الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي


في جلسة جمعتني بمعالي د. زياد فريز محافظ البنك المركزي الأردني، شرح لي كيف أن مهام جديدة أنيطت بالبنك المركزي الأردني. فبعد قصة الغارمات التي حصلت في الأردن، وما حصل حولها من تناقض في الآراء واختلاف في تقييم الآثار الإيجابية والسلبية للإعفاء، قررت الحكومة بالتوافق مع البنك المركزي على إناطة مسؤولية الإشراف على صناديق القروض الصغيرة أو بنوك الفقراء وعدد من الشركات المالية الأخرى إلى البنك المركزي.

وللتذكير، فإن مسؤولية أخرى كانت قد وُضِعت تحت جناح البنك المركزي، وهي مراقبة شركات التأمين في الأردن. ولقد سبق وأن كانت الرقابة على هذه الشركات من مسؤولية وزارة الصناعة والتجارة، ضمن دائرة خاصة في الوزارة، والآن تحولت إلى البنك المركزي.

هذه المسؤوليات الجديدة لم تُعطَ للبنك المركزي إلا بعد دراسة انتهت إلى أن شركات التمويل وشركات التأمين لها دور كبير وأساسي في تحقيق الاستقرار المالي في الأردن. وبعد تعديل قانون البنك المركزي العام 2016 نصت اهدافه بشكل صريح على المحافظة على الاستقرار المالي. وكلمة مالي هنا تعني (financial) وليس مالي حكومي (fiscal). فالاستقرار المالي الحكومي هو من صلاحيات الحكومة وبخاصة وزارة المالية.

وقد قام البنك المركزي بإصدار تقريرين عن الاستقرار المالي العام 2017 عن العام 2016، والعام 2018 عن 2017، وسيصدر خلال فترة التقرير الثالث عن العام 2018.

ولو تأملنا في التقرير عن العام 2017، لرأينا أن البنك المركزي قد نجح في تحقيق المزيد من الاستقرار المالي في القطاع المصرفي. ولهذا الاستقرار عدد من المؤشرات القابلة للقياس.

ومن أهم المؤشرات كفاية رأس المال، أو نسبة رأس المال إلى مجموع الديون المقدمة من الجهاز المصرفي لعملائه. وقد تبين أن النسبة العالمية المطلوبة والمعقولة هي 10.5 %. وتنص تعليمات البنك المركزي على أنها يجب ألا تقل لأي مصرف عن 12 %. ولكنها في الواقع العملي أعلى من ذلك. حيث وصلت هذه النسبة العام 2017 إلى 17.5 % مقابل 18.5 % العام 2016. ومن المتوقع أن تكون نفس نسبة العام 2017 في العام 2018، مما يعني مزيداً من الامان المصرفي وتحفظاً في منح القروض.

والمؤشر الثاني هو نوعية الأصول، والذي بدوره يقاس بنسبة الديون غير العاملة إلى مجموع الديون. وقد هبطت هذه النسبة إلى 4.2 % العام 2017، أو أقل مما كانت عليه في الأعوام 2013 حتى 2017. وبالمقابل فإن المخصصات لتغطية الديون غير العاملة والتي وضعتها البنوك تغطي أكثر من ثلاثة أرباع قيمة هذه الديون.

وهناك مؤشرات أخرى تؤكد سلامة الجهاز المصرفي واستقراره المالي وقدرته على الثبات حيال ضغوطات محتملة عليه. ومن هذه المؤشرات السيولة، والربحية ونمو الائتمان. ومع أن التركز في الجهاز المصرفي قد تحسن، إلا أنه ما يزال مرتفعاً. فعلى سبيل المثال ما تزال موجودات أكبر خمسة بنوك تشكل 53.7 % من مجموع موجودات القطاع المصرفي مقابل 60 % العام 2007.

إن متابعة قدرة القطاع المصرفي والقطاع المالي أمر ضروري لسلامة الاقتصاد الأردني ومنعته حيال التقلبات في أسعار الفائدة، والظروف الاقتصادية داخل البلد وخارجه وذات المساس المباشر بهذا القطاع الحيوي.

ومع أن الاستقرار المالي يعطينا صورة مشرقة نجحت إدارة البنك المركزي في تحقيقها إلا أن معدل النمو للاقتصاد يتطلب مزيداً من الاهتمام. فمعدل النمو العام 2017 كان بالكاد 2.0 %، وكان 1.9 % العام 2018. ونأمل أن يصل إلى 2.3 % العام 2019 أو أكثر. ولكن هذا يتطلب مزيداً من توجيه الائتمان المصرفي إلى القطاعات الانتاجية في الأردن رغم أن البنك المركزي قد خصص حوالي مليار دينار بأسعار مخفضة وشروط ميسّرة لهذه القطاعات.

يُشكَر البنك المركزي على جهوده، ولكن مطلب النمو هو التحدي الاساسي الذي يجب أن تتضافر جهود السياستين المالية والنقدية والتنموية من أجل إنجازه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات