على جميع المعايير: مجلس النواب الاردني مجلس متقدم


بغضّ النّظر عن المشادات والمناكفات والمهاترات التي كانت وما زالت تحصل في داخل المجلس واروقته, وبغضّ النّظر عن بعض المواقف التي كشفت مدى شخصنة بعض الامور عند بعض النواب اصحاب السعادة, وبغضّ النّظر عن مبدأ (خالف تعرف) الذي رَكِبَ موجته بعض الاخوة النواب,...الا ان مجلس النواب الثامن عشر الاردني يعتبر مجلسا متقدماً وقويا على كافة المعايير الدولية المعتمدة, ويمكن ملاحظة ذلك جليا من خلال تحليل وربط ومقارنة سير جلسات عرض وطرح القضايا الوطنية المُلّحة ومناقشتها من قبل اعضاء المجلس او ربما بعضهم.

الحكم على قوة او ضعف أي (مجلس نواب) اينما كان واينما وجد يحتاج الى جملة من المعايير الدولية المعتمدة والمحددة والمؤطرة بإطار منهجي واضحة المعالم, في حين ان الحكم السطحي على المجلس من خلال تصرف وسلوك عضو واحد او اكثر من اعضاء المجلس يبقى حكما منقوصا ولا ينظر اليه على الاطلاق, والصحيح هو ان نُحلل الجّو العام والسائد الذي يطرح فيه اعضاء المجلس قضاياهم الوطنية ويناقشوها, ثم كيف يرد هؤلاء بعضهم على بعض بلغة الارقام القائمة على المعلومة الصحيحة والحديثة والقابلة للقياس.

و(الامثلة)لا حصر لها, اعتقد جازما ان اعضاء مجلس النواب الثامن عشر الاردني بمجملهم قد تمكّنوا من طرح جميع القضايا بما فيها القضايا الوطنية بمهنية عالية وبلغة قوية قائمة على المعلومة الذكية (النبأ) وكيفية طرح المعلومة الذكية النبأ بعد التبيّن والتحقق منها لتصبح (خبرا) شائعا متناقل ومتداول بين الناس فيما بعد, وقد يكون هذا الخبر صحيحا او خاطئا, فالنبأ الصحيح الذي صدر من انسان بالغ راشد عاقل يؤدي بالضرورة الى الخبر الصحيح, والنبأ الخاطئ الذي صدر من فاسق وحاقد ومُغرض يؤدي بالضرورة الى الخبر الخاطئ, لينكشف امره وينفضح لاحقا ويتلاشى في نهاية المطاف.

امتلاك مهارات طرح القضايا اية قضايا ومناقشتها بموضوعية دون تحيز يحتاج من الانسان ادراك ونضج بمستوى عالٍ, ويحتاج الى وعّي شامل وعميق, ويحتاج الى حواس خمس سليمة,...نعم يحتاج الى ثقافة واسعة, فالقضايا النقاشية في المجالس النيابية تمثل بامتياز مصير الامة ومصير الشعب ومصير المواطنين, فهي ليست تنزيلات في سوق الحلال, وهي ليست تنزيلات في حسبة الخضار ايضا,...نعم طرح القضايا ومناقشتها بشكل عام ليست تصليح بوابير كاز, وليست تعبئة هواء لإطارات السيارات, وليست ادهان وطراشة جدران غرف النوم, وليست تبليط ارضيات المطابخ, وليست حصة اشغال في مدرسة المشاغبين, مع احترامي الشديد لجميع هذه المهن واصحابها, انما هي قضايا نقاشية وطنية مصيرية في المجالس النيابية وغيرها تحتاج من جميع الاعضاء الى البصر والتبصر والبصيرة تحت قُبة البرلمان.

مجلس النواب الاردني اصبح مدرسة عريقة ومتقدمة في طرح القضايا الوطنية ومناقشتها, مدرسة عريقة ومتقدمة وفق معايير المنهج العلمي التي يعرفها اصحاب الاختصاص في الطرح والنقاش والحوار وتبادل الآراء واحترام الرأي والاخذ والعطاء على مستوى الوطن, وعلى العكس تماما عما يقال عنه انه مجرد اعضاء (بصّيمة), الواقع الحقيقي انه مجلس قوي بغضّ النّظر عن الحيثيات الاخرى التي قد تقع او قد تحصل بين الفينة والاخرى, والتي لا داعي لها, لان ارتفاع الاصوات او ورفع حدّة الطرح والتحّيز للآراء المطروحة والتمركز حول الذات يعطي مؤشرا قويا على الضعف والوهن الفكري لدى العضو.

وللإنصاف نقول: من المجاس العربية التي لها نفس النهج المتقدم والقوي في الطرح والنقاش كما هو الحال في مجلس النواب الاردني الحالي, المجالس الاتية: مجلس الأمة الكويتي, ومجلس النواب اللبناني, وهذه امانة ينبغي الافصاح عنها, فقد لوحظ اداء هذه المجالس بدقة عالية عند متابعة اسلوب ونهج طرح قضاياهم ومناقشتها بشكل عام, نعم امتازوا بقوة طرح ومناقشات قضاياهم ثم امتازوا بقدرة أغلاقها, وهذا يعكس امتلاكهم لثقافات واسعة استقرت في عقولهم عبر المراحل البرلمانية, آملين ان تغدوا جميع مجالس الدول العربية الاخرى على نفس النهج العلمي عند طرح قضايا اوطانهم ومناقشتها لما فيه خير ومصلحة الامة عامة من محيطه الى خليجه.

بقي ان نقول: معايير مجالس الامة, ومجالس الشعب, ومجالس النواب المتقدمة والقوية بشكل عام تعمل ضمن نهج مميز وابداع واضح تتمثل في ابداعات طرح القضايا اولاً, وابداعات مناقشتها ثانياً, وابداعات ختم واغلاق القضايا ثالثاً, وهذه بحد ذاته مواصفات وخصائص (المفاوض) الجيد, وهؤلاء قلة وندرة في عالمنا العربي, واعتقد (والله اعلم) اننا خسرنا الاندلس وخسرنا فلسطين وخسرنا صواني المعكرونة وخسرنا حروف العلّة المتحركة, وخسرنا..., وخسرنا..., نتيجة لضعفنا في مهارات (التفاوض) الجيد بدءاً من التنشئة في الاسرة مرورا بالإعداد في المدرسة وانتهاءً في طبيعة العمل, كيف لا ومهارات التفاوض الجيد تتعدى مهارات النقاش والحوار والجدل بدرجات عديدة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات