المُـؤامـرات و التِّيــه مِــن عناويـن صفعـــة القَـــرن


مِـن المُـؤلِـمِ حَـقَّـاً ومِمَّـا يُـدمِي القَـلـب أنْ يُـسنَــدَ الأمــرُ إلـى غيــرِ أهلِـــه، فالمعــروف أنَّ سيِّـــدَ المعـركــةِ في الحُـروب هــو الجَّـيـــش بِجُنُـــودِهِ وعُـــدَدِه، والشَّعــب المُـؤمِــن بحقِّـــهِ وقضـايـــاه. 

وسَــادَةُ السِّيَـاسَــة هُـــم أصحــابُ التَّـجـربَــةِ والخِبــرةِ مِمَّـن عَـرَكَتهُــم الأحــداث، وقَــرأوا التَّـاريــخَ، تـاريــخ الأمــمِ قَــديمِــهِ وحَـديثِــه، وهُــم الذيــن لا تكُــونُ قراراتهــم مبنيَّــةً علـى حَـدَثٍ واحِــدٍ أو رؤيَــةٍ واحِــدَةٍ، وإنَّمَـا يَستَحضِـرُون كُــلَّ الأوضَاع العالميَّــة وتَـداخُـلاتِهَـا، ويَستَحـضِـرُون كُـلَّ التَّـقَـاطُعــات المُؤثِّــرة على أيِّ قــرارٍ يَـدرُسُونَـــه. 

إنَّ امتهــانَ السِّيَاسَــة و إتقانهــا لا يُشتَـرى بالمـال، وإتـقَــانُ السِّيـاسَـة لا يكــونُ بالمُؤهِّــل العلمــيِّ وحــده، وإتقــانُ السِّيَـاسَـة لا يكــونُ بارتِـــداءِ البـذلــةِ اللَّامعــةِ وربطَــةِ العُـنُــقِ الأخَّـاذَةِ، وصَـبّ الجِــل علـى الشَّـعــرِ حتَّــى يستنِـــدَ كَـرِيْـــشِ (النِّـيــص).

إنَّ اعتِــلاءَ صَهــوةِ السِّيــاسَــة هِــي أصعــبُ مِــن اعتِـلاءِ صَهــوةِ حِصَــانٍ جَمُــوحٍ علــى شـــابٍّ غِـــرٍّ يتــدعثَــرُ بِثِـيَـابِــه. 

لقــد افتَتَـحْــتُ مَقَــالَتِــي بِهَــذِهِ المُقَــدِّمَــة بَعْـــدَ الَّــذي رأيتُـــهُ فِــي مَجلِــسِ النُّــوَّابِ أثنَـــاءَ مُنَـاقَشَـتِـــهِ لِقَـضِيَّــةِ المَسجِــدِ الأقـصــى والمُقَـدَّسَــات. 

إنَّ مَـا رَأينَــاه يُعطِــي صُورَةً واضِحَــةً عَــن مَــدَى جَهـــلِ الكثيــريــن بالسِّيَـاسَــة، وعَــن مَــدَى جَهْلِهِــم بِمَــا يَجْــرِي حَـولَهُــم، وعَــن مَــدَى العَـشَــى البَـصَــرِي الَّــذي أعـمَــى الأنظَـــارَ عَـمَّـــا يُحـــاكُ لَهُــم ولَـنَـا مِــن مُـؤامَــراتٍ تَشِيـبُ لَـهَـا الوِلـدَان وتقشَعِــُّر لهَـا الأبــدان. 

ألَــم يَقْـرَأ النُّــوَّابُ تَـوصيَـــات مُـؤتَـمَــر بـــال فِـي سـويســـرا عــام 1897 م؟. 

ألا يَــرى النُّــوابُ كَيــفَ أنَّ مُخَطَّطَــات اليهُـــود لِهـذِهِ الأمَّـــة تُنَفَّـــذُ بِنَجَـــاح وفــق المُــدَد الزَّمنيَّــةِ المُحدَّدةِ لهــا؟. 

ألا يَــرى النُّــوابُ واقــعَ الأمَّـــةِ اليَـــوم؟، وكيــفَ أنَّهَـــا تَعِيــشُ التِّـيــهَ علـى أرضِهَـــا. كمــا عاشَـهُ بنــو اسرائيـــل فِـي صحـراءِ سينَــاء، مَــعَ فَــارِقٍ كَبِيـــر أنَّ تِـيــهَ بنـي اسرائيــل كَــان أربعيــن سنــة لكِــنَّ تِـيـــهَ أُمَّتِنَـــا غيــرَ مَحـدُود، و مُؤشِّـراتــه تقُــول أنَّــه مُمتَــدٌّ حتَّـى يَقـضِـيَ الله أمــرَاً كَــانَ مفعُــولا.

ألا يَـــرَى النُّــوَّابُ ويُـدرِكُــون كيــفَ أنَّ الكثيــرَ مِمَّــن كانُــوا مُدافِعِـيـــنَ عَـن القضيَّــة الفلسطينيَّـــة يُحَـارِبُــون مِـن أجلِهَـا، أصبَـحُـوا اليــومَ يُقَاتِـلُــون ضِدَّهــا، ويستَعْــدُونَ عَـليهـــا؟. 

ألا يـــرَى النُّـوَّابُ كيــفَ أنَّ الــوطـن العـربِــي أصبَـحَ شِيَـعَـاً وأحـزَابَـاً؟؛ لا يسـألُ الأخُ عَــن أخيــه؛ جَـاعَ أو عَطِــش أو عَــرِي، يستمتِــعُ الأخُ بالكَـيْـدِ لأخيــه ولا تَهْـتَــزُّ مَشَـاعِـره لِجَـريَـانِ أنهَــار الــدَّمِ مِـن أُمَّـتِــهِ وفِـي وَطَـنِــه. 

ألا يُـدرِكُ النَـوَّابُ أنَّ كُــل هــذا هُــو تَهيِئـــة لِصَـفْـعـــة القَــــرن؟، رسمهــا لنـا الأعــداء وتُنَـفِّــذُهَــا نُخْـبَــةٌ مِـن أُمَّتِنَــا مِمَّــن تَـرَبّــوا علـى حليــب الـــذُّلِّ والخِـيَـانَـــة. 

ألا يُـدرِكُ النَـوَّابُ أنَّنَــا فِـي الأُردُن، أُردنِيُّـــون وفلسطينيُّـــون مَـع أنَّنـي لسْــتُ مَــع هَـــذا المُصطَـلَـح والتقسيــم، أنَّنـا قَــد نَكُـون خَـاتِمَــةَ مُـؤامَــراتِ الأعـداءِ بِـنَـا ولَـنَـا، حتَّــى تَـنَـفَّــذ صَفـعـــة القَـــرن ولَــــو علَـــى دِمَـائِنَـــا ووَطَـنِنَــا الَّــذي يَجْمَعُنَـــا وهُـــوَ المَــلاذُ الأخيـــر لنَـــا جميعــاً؟. 

ألا يَــعرفُ النُّــوَّابُ، وأقُــولُ هَـــذا لِـلشَـبَــابِ مِنْـهُــم بِخَـاصَّــةٍ أنَّـنَــا فــي الأُردُنِّ الآن مَــا عُـدنَــا نُفَــرِّقُ ولا نَعــرِفُ مَــن هُــو الأردنـي ولا مَــن هُــو الفلسطينـي؟، إلَّا عِنـدمَــا يَـذكُــرُ الوَاحِــدُ مِـنَّـــا مَكَــانَ مِيــلادِ أبيــه وجَـــدِّه؛ فقـــد اختلَـــطَ الــدَّم، واقتَـسَـمنــا لُـقمَـةَ العيــش، وتَشَـاركنــا فِـي الهَـمِّ والمصِيـــر، وجميعنــا لا يَـعــرِفُ لنَـــا قضِيَّــة تَـتَـقَــدَّمُ علَــى قَـضِـيَّــة فلسطيــــن. نبكِـــي دماً عندمـا نَـرَى إخـواننَــا فِــي فلسطيـــن يُقْتَـــلُـون علـى أسـوارِ بُيُـوتِهِــم، وعنـدمَــا نَـــرَى الأطفَـــالَ والنِّسَــاءَ تَــذُودُ عَـــنِ الأقصَـــى، وعنـدمَـا نَـرَى أبـوابَ الأقصَــى تُغلَــق، ونحــنُ نُؤمِــنُ أنَّ إيمـاننَــا لا يَكتَمِـــل إلَّا بالأقصـــى وفلسطيـــــن.

وفي الختام؛ و لأنَّ المقَـــام لا يتَّسِــع للتَّفصيــل فإنَّنِـي أُوَجِّـــهُ تَـوقيعـــاتٍ لِمَـــن لا يقـــرأ، وإذا قَـــرَأ لا يُحَلِّـــل ولا يَـستنتِـج، فأقُــول: 
لقَــد قَـــدَّمَ الأُردُنُّ والأردنيُّـــون الـــدَّمَ لأجــــلِ فلسطيـــــن، ليـــسَ مِنَّـــةً أبَـــداً وإنَّـمَـــا هُـــو الواجِـبُ ونُصـرةُ الأخِ لأخِيـــه، والدِّفَـاعُ عــن المُقَـدَّســاتِ الإسلاميَّــةِ والمسيحيَّــة، الَّتـي هِــي تَـاريخُنَـا ومصــدَرُ عِـزّنـــا ومَنبَـــعُ ثقَــافَتِـنَــا. 

لأنَّنَـا نُؤمِـنُ وديننــا يُحَتِّـــمُ علينَـــا أنْ نَحـفَــظَ القُـــــدسَ، أقـصَــاهـــا وقِيَـــامَتَهَـــا، فالأقصَــى هُـــوَ بَــوَّابَــةُ السَّمــاءِ ومِعــراجُ الرَّســـول (صلَّـى اللّـــهُ عليــهِ و سلَّــم) والقِـيَــامَــةُ التـي يُقَـدِّسُهَــا إخوانُنَـــا النَّصَـارَى لأنَّهَــا تَحتضِــنُ قبْـــرَ سَيِّـــدنَــا المسيـــح الَّـــذي نُقَـدِّسُـه و نُـؤمِــنُ بِــهِ كإيمانِنَـا بِنَبِيِّـنَــا محمد (صلَّـى اللّـــهُ عليــهِ و سلَّــم). 

أمَّــا الهَاشِمِيُّــون فقَــد قَـدَّمُــوا دِمَـاءَهُــم وضَحّـــوا بِمُلكِهِــم مِــن أجْــلِ فلسطيـــن، ولَـو قَـبِــلَ الشَّـــريــف الحُسيـــن بِـــن علــي بالتَّـوقيـعِ علـى أنْ تكُــونَ فلسطيــن وَطَنَــاً لِليَـهُــود، مَـا تَكَـالَـبَ عليــهِ الغَـــربُ وأخــرجُــوهُ مِــن مُلْـكِــهِ، ولَـمَـا تَـكَـالَـبُــوا علـى ثَـورَتِـه؛ ثَــورةُ العـــرَبِ الَّـتـي كَــانَ العـــرَبُ يَطمعُـــونَ أنْ تُحَـقِّـقَ آمـالَهُــم ووحـدتَهُـــم. 

إنَّنَــا كِبَـاراً وصِغَــارَاً، شِـيبَــاً وشُبَّـانَــاً، نَعْـرِفُ مِـقـدار الظَّـلــم والكَـبَـد الَّــذي يَعِـيشُــهُ الفلسطينيُّــون ولكـن أتمنَّـى علَــى إخـوانِنَـا الفلسطينييــن أنْ يَعـرِفُــوا أنَّـنَــا فِــي الأُردُن نُعَـانِـي قَـــدَرَ مُعَـانَـاتِـهِــم، لأنَّـنَـا نَـحـــزَنُ لِـحُـزنِهِــم، ونبكِـي لِبُكَـائِهِــم وننتظِــرُ اليَــومَ المَـوعُــود الَّـــذي نَـكُــونُ مَعَهُـــم فِـــي مُقَـدِّمَـــةِ الزَّحـــفِ إلـى فلسطيــــــــن إن شاء الله. 

أتمنَّـى علـى نُــوَّابِنَــا أنْ يَـعُــــوا حَـجْــمَ المُـؤامَــــرة الَّتــي تُحَـــاكُ لَنَـــا، و أنْ يَعــرِفُــوا أنَّ سُـقُـوطَ صَفعــــةِ القَــــرنِ لا يَكُـــونُ إلَّا بِتَـلاحُمِنَــا ووحـدَتِـنَـــا, وأنْ تَـكُــونَ قَــراراتهــم مَـدرُوسَـــة بِحجــم تَـكَـالُــبِ الصَّـديـــق قَـبْـــلَ العَــــدُوّ علينـــا. 

حَفِظَـــكَ اللهُ يَـــا وطَنِــــــي، وأبـقَـــاكَ وأيَّــــدَكَ بِـنَـصـرِهِ، راجِيـــنَ الله أنْ تَـكُــونَ مِمَّـــن يَسعَــد بِشَـرَفِ نُصــرَةِ الحَـــقّ، ونُـصـرَةِ الأخِ والمُـقَـدَّسَــــات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات