مؤتمر وارسو والموقف الأردني


من الواضح ان مؤتمر وارسو الذي عقد الأسبوع الماضي تنفيذ مباشر للرغبة الاميركية- الاسرائيلية بتحويل الأنظار عن الصراع العربي الاسرائيلي وإظهار الخطر الاكبر في المنطقة بأنه اليوم هو ايران وليس اسرائيل. ودون ان اقلل من الدور السلبي الذي تلعبه ايران في المنطقة وتدخلاتها المستمرة في الشوون الداخلية العربية، فإن دورها السلبي لا يرقى الى الخطر الذي تشكله السياسات الاسرائيلية على الجانبين الفلسطيني والأردني اضافة للجانب العربي.

ما من مواطن عربي اين كان موقعه الا ويدرك ذلك تماما. ولكن للاسف فإن بعض الدول العربية على المستوى الرسمي تتناغم مع هذه النظرة الاميركية الاسرائيلية ما سمح لرئيس الوزراء الاسرائيلي باستخدام حضوره الشخصي في مؤتمر وارسو ليس فقط لمحاولة ارساء هذه النظرة المغلوطة، بل لاستخدام هذا الحضور في حملته الانتخابية وإقناع الناخب الاسرائيلي ان علاقات اسرائيل مع العالم العربي جيدة بالرغم من عدم حل القضية الفلسطينية.

حضور الأردن مؤتمر وارسو لم يفعل ذلك بالرغم من العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة، بل يجب ان يسجل ان الموقف الأردني؛ ملكا وحكومة، من محاولة تحويل الأنظار من اسرائيل لإيران كان مختلفا عن مواقف بعض الدول العربية الاخرى. رسالة الأردن واضحة قبل مؤتمر وارسو وستظل بعده، وهي ان الأردن لا يستطيع الانتحار سياسيا ولا يقبل التناغم مع ما يجري لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه، وان هذا الموقف سيظل ثابتا بالرغم من اي علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة او دول عربية معينة، وهي مسألة يتطابق فيها الموقفان الرسمي والشعبي.

يدفع الأردن اليوم ثمنا لموقفه هذا، وفي نفس الوقت، نحن مقبلون على مرحلة صعبة قد نشهد فيها صداما مبطنا او علنيا مع الادارة الاميركية اذا شاءت ان تعلن عن صفقة القرن بعد الانتخابات الاسرائيلية وان تحاول تمريرها.

كل ما يرشح عن الصفقة يشير الى ان الادارة الاميركية تعتقد، وبتشجيع اسرائيلي واضح، انها تستطيع مقايضة الأمور الرئيسية العالقة كالقدس واللاجئين والحدود بحوافز اقتصادية تقدمها للجانب الفلسطيني. . فقط من يجهل طبيعة الصراع يمكن ان يتخيل ان اي فلسطيني سيقبل ذلك. فقط من يجهل طبيعة الصراع يمكن ان يعتقد ان اي أردني سيقبل بحل القضية الفلسطينية على حسابه ولو قدمت له كل مغريات الدنيا الاقتصادية. فقط من يجهل طبيعة الصراع يعتقد ان اي دولة عربية، مهما كان تركيزها على الموضوع الإيراني، يمكن ان تقنع شعبها بقبول حل لا يتضمن القدس الشرقية ولا يقبل به الجانب الفلسطيني، بغض النظر عن التقارب مع اسرائيل ضد ايران.

هناك رأي يقول ان الادارة الاميركية ستعلن الخطة بعد الانتخابات الاسرائيلية ثم تتغاضى عنها لانها تعرف مدى المعارضة الفلسطينية والأردنية والعربية لها، ولكنها تريد ان تفي بوعودها الانتخابية. لا اعرف مدى صحة هذا الرأي باعتبار ان الرئيس الاميركي لا يحب تنفيذ وعوده الانتخابية فقط، ولكنه لا يحب الفشل ايضا.

مهما كان الحال فلا يمكن لنا في الأردن اتخاذ اي موقف سوى رفض صفقة القرن والوقوف في وجهها، فنحن في ذلك ندافع عن انفسنا كما ندافع عن الحق الفلسطيني. ومن الضروري ان تكون هناك جبهة داخلية موحدة شعبية ورسمية ضد هذه الصفقة. هناك دول أوروبية تبحث اليوم عن اية ايجابيات للصفقة تتيح لهم التعامل معها لعدم اغضاب أميركا، اما نحن فلا نملك الا رفضها حتى لو ادى الامر للحنق الاميركي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات