خيارات المواجهة الإيرانية الأميركية


مع نهاية الشهر المقبل واقتراب إعلان واشنطن مبادرتها المثيرة للجدل بشأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، تدخل العقوبات الأميركية على إيران مرحلة أكثر تشددا، فقد أعلن البيت الأبيض أنه لم يجدد الإعفاءات الممنوحة لثماني دول لاستيراد النفط الإيراني. إدارة ترامب وحسب قول مسؤوليها تسعى لخفض صادرات طهران من النفط لنسبة الصفر، في مسعى لإرغامها على الامتثال لطلب إعادة التفاوض على الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه.

إيران ردت على الفور برفض القرار الأميركي، وبهجوم ممنهج على إسرائيل والدول الخليجية المؤيدة للعقوبات الأميركية، وهددت بإغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة وناقلات النفط.

إسرائيل ستلتحق بالركب الأميركي في حملة التصعيد ضد طهران ما أن ينتهي نتنياهو من تشكيل حكومته.

إيران ستواجه دون شك أوقاتا صعبة، وستدخل في مطاردة بحرية مع البوارج الأميركية التي تراقب حركة السفن في البحار والمحيطات، لكنها بالرغم من ذلك تبدو مصممة على كسر الحصار والبحث عن طرق بديلة كي لا ينقطع شريان النفط الذي يزود الخزينة الإيرانية بالقدر الأكبر من مدخولها.

يراهن البعض على تشديد العقوبات لإرغام إيران على تقليص نفوذها في الشرق الأوسط، وتقديم تنازلات في الملف اليمني، لوقف نزيف الحرب الذي أرهق موازنات خليجية، مثلما تأمل واشنطن ومن خلفها تل أبيب بكبح جماح التحدي الإيراني في سورية ولبنان.

لكن جولات الصراع مع إيران لم تفدنا بخلاصات مماثلة، فمع كل تصعيد بالضغوط على طهران كانت الأخيرة تلجأ إلى مزيد من الاستنزاف في ساحات أخرى، وتسجل فيها نجاحات ملموسة.

الاقتصاد الإيراني سيتعرض لضغوط ثقيلة، ستنعكس بشكل ملموس على مستوى معيشة الإيرانيين الذين يعانون من أوضاع اقتصادية، دفعت بهم إلى النزول للشوارع قبل فترة من الزمن للاحتجاج على الأوضاع المعيشية. ربما تراهن واشنطن على إطلاق حركة احتجاج ثانية في إيران تقوض سلطة الجمهورية الإسلامية. لكن النظام الإيراني مثل أنظمة اخرى كثيرة يملك قدرة فائقة على الحشد لصالحه، ولا يتوانى عن استخدام ما يتوفر لديه من أدوات القوة للسيطرة والتحكم وامتصاص الغضب الاجتماعي، وتحطيم المعارضة.

والخيار الثاني أمام إيران هو تصدير الأزمة لجيرانها، بما تملك من ادوات النفوذ داخل المجتمعات الخليجية والعربية، وتصعيد حرب الاستنزاف في اليمن ضد السعودية تحديدا التي تتكبد مبالغ طائلة كنفقات عسكرية، وإبقاء حالة من التوتر في سورية.

المواجهة على هذه الجبهات ستطول، لكن مستوى التصعيد من الجانبين سيتحدد وفقا لخطوات كل طرف، ومدى تأثير العقوبات المشددة على إيران، وما تجلبه من ردود فعل أميركية. وبهذا المعني لا يبدو الخيار العسكري واردا في المدى المنظور رغم تلويح إدارة ترامب بتفعيل كل الخيارات مستقبلا.

في كل الأحوال، الشرق الأوسط سيدفع ثمن المواجهة حربا كانت أم حصارا، وستهدر موارد هائلة في سبيلها، كان لها ان تغير حياة ملايين البشر لو انفقت في سبيل التنمية ورفاه الشعوب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات