منافذ الحدود البريّة والجويّة 


منذ أكثر من عشر سنوات، أصبح الأردن الوجهة والمحطة السياحية الرئيسة للعديد من الأخوة العرب في الخليج خلال فترات الصيف والاجازات؛ نتيجة للأحداث المؤلمة في سوريا والظروف الأمنية في لبنان وتونس ومصر وغيرها من البلدان العربية. وبدلاً من تطوير أمكاناتنا وزيادة الاستثمار في قطاع السياحة لتحسين الدخل الوطني، لم تقم الحكومة بأي اجراءات أو تسهيلات تساعد في نمو هذا القطاع الهام، وبقيت اجراءات المنافذ الحدودية على سوءها لا بل أسوأ بسبب أزدياد حركة القادمين والمغادرين. 

أنني أوجّه الدعوة لجميع وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمقروءة - هذا اذا كانت تحمل رسالة وطنية وهمّها النهوض بالوطن، وأدعو المسؤولين للتفضّل وترك مكاتبهم الفارهة المكيّفة لقضاء يوم واحد فقط، والذهاب الى أحد مراكز الحدود البريّة؛ للتعايش مع معاناة أبناء الوطن المغتربين أثناء عودتهم لقضاء إجازاتهم بين أهلهم وفي وطنهم، وليشهدوا مقدار ما تقدّمه الحكومة لضيوف الاردن من تسهيلات لقاء إسهاماتهم في الاقتصاد الوطني وما يكابدون في الغربة. وأيضاً ليشاهدوا الوجه السياحي المخجل الذي نظهره لزوار الأردن على منافذنا الحدودية، حيث يقضي الآلاف ساعات طويلة في طوابير لتسديد رسوم تأمين أو ختم جوازات أو تفتيش أمتعة أو إنهاء دخول سياراتهم، وكان الأولى ببعض المسؤولين الجهابذة طرح إنهاء بعض هذه الخدمات عن طريق تطبيقات التسديد الالكتروني لتخفيف المعاناة عن الناس، خصوصاً في ظل وجود وزارة الأقتصاد الرقمي والريادة في الحكومة العتيدة؛ وتطوير بعض الاجراءات الحدودية التي ما زالت تتم بالطريقة التقليدية القديمة. 

أما موظفي الأجهزة الحكومية على المنافذ الحدودية، فتلك حكاية مأساوية أخرى، اذ أن البعض منهم يعكس صورة سيئة عن الأردن وشعبه بسوء معاملتهم للضيوف وعنجهيتهم. والأولى أن تختار الأجهزة الامنية والحكومية خيرة موظفيها لهذه المواقع الحساسة، وتقوم بتدريبهم وتأهيلهم لكيفية التعامل الحسن مع الجمهور والترحيب بهم بالابتسامة والكلمة الطيبة، وليمثّلوا أخلاق وسمات الاردنيين كشعب مضياف، الا أن المحسوبيات أتت ببعض الموظفين السيئين غير المؤهلين ووضعوا في هذا المكان ليس لعكس صورة حضارية عن الاردن وشعبه، بل للتكسّب والاستفادة الوظيفية والحصول على امتيازات الموقع المالية فقط من دون تدريب أو إشراف أو متابعة أو جهاز رقابة لأدائهم، فكان الإفراز سيئاً وأنعكس ذلك سلباً على صورة ومصالح الأردن بلداً وشعباً. وقد روى لي الكثير من الأصدقاء من جنسيات عربية مختلفة بأنهم قد أقسموا بعدم العودة الى الأردن مرة أخرى بسبب ما لقوه من سوء معاملة ومن معاناة على المنافذ الحدودية. وشكا الكثيرون من ضعف البنية التحتية السياحية في البلد، والوضع يزداد سوءاً بالطبع بعد تغوّل سياسات الجباية الحكومية، وعدم منح الفرص والمحفّزات والاعفاءات الضريبية لزيادة الاستثمار في هذا القطاع للمستثمرين من أبناء البلد أو غيرهم من الجنسيات الأخرى. 

أنني أدعو الحكومة للعمل على تطوير قطاع السياحة والترفية الأيجابي الذي لا يتعارض مع مبادئنا وقيمنا العربية والاسلامية، ومنح المستثمرين المحليين والاجانب تسهيلات لوجستية وضريبية لزيادة الاقبال على هذا القطاع، الذي سيفتح فرص عمل وآفاقاً جديدة للشباب. وأدعوها كذلك للعمل على اعادة النظر في الأجراءات الحدودية، وتطوير الخدمات الالكترونية لتسريع وتسهيل اجراءات الدخول والخروج، وتحويلها من تجربة مريرة الى تجربة ايجابية، وكذلك الاختيار الدقيق لموظفي الأجهزة الحكومية المختلفة، بحيث يكونوا من المؤهلين والمدرّبين وذوي السيرة الحسنة، ومراقبة أدائهم أثناء العمل، وزيادة أعدادهم في مواسم الأجازات لتقديم خدمة تليق بزوار الأردن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات