الإصلاح السياسي في "عقل" الحكومة


يستضيف الأردن للمرة العاشرة المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهذا يؤشر على أن الأردن ما يزال نقطة جذب اقتصادية وسياسية.

يُعقد المنتدى العالمي بحضور أكثر من 1000 شخصية بارزة تحت عنوان “بناء نظم جديدة للتعاون”، وسيركز على أربعة محاور أساسية تتلخص ببناء نموذج اقتصادي جديد، وإدارة بيئة صالحة للعالم العربي، والوصول الى أرضية مشتركة في عالم متعدد المفاهيم، والثورة الصناعية الرابعة في العالم العربي.

يأخذ المنتدى سمة اقتصادية، وهذا العام يوفر أرضية لعرض المشاريع الريادية للشركات الناشئة، ولكن هذا لا يخفي أو يغطي أهمية الأبعاد السياسية خاصة في منطقة ملتهبة مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تعايش المنتدى الاقتصادي العالمي مع متغيرات مذهلة وكبيرة في العالم في العقدين الماضيين، فمن حديث السلام والرهانات على المكاسب والمنافع الاقتصادية، مروراً بزمن “الربيع العربي” وسقوط أنظمة حكم، وانتهاءً بالواقع العربي المعقد والمنقسم والذي تتوالى فيه الأزمات، ولا تبدو الأمور مرشحة للاستقرار في ظل عهد الإدارة الأميركية بزعامة الرئيس ترامب.

إذا أردنا معاينة الحالة الأردنية كنموذج للمنتدى فإن الإصلاحات الاقتصادية التي نوقشت طوال العقد الماضي لم تحقق للناس تنمية ورفاهاً، بل فاقمت معاناتهم الحياتية.

دراسة التجربة الأردنية ربما تكون مفصلاً مهماً في المنتدى الاقتصادي، ورسالة ضرورية تقول لا بد وأن تعود مثل هذه المؤتمرات بالنفع، وأن تجلب للناس قدراً قليلاً من التفاؤل بالمستقبل.

الأردن الذي يستضيف في البحر الميت هذا المنتدى يقع تحت وطأة الوضع الاقتصادي الصعب، مع توقع تزايد نسب الفقر والبطالة.

حين ينفض المشاركون في المنتدى الاقتصادي في البحر الميت، فسيكون أمام حكومة الرئيس عمر الرزاز استحقاقات متراكمة، وتحتاج تدخلاً وحلولاً عاجلة.

ستواجه الحكومة بشكل معلن بعد الانتخابات الإسرائيلية “صفقة القرن”، وكل ما سُرب عنها يشير الى تجاهلها للحقوق الفلسطينية والعربية، وفي مقدمتها قضية القدس، وهذا سيفرض على الاردن مواجهات سياسية صعبة ربما تعمق الأزمة الاقتصادية.

تصاعد الأزمات السياسية الإقليمية يقابله تصعيد بالأزمات الداخلية، فقبيل شهر رمضان يجري الحديث عن تعديل حكومي، والسؤال الأهم لماذا التعديل، ما الهدف منه، وماذا سيحقق؟.

المعلومات المتواترة أن الوئام ضعيف بين الرئيس وبعض أعضاء الفريق الوزاري، ويوجد اختلافات في التوجهات بين وزراء خلقت حالة جفاء، وتسببت بمناكفات، وسوء في التنسيق والتعاون.

كل هذا ربما يكون صحيحاً، وقد يتطلب الأمر تعديلاً، غير أن بوصلة التعديل يجب أن تكون لخلق “رافعات” قوية داخل الحكومة يمكن أن تحملها لتحقيق الإصلاح السياسي في هذه الفترة الحرجة، وهذا أمر غير ملموس وغير واضح في “عقل” الحكومة؟.

على الحكومة أن تسارع الى تقديم ما يقنع الناس أن هناك تغييراً في الإدارة السياسية، وإن كانت عاجزة عن تقديم حلولً اقتصادية خلال فترة قصيرة تنعكس على حياتهم، وتقلل معاناتهم المعيشية، فإن الأجدر بها أن تنشط بتقديم مبادرات سياسية تعزز مشاركتهم في صناعة القرار.

تحتاج حكومة الرزاز الى “جرعة سياسية” منشطة لخلاياها، والى جرأة في تشخيص الأزمة والمبادرة الى حلها، أما الاستمرار في حالة الإنكار، وباعتقادي أن الرزاز ما يزال لديه الفرصة الأخيرة لاستعادة القدرة على إدارة الحكومة بشكل فعال، واقتناص اللحظة لتحقيق ذلك يتطلب استدارة واهتماماً ببناء برنامج سياسي، و”تطعيم” حكومته بفريق جديد من الوزراء قادرين على ترجمته الى خطوات فعلية على أرض الواقع.

إذا كانت وعود الرفاه للناس صعبة، فإن الحكومة تملك على الأقل القدرة على إنجاز إصلاح سياسي لا يكلفها سوى إرادة سياسية حازمة لا تحتمل التأجيل والتسويف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات