أسعد لحظات المدرّس


لا أحد يستطيع أن يكشف عن قلب المدرّس ليعرف مقدار السعادة التي يعطيها لقاء مجموعة من الطلبة ، خصوصا الناجحين في حياتهم العملية والعلميّة ، ان التقى بهم بعد زمن من مغادرتهم مقاعد الدرس وانقطاع اخبارهم عنه بسبب مشاغل الحياة الكثيرة . الأيّام لا يمكن أن تمحو من ذاكرة المدرّس أسماء ووجوه الطلبة المتميّزين ، خصوصا ان كانوا من الذين احترموه أيّام دراستهم ولم يخافوه ، ثمّ بدى على وجوههم سعادة غامرة ، ان قابلوه بعد غياب ، وكان ظاهرا على وجوههم مدى سعادتهم وتقديرهم وحبّهم لأستاذهم الذي قدّم لهم ، ليس فقط العلم وانّما جعلهم يثقون بأنفسهم ويتجاوزوا صعوبات تعترض أيّ انسان في هذا العالم الذي يصبح يوما بعد يوم أكثر سوءا ، ويحتاج فيه الطالب في المدرسة والجامعة ، أن يكون المدرّس صديقا أكثر منه ملقنا للمادة الدراسية ، يقدّم بها الطالب امتحانه ، ينجح ، ثمّ ينسى تفاصيلها لأنّ مدرّسها لم يملك مهارة الاتصال مع طلبته .

ما المانع ان أصبح المدرّس صديقا للطالب . ما المانع ان أحسّ المدرس باحتياج الطالب لمن يتحدّث اليه ويسأله عن أحواله ، همومه وآماله . ما هو الأمر الذي يجعل بعض المدرّسين يفهمون أنّ علاقتهم بالطلبة يجب أن تكون بحدود صارمة . وما الذي يجعل وجه المدرّس يتجّهم ، ان اراد الطالب أن يقترب أكثر من معلّمه ، يسأله ويستفسر منه عن أشياء غير المطلوبة في الكتب ، علّه يجد جوابا لا يستطيع أن يجده في البيت ولا في الشارع ولا مع الأصدقاء الذين لا يكون لهم عادة ، تجربة في الحياة مثل المدرسين . ثمّ اليس من واجب المدرّس أن يكون معينا للطالب في فهم الحياة وبيان الطرق التي تجعله ناجحا فيها .

يقول بعض العارفين ، أنّ المدرسين غير المتمكنين من المواد التي يدرسونها ، يكونوا أكثر صرامة مع طلبتهم ويحاولوا بكلّ السبل أن لا توّجه لهم أسئلة من الطلبة تحرجهم ، وتكشف ضحالة معرفتهم بالعلم الذي يدرّسونه . فيحسّ الطلبة أنّ علاقتهم مع المدرّس الذي لا يقدّم لهم الّا المعلومات المكتوبة في الكتب ، والتي لا يستطيع أن ينقلها لهم بسهوله ، هي علاقة مبتورة ، تنتهي بانتهاء مهمّة المدرّس ، وتقديم الامتحان . بعدها ينسى الطلبة هذا المدرّس ، ولا يتذكّرون منه أو من علمه شيء . وحتّى لو صادفوه يكون لقاء عابرا بدون احساس .

يقول آخرين أنّ الطلبة لا يمكن أن يحترموا المدرّس الذي يعطيهم المجال لكي يقتربوا منه أكثر ويزيلوا الحواجز بينه وبينهم ، والذي يعاملهم كأصدقاء ، لأنّهم يفهمون حينها أنّه ضعيف وغير قادر على بناء شخصيّة له ، تقف حاجزا بينه وبين طلبته . وهذا فهم مغلوط للعلاقة بين الطالب والمدرّس والتي يجب أن تبنى على احترام الطلبة لمدرّسهم وتقديرهم له ، وعدم خوفهم منه .

نعم . شعور رائع يحسّه المدرس عندما يلتقي بطلبة يحترمونه ويتمنّون لو أنّ أيّامهم معه لم تنته ، ثمّ يخبرونه عن التأثير الايجابي لعلاقته معهم . ولا تسعه الدنيا ان أخبروه عن نجاحاتهم في الحياة ، وتمكنهم من تحقيق أحلام حدّثوه عنها يوما ما .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات