مؤتمرات


ما أن يستمعَ العربيُ لكلمة مؤتمر حتى يقفز إلى عقله وشعوره كل التجارب والمآسي التي ولّدتها المؤتمرات والاجتماعات التي عقدها المستعمرون لتحديد مناطق نفوذهم وتقاسم الهيمنة على الأراضي العربية وتسهيل إنشاء الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين والبروتوكولات والخطط والتقسيمات التي نعاني منها اليوم.

الكثير من الناس يربط بين المؤتمر والمؤامرة بمعناها السلبي وينظر إلى أن ما يدور فيها يخدم مصالح القائمين عليها والداعين لانعقادها أكثر مما يخدم المصالح العامة للأمة.

غالبية الناس يجدون صعوبة في معرفة الفرق بين المؤتمر والملتقى والندوة والورشة وغيرها من المسمّيات التي تطلق على الاجتماعات التي تعقد لبحث القضايا والشؤون التي تعني الأطراف المشاركة وتستدعي الاتفاق على التعاون أو التنسيق وتقسيم الأدوار والمهام في التعامل مع القضايا والموضوعات التي يتناولها. في حالات أخرى يسهم المؤتمر في توفير الفرص لتبادل الآراء أو الأعلان عن نتائج الأبحاث أو لتسليط الأضواء على إنجازات كما يحصل في المؤتمرات العلمية وتشكيل الأحلاف وإظهار المواقف.

لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن انعقاد مؤتمر أو ندوة أو ملتقى أو اجتماع.

الدول والمهن والقطاعات تحرص على عقد اجتماعات أو مؤتمرات وندوات. بعض هذه اللقاءات أصبحت منتظمة لها مؤسساتها التي تنظمها وتتابع ترتيبات انعقادها.

في التاريخ الإنساني اكتسبت بعض المؤتمرات شهرة واسعة لاتخاذها قرارات مهمة غيرت وجه العالم. المؤتمرات التي عقدت قبل وبعد الحروب العالمية عبرت عن نية القوى المشاركة في دخول الحرب والاتفاق على توزيع مكتسباتها.

في منطقتنا العربية يتذكر الناس جيدا مؤتمر بازل في سويسرا ومؤتمرات رودس وسان ريمو ووعد بلفور ولقاء سايكس بيكو ومؤامرات القمة العربية واجتماع وارسو وغيرها من المؤتمرات التي تناولت شؤون المنطقة العربية وتقرير مصيرها.

بالرغم من انعقاد آلاف المؤتمرات التي تبحث في كافة جوانب الحياة والنشاط الإنساني إلا أن هناك عددا من المؤتمرات التي لعبت دورا مركزيا في تغيير مسار الاهتمام العالمي وإحداث التغيير وصياغة ثقافة إنسانية جديدة. المؤتمرات التي تعقدها الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان تكتسب أهمية كبرى في التعبير عن الإجماع الدولي على المعايير والقيم والمصالح المشتركة لأعضاء المجتمع الدولي. وتعتبر لقاءات الثمانية الكبار ومؤتمر العشرين الأقوى اقتصاديا مؤسسة أخرى توجه الاهتمام العالمي نحو بعض القضايا والمسارات، في الجانب الاقتصادي تتطلع الأسواق العالمية لما تقرره منظمة الدول المنتجة والمصدرة للبترول ففي كل مرة تتخذ المنظمة قرارا تتغير الأسعار والمراكز المالية وحركة التصنيع والإنتاج والتصدير.

بصورة عامة تعقد المجموعة العربية الكثير من المؤتمرات على مستوى القمة وفي كافة القطاعات وميادين العمل المشترك. الملفت أن القرارات والتوصيات التي تتخذ في المؤتمرات العربية لا تتحول إلى إجراءات ولا أحد يكترث لتنفيذها.

قبل أيام انتهت أعمال المؤتمر الثلاثين للقمة العربية بقرارات وتوصيات تشبه ما صدر عن القمم السابقة دون أدنى متابعة لما حصل فيها. في هذا الجزء من العالم لا تؤخذ المؤتمرات على محمل الجد وغالبا ما ينظر للاجتماعات والمقررات على أنها مجاملات ومسايرات لا تختلف كثيرا عما يحدث في المجالس والمنتديات التي يحرص الجميع فيها على إقرار القضايا التي لا تزعج أحدا ولا يعارضها أحد.

اليوم يتحفز العالم العربي لسماع ما يمكن أن تشتمل عليه خطة ترامب وفريقه من أفكار وقرارات بخصوص الشرق الأوسط. الجامعة العربية أعلنت تمسكها بحل الدولتين والمبادرة العربية لكن التفكير الأميركي والمطامع الصهيونية لم يلقيا بالا لما قاله العرب فقد أعدوا خطة بمعزل عما يراه العرب وعلى افتراض أن لا أهمية لما يقوله العرب في العلن… فالناس في السر غير القوم في العلن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات