التجسير بين القطاعين


في إصلاح الأحوال الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها في الأردن، فقد بات من الواضح أننا بحاجة إلى بعض الوقفات الضرورية والمهمة. ومقالة اليوم ليست تحليلية بقدر ما هي قائمة ببعض الافكار التي أرى من الضرورة الإجابة عليها حتى نستطيع أن نواجه المستقبل في هذا العالم الشجاع الجديد.

النقطة الأولى لا أعتقد أن حل المشكلات والمعضلات الاقتصادية أو الاجتماعية يجب أن يكون حكراً على الاقتصاديين أو الاجتماعيين، بل لا بد أن نمزج العلوم السياسية والسلوكية والتربوية والصحية ضمن المعادلة. ولذلك لا بد من أن نتبنى مقتربات متداخلة المعارف. وهذا ينطبق على حل البطالة في سوق العمل، والسلوك المروري في النقل، ورفع مستوى الإنجاز والإبداع في التعليم، وتحسين الأداء السياحي بأبعاده التاريخية والجغرافية والترفيهية والعلاجية والتعليمية والمعيشية، وهلم جرا.

النقطة الثانية: يجب أن نعترف أننا في كل مرة نضع خططاً وبرامج وأجندات عريضة ننسى أنها لا تُطَبّق وتعطل بسبب بسيط وليس دائماً لأسباب تتعلق بصحة المخطط وتوازنه وأولوياته. إننا كمن يبني الآلة، وينسى أن يضع “الفيش” في الكوبس. الإدارة بمُفسِدَيها الرشوة والخوف من القرار تقع في الإدارات الدنيا أكثر بكثير من الإدارات العليا المراقبة.

النقطة الثالثة: لا بد من معالجة حالات الاستثمار المتعطلة والواقفة شاهدة على عجزنا في التصدي لها. والأمثلة على ذلك كثيرة بدءاً من أزمة إنتاج الاسمنت ومصانعه وشركاته، إلى معرض عمان في مرج الحمام، إلى العمارتين العاليتين على الدوار السادس، إلى قطاع المستثمرين الأجانب والعرب والأردنيين الذين أنفقوا الملايين ولم يحصلوا على شيء بالمقابل.

النقطة الرابعة: إعادة النظر في تواصل النواب والأعيان مع الوزراء والمسؤولين الإداريين في القطاع العام، ومنع النواب والأعيان من الاتصال الهاتفي أو الزيارة لمكاتب المسؤولين التنفيذيين على الإطلاق، وحصر حضور جلسات الوزراء لاجتماعات السلطة التشريعية على الذين لهم قضايا أو اجابات في المجلس. ويجب أن تبحث كل القضايا تحت القبة، أو عبر رسائل تبعث بها رئاسة المجلس إلى مجلس الوزراء لتجري الإجابة عليها رسمياً. هذه العلاقات غير الرسمية يجب أن تتوقف وتستبدل بالشفافية والحكمانية، حيث يتعزز دور المجلس النيابي الرقابي ويصبح ذا أثر فعال.

النقطة الخامسة: لا يجوز تشكيل أي لجنة لبحث قانون أو نظام يمس القطاع الخاص دون أن تكون فيه مشاركة فاعلة من قبل ممثلي القطاع الخاص والقطاع المدني. ويجب أن يحظى هؤلاء بكل الحرية للدفاع عن آرائهم وأفكارهم.

النقطة السادسة: فتح الباب امام تنظيمات القطاع الخاص والقطاع المدني كي تتواصل مع مجلس النواب رسمياً لتلفت نظرها إلى قضايا تهم الناس سواء كانوا مستثمرين، أو مستهلكين، أو فنيين مهنيين، في حالة شعرت هذه الجهات بتقصير الأجهزة التنفيذية عن أداء واجبها.

النقطة السابعة: لا بد من وضع خرائط تفصيلية للأردن تبين الطرق التابعة للحكومة المركزية من تلك التابعة للمحافظة أو التابعة للمدينة. وينطبق نفس الحال على الخدمات الصحية والتعليمية، والنقل، وغيرها من القطاعات. وفي ضوء هذه الخرائط تتحدد مناطق النفوذ الخاصة بالحكومة المركزية، أو المحافظة، أو الحكم المحلي. ويجب أن تؤول عوائد هذه المناطق لكل حكومة على حده حتى تنجح تجربة الحكم المحلي واللامركزية في دعم الحكومة المركزية، ويتفرغ المجلس التشريعي للقضايا العامة والتشريع ومراقبة أداء الحكومة.

النقطة الثامنة والأخيرة: التخلي عن بعض القواعد العامة التي تفيد أكثر مما تساعد في التصدي للمشاكل. فلا يجوز القول بعدم إنشاء مؤسسات مستقلة جديدة، ولكن يجوز إلغاء ما تقادم عليه العهد أو ثبت أنه غير قادر على التصدي لمشاكله، ولا يجوز منع السياحة من دول علاقتنا بها متوترة، وأن تتوقف عن المنع تحت ذريعة أن خير وسيلة لمنع الطلاق هو منع الزواج.

إننا بحاجة إلى مسك هذه الملفات واحدا واحدا، بهدف تعظيم دور القطاعين الخاص والمدني في إيصال رأيهما إلى السلطتين التنفيذية والتشريعية ضمن منظومة مؤسسية لها أصولها بحيث لا تبقى رهينة للعلاقات الشخصية أو درجة القرابة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات