مملكة أردنية هاشمية .. الحقيقة الباقية


بعد حديث جلالة الملك أول من أمس لقيادات عسكرية وأمنية حول ثوابت الأردن تجاه فلسطين والقدس، استرجعت عشرات التصريحات والمواقف للملك الراحل الحسين طيب الله ثراه حول ذات الموضوع. المواقف هي ذاتها وبنفس اللغة الصارمة والواضحة،ومع ذلك كان الحسين يضطر لإعادة تكرارها مرات ومرات، وهو نفس الوضع الذي يواجهه الملك عبدالله الثاني منذ تسلمه مقاليد الحكم قبل عشرين عاما.

القلق على مصير قضية الشعب الفلسطيني والحل النهائي مشروع ومبرر؛ كان وما يزال، فعلى مر العقود لم تتوقف المحاولات لتسوية الصراع على نحو يخدم مصالح دولة الاحتلال، وفي المرات القليلة التي لاحت فيها فرص الحل العادل، تكفلت أطراف يمينية ومتطرفة بوأدها، حتى أصبح حل الدولتين بعيد المنال، ومعه الحقوق التاريخية المشروعة للفلسطينيين بالعودة وتقرير المصير.

لكن غير المبرر وغير المقبول هو التشكيك بقدرتنا كدولة وقيادة وشعب على حماية مصالحنا الوطنية العليا ومساندة الشعب الشقيق في كفاحه إلى أن ينال الاستقلال، وفي أسوأ الأحوال المحافظة على قضيته العادلة حية لأجيال تأتي من بعدنا وتعيد الحق لأصحابه.

الأردن مصمم على صيانة هذه الحقوق والثوابت، وقد يضطر في مراحل قادمة إلى مواجهة مواقف صعبة دفاعا عن مصالحه القومية والوطنية. لا أحد يستطيع أن يفرض علينا حلولا لا تراعي مصالحنا، مهما امتلك من القوة والنفوذ. لكن حتى نستطيع أن نعبر الصعب كما عبرنا من قبل، يتعين علينا أن نجدد كل يوم الثقة بأنفسنا ودولتنا، ونكف عن ترويج الإشاعات والأكاذيب على أنها حقائق.

المساومة على الحقوق التاريخية للفلسطينيين هي مساومة على مصالحنا وأمننا ومستقبلنا، فهل هناك نظام سياسي يقبل الانخراط في صفقة تعرض وجوده للخطر؟!

صحيح أن المنطق الأميركي اليوم ينطوي على غطرسة، يضج منها العالم كله، لكنها ليست أقل شراسة من حكومات إسرائيلية كانت تتبنى رسميا الوطن البديل شعارا وبرنامجا، انتهت كلها وظل الأردن؛ مملكة أردنية هاشمية، لا أكبر من ذلك ولا أصغر، هويتها عروبية إسلامية منفتحة على العالم وتستند لإرث تاريخي طويل.

كل محاولات اللعب بالجغرافيا السياسية لمنطقتنا باءت بالفشل.العراق عانى طويلا لكنه عاد موحدا بهويته التاريخية. سورية دحرت مؤامرة التقسيم وفي طريقها لاستعادة مكانتها الطبيعية.

سؤال الجغرافيا السياسية سيكون مطروحا على إسرائيل في مستقبل الأيام وليس على الأردن. دولتان أم دولة ثنائية القومية في فلسطين يكون للشعب الأصيل فيها حقوق متساوية بكل ما يترتب على ذلك من نتائج سياسية. إسرائيل وحدها من عليها أن تواجه سؤال المستقبل المرعب وليس الأردن.

علينا أن نثق بقوة منطق التاريخ والجغرافيا ولا نفقد توازننا عند المنعطفات التاريخية. تغيير الحقائق على الأرض على خطورته لن يغير السرديات التاريخية. القدس مدينة فلسطينية عربية إسلامية ومسيحية، والجولان أرض سورية عربية، لن يطمس هويتها توقيع عابر في البيت الأبيض.

الأردن باق، مملكة أردنية هاشمية. تلك هي الحقيقة التي لا يجوز الشك فيها أو المساومة عليها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات