رفقا بالحكومة .. رفقا بالوطن


تتعرض الحكومة الحالية لهجمات وشيطنة تكاد تكون الأعنف والأشد التي تواجهها حكومة أردنية، رؤساء وزارات ووزراء سابقون ونواب وكتاب ومثقفون ونشطاء وسائل التواصل الإجتماعي يصبون جام غضبهم على الحكومة رئيسا ووزراء، لعجزها عن إجتراح الحلول والمقاربات التي تعصف بالبلد، جل المنتقدين يرشدون الحكومة للحل وهي تعاند وتعرض عن ذلك، فقط عليها أن تستمع لهم وتبدأ بالتفكير من "خارج الصندوق"....

إي صندوق هذا الذي يتحدثون عنه وكثير منهم قضى سنوات طويلة في المسؤولية لم يفكر لا من خارج الصندوق ولا من داخله، أو ليس ما نعاني منه اليوم إلا حصاد مر بل شديد المرارة لحقب سابقة تسيدها مسؤولون لا نراهم اليوم الا في ثياب الواعظين، مديونية ثقيلة ومشاكل مستعصية لم تهبط علينا فجأة من السماء ولم تساهم هذه الحكومة في إيجادها، وثقافات وممارسات سلبية عززتها الحكومات السابقة وساهم المجتمع كله في ترسيخها، الواسطة والمحسوبية كلنا جميعا ضدها عندما تتعلق بالآخرين وكلنا معها ونمارسها عندما يتعلق الأمر بنا فقط.

رئيس الحكومة وطاقمها منا .... من مدننا وقرانا وبوادينا جاءوا .... لم يهبطوا من المريخ او من زُحل ليسوا ملائكة قطعا ولكنهم ليسوا شياطين أيضا، إن تكللت جهودنا بالنجاح واسقطناهم سيأتي مثلهم أيضا من ذات القرى والبوادي ونفس المدن، وسنبدأ عندها المسلسل ذاته من الانتقاد والشيطنة وتكسير المجاديف وتمزيق الأشرعة، وسيبقى مركب الوطن يترنح تتقاذفه الأنواء والاعاصير، مشكلة الجميع أنهم يطلبون أو يتوقعون نتائج فورية وحلول سحرية لمشاكل وأزمات راكمتها عقود متصلة من الإدارة غير الحصيفة والممارسات غير الرشيدة في آن معاً.

لقد وقعت هذه الحكومة غداة تشكيلها في نفس المحاذير التي سقطت فيها حكومات سابقة، فقامت بقطع التعهدات والالتزامات بتحقيق إنجازات ملموسة خلال مائة يوم، وهذا خطأ فادح سواء كان مقصودا أوغير مقصود، الواقع الذي نعرفه جميعاً لا يصلح لا بمائة ولا بألف من الأيام، جل ما تستطيع هذه الحكومة وأية حكومة أخرى عمله هو وقف التدهور، ليس على الصعيد الإقتصادي فقط وإنما على الصعد كافة، هل الوضع التعليمي بخير .... هل القطاع العام في أفضل حالاته، هل نحن جاهزون للإصلاح السياسي والتحول الديموقراطي الذي يتحدثون عنه .... أية حكومة أو خطط أو إستراتيجيات تعد بنتائج ومخرجات سريعة هي إضاعة للوقت وهدر للموارد ليس إلا.

هذه ليست معلقة لمدح الحكومة الحالية والتغزل بأعضائها فلديها من العثرات الكثير ... وتعيينات المناصب العليا ليست عنا ببعيد، إلا انها تبذل جهودا مضنية لتغيير الواقع الذي ليست كل مفاتيحه داخلية محضة، فهناك الإقليم الذي يلقي واقعه المضطرب بظلاله على الداخل الأردني، وهناك السياسة ومتطلباتها والإستحقاقات التي تعمل جهات دولية وقوى كبرى جاهدة لفرضها على البلد، إضافة إلى أن تعقيدات الأزمة الداخلية لا تحل بإجراءات حكومية فقط، فهناك أطراف فاعلة أيضا عليها تحمل المسؤولية، والعمل على وقف التحريض والتشويه المتعمد للواقع وإظهار الصورة أكثر قتامة مما هي في واقع الحال.

تغيير هذه الحكومة ليس حلا أبداً ... لا نقوله حباً بطاقمها ولا حرصا على مصالحهم ... فرواتبهم التقاعدية وأعمالهم الخاصة تنتظرهم، وإنما بالوطن الذي لا نملك غيره ونحب أن نراه متعافياً قادراً سيدأ، وذلك لا يمكن ان يحدث بين عشية وضحاها فالتغيير يحتاج إلى الصبر وطول النفس والتضحية من الجميع .... الازمة الإقتصادية – وهي أم المشاكل والأزمات الاخرى- مستفحلة وتزداد سوءا منذ سنين وهي بذلك تحتاج إلى سنين طوال للتعافي والبدء في النمو الحقيقي الذي ينعكس بمزيد من فرص العمل لا الوظائف الحكومية وبإرتفاع في حقيقي في مستوى المعيشة، والدول التي مرت بظروف مشابهة خضعت لعمليات وجراحات مؤلمة بما في ذلك خفض للرواتب وتقليص للوظائف، وليس إستحداثاً لمزيد من الوظائف في قطاع يئن ويشتكي من ثقل الحمولة الزائدة التي ينوء بها.

أرجوكم أتركوا الحكومة تعمل، وإذا أخترتم ان لا تكونوا ضمن صف الداعمين لها، فلا تضعوا العصي في دواليبها على الأقل، تغيير الحكومة ليس صعباً .... وهو سيتم آجلا او عاجلا ... إنما في هذه المرحلة بالذات وللأسباب التي يطرحها خصومها ... فلن يكون ذلك إلا وصفة سهلة للفوضى والخراب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات