المرأة ليست بخير في الأردن


احتفل الأردن كما هو الحال في كل دول العالم باليوم العالمي للمرأة، ورغم التحسن والتقدم في وضع النساء في بلادنا، إلا أننا نستطيع القول أن المرأة ليست بخير ما دامت الحقوق ليست متكافئة ومتساوية، والدستور والقانون لا يضمنان الحق بشكل عادل، ولا يسهمان في ردم الفجوة الجندرية.

لا يُنكر منصف أن الأردن بذل جهوداً متواصلة للقضاء على أشكال مختلفة من التمييز ضد المرأة، ومع ذلك فإن الشعارات وحدها لا تكفي لتعديل الوضع بشكل جذري بما يحقق الإنصاف للنساء، فالمعالجات يجب أن تكون في الصميم، وتترك أثراً حقيقياً على حياة النساء، وليست قرارات وإجراءات تعكس فقط عصرية الدولة، وبريقا يزول عند أول محك واختبار.

الأصل إن كنا نرغب بتحقيق نقلة نوعية في المجتمع وتمكين النساء في المساهمة في التنمية المستدامة أن نعترف، ونقر بأن الأردنيين أمام القانون سواء، وهذا نص دستوري معطل، فالحقوق بين الرجال والنساء رغم وضوح النص ليست متساوية، و”سلطة الذكور” تمنع إعمال هذا النص الدستوري.

وللتذكير فإن اللجنة الملكية لتعديل الدستور العام 2011 برئاسة المرحوم أحمد اللوزي رئيس الوزراء الأسبق شهدت جدلاً واسعاً حول هذا النص، وأبلغني اللوزي بعد ذلك أن أعضاء في اللجنة كانوا يريدون إضافة “الأردنيون رجالاً ونساءً أو ذكوراً وإناثاً متساوون أمام القانون” لوقف أي تمييز أو تملص من تطبيق حُكم الدستور.

حتى الآن فإن الأردنيات رغم كل التعليمات بمنح حقوق تحولت لمزايا لأبنائهن وبناتهن فإن المعاناة مستمرة، تحت حُجج وذرائع لا تنتهي.

إذا كنا نحترم الدستور، ولا نخالفه، فإن تطبيقه يعني أن نعطي للأردنيات كل الحقوق التي يأخذها الرجال، وبعكس ذلك فإن “مسطرتنا” الحقوقية مختلفة ومختلة، وهذا بيت القصيد حتى لا نظل نتبع الهامش.

نعم قمنا بإلغاء المادة 308 وصفقنا لهذا الإنجاز، وتراجعت –حسب معلوماتي- أرقام جرائم الشرف، ولكن دققوا وانظروا كيف يتعامل مجلس النواب مع قانون الأحوال الشخصية، وكيف يسود نهج لا يؤمن بحقوق المرأة المتساوية؟

كثيرة هي نقاط الخلل في تشريعاتنا والتي تمنع تمكين النساء وخاصة اقتصادياً، لكن مُرّ الشكوى ترويها نساء عن معاناتهن وقضايا مسكوت عنها في المحاكم الشرعية، وعلى سبيل المثال لا الحصر المشوار الطويل والمذل للحصول على نفقة الأولاد، وكيف تُسهم القوانين في تملص الرجال من مسؤولياتهم وواجباتهم، وفي ذات الوقت ورغم التنكر فإن الأم لا تستطيع السفر مع أولادها دون موافقة الأب، وهكذا سلسلة من الإجراءات التمييزية ضد النساء لمصلحة الرجال.

أظهرت الاحصائيات أن نسبة الأميّة بين الإناث لا تتجاوز 6.8 % لمن بلغن 15 عاماً، و44.1 % من الملتحقين بالتعليم إناث، وفي 2016 من بين كل 5 من أعضاء السلك الدبلوماسي والقضائي توجد امرأة، هذه مؤشرات إيجابية علينا أن نفخر بها بالأردن ونطمح لمزيد من التقدم على طريق المساواة ووقف التمييز.

وفي المقابل هناك مؤشرات صادمة ومخجلة ولا تليق بالأردن في العام 2019، فالأردن في المرتبة 180 في مؤشر المرأة والأعمال والقانون الذي يصدره البنك الدولي من أصل 187 دولة.

ومن الأرقام المؤلمة أن مشاركة المرأة الاقتصادية تشكل 15.2 % مقابل 55.9 % للذكور، ومعدل البطالة بين الإناث يصل الى 25.7 % في حين يبلغ 16.9 % للذكور.

وبعيداً عن لغة الإنجازات، فإن تقريراً للبنك الدولي يكشف أن معدل مشاركة النساء في قوة العمل تبلغ 14 %، وأن 63 % من النساء بين سن 15 وحتى 24 عاطلات عن العمل.

ونوه التقرير بأن التمثيل السياسي للنساء في المناصب الوزارية يبلغ 22 % وفي البرلمان 15 %، فالإحصائيات تُظهر التمييز الجندري في مجالات كثيرة ومتعددة، والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن الحكومات في السنوات السابقة كانت أكثر تقدمية في إنصاف النساء من المؤسسة البرلمانية.

أدرك أن هناك قوى شد عكسي في المجتمع تعترض إصلاحات حقيقية للمساواة، وتحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة، لكن الحكومة لا يجوز أن تتذرع بذلك لمنع حقوق تمس الكرامة الإنسانية للنساء، ونحن نعرف أن السلطة حين تريد أمراً لا تشغل بالها كثيراً بموقف الشارع والأمثلة على هذه الحقيقة كثيرة، وإن لم تُسعفهم الذاكرة فنحن على أتم الاستعداد لتذكيرهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات