رمضان والإفطارات السياسية


تشهد ليالي رمضان المبارك إفطارات متنوعة ؛ منها العائلي والاجتماعي والاقتصادي والخيري، ولعل من أهمها الإفطارات السياسية ، حيث دأب ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية على إقامة مأدبة أو أكثر للنخب السياسية في بلدانهم، أو لبعض مكونات تلك الدول، تعظيماً لرمضان وزيادة للتواصل . وقد انتقلت تلك العادة لرؤساء الدول الأجنيبة بإقامة مأدبة إفطار ومشاركة الجاليات المسلمة إفطارهم، تعزيزاً لقيم التعايش والاحترام والاعتراف بثقافة الآخرين، وأحياناً لتوجيه رسائل سياسية .

كما أن بعض الأحزاب والجماعات السياسية في عدد من البلدان العربية والإسلامية قد درجت على إقامة مأدبة أو أكثر في رمضان ، فتدعو إليها عدداً من الرموز والشخصيات السياسية بالدرجة الأولى ثم من تظن أن لهم تمثيلاً لهيئات ومؤسسات قد يخدم أهدافها ومشروعاتها مستقبلاً.

وفي الأردن مثلاً إعتادت الحركة الإسلامية بجناحيها السياسي جبهة العمل الإسلامي ، والدعوي جماعة الإخوان المسلمين (الأم) على إقامة مأدبة مركزية في عمان، يتبعها مأدبات فرعية في فروعها المنتشرة على كافة الأراضي الأردنية، تعرض من خلالها مواقفها السياسية وبرامجها، وتوثق التواصل مع رموز وطنية وسياسية.

وفي هذه السنة كان اللافت كثافة وتنوع الحضور السياسي الكبير من رؤساء الوزارات السابقين ورئيس الديوان الملكي السابق ، والوزراء والأعيان والنواب ورؤساء وأعضاء مجالس المحافظات والعسكريين السابقين والوجهاء من كافة محافظات الأردن، بل تنوع الحضور بانتمائهم الديني والعرقي والسياسي والفكري؛ وقد ازدحمت القاعة بالحضور على الرغم من عظم مساحتها، ولهذا دلالة سياسية كبيرة ، لعل من أبرزها أن الحركة الإسلامية هي المكونات الرئيسية والأساسية للشعب الأردني، وأنها تحظى بالثقة والاحترام لمواقفها المعتدلة والمتوافقة مع أسس ومنطلقات وقواعد النظام السياسي الأردني، وأنها حركة ومؤسسة وطنية، وهي منحازة دائماً لمصلحة الأردن وطناً وشعباً ونظاماً، وخاصة في المواقف والمراحل التاريخية والمفصلية.

ولعل كلمة الضيف الأبرز أكاديمياً وسياسياً معالي الأستاذ الدكتور خالد الكركي ، حينما إبتدأ كلمته بعبارة لعلها الأبرز عندما وقف على المنصة المكتوب عليها الحركة الإسلامية، فقال مخاطباً الحضور : ( ما خلفي يحميني، وما أمامي يشد أزري ) إن هذه العبارة هي ملخص العلاقة التاريخية بين الحركة الإسلامية والنظام السياسي في الأردن، على الرغم من بعض فترات التناكف والاختلاف في الرأي أحياناً، ولكنها لم تصل لحد القطيعة يوماً ما، ولعل حضور وكلمات د. خالد الكركي وبما له من بعد عميق أكاديمي وسياسي وعشائري، رسالة واضحة عن ضرورة تلاحم كل مكونات الشعب الأردني لمواجهة الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي ستفرض عليه قريباً.

إن تصفير ملف الحركة الإسلامية ، والعمل على إعادة لحمتها، والتواصل السياسي معها، باعتبارها المكون السياسي الشعبي الأكبر والأكثر حضوراً ، وثقة شعبية ، هو الأمثل لمصلحة الأردن في الوقت الحاضر، وصدق الدكتور خالد الكركي ، فالحركة الإسلامية من أفضل وأخلص حماة الأردن، وهي تشد أزره، وتدفع عنه، وتعلو من شأنه، ولعله من الخطأ المزدوج تصنيف الحركة الإسلامية بأنها حركة وتيار معارضة، فهي تعارض وتوافق بما يصل إجتهادها إليه تبتغي مصلحة الوطن، وعندئذ يمكن أن نطلق عليها وصف الحركة الوطنية ، وليس الحركة المعارضة.

Sulaiman59@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات