المخدرات ، تلك الآفة الفتّاكة


لا أريد – وأنا لست من فرسان هذا الميدان – أنْ أقتحمَ حقلًا على غَرَر، ولن أخوض غمرة الُّلجة فيه ، إذ له فرسانه الماهرون ، من ذوي الاختصاص ، ولذا سأظلُّ معتصما بالساحل لا أغادره ، أتحدث حديث مثلي في هذا الحقل ، وما دفعني إلا قدسية الواجب الإنساني والواجب الوطني . ولذا لن أخوض غمرة التفاصيل ولن أجدف في بحر لجيّ ، يغشاه طاعون الشواذ ، من فوقه لذة عاجلة ، ومن تحته مقبرة المدمنين ، يكاد سنا إدمانه يذهب بالمجتمعات ، ولات حين مناص إلا بالوقاية.
لا إخال عاقلا – لديه مسكة من عقل – يحث مطيّة العقل إلى منابع المعرفة وروافدها ، ينكر ما لهذه الآفة من كوارث وخيمة على المجتمعات ، اقتصاديّا واجتماعيا وسياسيا وصحيّا ، فأضرارها متعديّة ، تقوّض دعائم المجتمع وتهدم أركانه ، ولذا لا غرابة أن نطلق عليها ( الآفة المرعبة ) ذلك لأنها قنبلة موقوتة في جسم المجتمع ، أقول قنبلة موقوتة لأنها تفتُّ عضد الدولة وتترك الديار بلاقع ، فهي إنْ استفحلت فتكت ، تهتك بالمجتمع وتتحول إلى حمّى فيروس التقويض .
وأيّا كانت التنويعات والاجتهادات والاختلافات في توصيف هذه الظاهرة أو تحليلها ، فقد أجمع جهابذة العلماء وأقطاب الفضلاء ، فضلًا عن قوانين الدول ، على أنّ التعاطي بالمخدرات جريمة ، جريمة نكراء ، وضلالة عمياء ، وجهالة جهلاء
وآفة دهماء .
وأيّا كانت الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الآفة ، فإنّ البحث عن جذورها أمر مُلِحّ ، وعليه يتوقف قطع شأفتها .
فإذا كان كذلك ،أما آن الأوان كي ندرك جوهر الوقاية ومعناها وقيمتها ، يقول الحق سبحانه : ( ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) ، ولقد لخص لنا رسول الإنسانية رسول الأمان والسلام والاطمئنان والرحمة ذلك في قوله : " أيها الناس إنّ لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم " فلا تخطي ولا تجاوز للحدود ولا افتئات لما للإنسان من معالم وحدود .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، كيف نوقي الإنسانية من هذا الخطر الوبيل ، والجواب على ذلك ، يتطلب منّا الخروج من رحم التنظير إلى باحة التطبيق ، ولعلني أعترف أنها مهمة صعبة ، ولكن ، ما لا يتمّ الواجبُ إلا به ، فهو واجبٌ ، وواجبُ الوصول إلى شطآن الأمان أوجبْ .
إنّ نقل الفكر والتوجيه والمعنى ، من الدائرة الضيقة المحدودة ، دائرة النظرية ،وحقل الفردية ، إلى نطاق أرحب وأوسع ، دائرة التطبيق ،وحقل العمل والتنفيذ ، على مستوى الأقطار ، ببذل قصارى الجهد المتكاتف المتعاون الهادف ، فيه النفع والفائدة ،وفيه شفاء المستشفي وكفاية المستكفي ، وكم أرجو أن يحمل الأمر على مطيّة الجد ، كي نحقق النجاح ، في جملة حلول مجدية لهذه الظاهرة الفتّاكة ، ولا شك بأن هذا يتطلب منّا جميعا أن نكون عند أمانة المسئولية ، وأن نعمل بجد دون هوادة ، لكبح جماح هذه الآفة ، وقطع شأفتها ، وما أجمل ما قال الآباء والأجداد : درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج .
وليس هناك أدنى شك في أنّ أجهزتنا الأمنية ، تعمل ليل نهار دون كلل أو ملل ، تواصل الليل بأطراف النهار ، بحثا عن البؤر التي وراء هذه الظاهرة ،وإننا نثق ثقة تامة باستراتيجية أجهزتنا ، وهي بلا شك تقوم بجهد صعب تشكر عليه ، فلها منا كل الاحترام والتقدير . حمى الله الأردن وعاش الملك .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات