رواتب العاملين في الجامعات ومهزلة نسبة الموازي


سعياً لقدر من الدقة، فإن المقصود بتعبير الموازي الوارد في العنوان، ليس البرنامج الذي فتح أبواباً جديدة نرحب بها، أمام الحريصين على الدراسة في جامعاتنا الرسمية...

المقصود بالموازي في هذا المقام هو الدخل الذي تجنيه بعض جامعاتنا من البرنامج، واستعانت بنسبة محددة منه لتحسين أوضاع العاملين (أو بكلمة أدق لزيادة رواتبهم) بعد أن عاش العاملون خلال السنوات الأخيرة ظروفاً لم يسبق لها مثيل من الضنك المادي جعلت أكثر من ثلثهم يطفشون (بالاستقالات والإجازات التي تنتهي بالاستقالات) إلى جهات الدنيا الأربع سعياً وراء حياة كريمة، في حين ينتظر الثلثان الباقيان أي فرصة سانحة للفرار من هذه الظروف..

والأنكى من هذا أن البعض من أصحاب الأجندات الخاصة (الشعبوية) من المسؤولين انتهزوا الفرصة فراحوا يملؤون الأماكن الشاغرة التي خلفها الأكفَاء المغادرون، بتعيينات أكاديمية كاسحة من المتبطَلين الحاصلين على مؤهلات مشكوك فيها، وأقل ما يمكن أن نقول عن نسبة كبيرة منهم إنها لا تمتلك من مقومات شغل الموقع الأكاديمي الشاغر سوى الوساطة أو الحظوة لدى مالك نفوذ أو صاحب تأثير. بل إن بعض المسؤولين راحوا يلعبون في هذا الميدان بطريقة (هوات المقفي) بتشكيلاتهم الأكاديمية العجيبة وتعييناتهم التي لا تحدث إلا في مسرح اللامعقول... وهذه ممارسات ستظهر نتائجها الكارثية قريباً لا محالة، وحينئذ، من سيدفع الثمن؟

ولنعد إلى رأس المقال لنقول إن الجامعات التي توافر لديها دخل من برامج الموازي صرفت منذ مدة زيادات لا بأس بها للعاملين فيها، بل إن بعض هذه الزيادات يساوي نصف الراتب الإجمالي...

أما العاملون في الجامعات التي لا تطرح مثل هذه البرامج فهم أبناء الزوجة القديمة، محرومون وعليهم انتظار رحمة البيروقراطية التي تلوح لهم من بعيد بسحت قد لا يصل إلى الأيدي قبل بضع سنوات...

إنها مخالفة دستورية صارخة وفضيحة قانونية مكشوفة أن يُعامل موظف (وللأسف فإن الأكاديمي في بلادنا بات يعامل اليوم معاملة الموظف العادي المجرد من أي تأثير وربما المحروم من أي هيبة اجتماعية...) يقوم بنفس العمل وينطبق عليه قانون موحَد (قانون التعليم العالي) بطريقة، وأن يعامل زميل يكافئه رتبة في جامعة أخرى بطريقة مختلفة. مخالفة لا تحتاج إلى فقيه قانونيَ ليبين عيوبها ويشرح مفارقاتها وعجائبياتها.

ولكن هل يحق لنا أن نتعجب ونحن لم نفتح يوماً ملف التعليم العالي لدينا بطريقة جادة وبإرادة الإصلاح الحقيقي؟ فها هي جامعاتنا ومنذ بضعة أشهر تعيش دوامة المجهول. لا أحد يعرف من سيأتي أو من سيذهب أو لماذا عُين هذا المسؤول أو لماذا أقيل، أو لماذا يتم السكوت على ممارسات أحدهم ويتم غض الطرف عن ممارسات الآخر، أو لماذا اتٌَخذ هذا القرار بطريقة ارتجالية أو تم العدول عنه بطريقة أكثر ارتجالاً، ولماذا تم القضاء المبرم (هذا العام) على موقع الأردن كبلد تعليمي يستقطب آلاف الراغبين في الالتحاق ببرامج الدراسات العليا محلياً وعربياً وإسلامياً...؟ ولماذا وألف لماذا أخرى!

عذراً، تتحدث الصف اليوم عن رحلة لدولة الرئيس خارج البلاد وربما عاد بسلامة الله اليوم أو غداً.

أقول صادقاً والله: لنتفاءل خيراً بعودة دولته....



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات