصافي
وينصفوا اهلها ويعطوهم حقوقهم 000000

30-08-2010 11:27 AM
كركي
ابو صرار محاولة فاشله للكتابة . ارجو ا منك دراسة اللغة العربية جيدا ومن ثم البدء في الكتابه واعطي الخبز لخبازه ولو اكل نصه
31-08-2010 01:25 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات