الامة العربية: الاكثر مفردات والاقل تفاهم!


الكون (سبحان الله) مليء بالعجائب والاسرار والشؤون, ويمكن لنا ان نقف عند احد هذه العجائب والاسرار, لنقول ولله في خلقه شؤون,...فقد أظهرت معاجم وقواميس اللغات المعتمدة عالميا, أظهرت ان اللغة العربية (لغة القرآن الكريم) تحتوي على ما يزيد عن(12,000,000) مفردة, وان اللغة الانجليزية تحتوي على(600,000) مفردة, وان اللغة الفرنسية تحتوي على(150,000) مفردة, في حين ان اللغة الروسية تحتوي على(130,000) مفردة, وبهذا يكون عدد مفردات اللغة العربية (25) ضعف عدد مفردات اللغة الانجليزية, واكثر من ذلك لباقي لغات العالم, ومع ذلك لدينا مشكلة كبيرة تتمثل بعدم التفاهم والتصالح فيما بيننا كأمة عربية تجاوزنا الــــــ أربعمئةِ مليون نسمة تقريباً، ويتوزّعون في اثنتين وعشرين دولةً.

هذه المقارنات والمفارقات عُقدت على اهم اربع لغات حيّة في العالم وهي: اللغة العربية واللغة الانجليزية واللغة الفرنسية, واللغة الروسية, وقد حدد الباحثون مصطلح (المفردة) لتدل على (الكلمة), وهذا يعني ان لغتنا العربية الجميلة تضم على ما يزيد عن(12,000,000) كلمة, ومع هذا العدد الهائل والرهيب من الكلمات لدى الامة الا ان هذه الامة للأسف الشديد امة غير متفاهمة وغير متصالحة مع بعضها البعض, وهذا على العكس تماما عند باقي الامم والشعوب الثلاثة الاخرى, حيث ان الشعب الانجليزي شعب متفاهم ومتصالح مع بعضه البعض ولأبعد الحدود, ومثله الشعب الفرنسي والشعب الروسي.

نعم, الامة العربية للأسف الشديد امة غير متفاهمة وغير متصالحة مع بعضها البعض مع انها تمتلك (12,000,000) مفردة (كلمة) كما اشرنا, وقس على ذلك عدم التفاهم الحاصل داخل القطر الواحد, وعدم التفاهم والتصالح الحاصل داخل العشيرة الواحدة, وصولا الى عدم التفاهم والتصالح عند افراد العائلة الواحدة وربما نجد ذلك داخل الاسرة الواحدة, والسؤال المطروح هنا مع هذا العدد الهائل والرهيب من المفردات والكلمات التي يمتلكها كل واحد فينا, لماذا هناك ضعفا واضحا في تفاهمنا وتصالحنا كأمة مع بعضنا البعض, هل ينقصنا مفردات وكلمات اخرى نحتاج اليها لكي نتفاهم ونتصالح بطريقة صحيحة كأمة عربية, ام ان المفردات (الكلمات) اخذت مفاهيم مختلفة من مكان الى اخر, ومن شخص الى اخر,...اعتقد ان المفردات (الكلمات) اخذت مفاهيم مختلفة من مكان الى اخر, ومن شخص الى اخر عند هذه الامة.

فمثلا نجد كلمة (كريم) كمفهوم اختلفت عليها افراد عشيرة واحدة في جنوب السودان, وكلمة (شجاع) كمفهوم اختلفت عليها افراد طائفة واحدة من الطوائف في لبنان, وكلمة (قتيل) كمفهوم اختلفت عليها مجموعات فلسطينية داخل فلسطين, وكلمة (ارهابي) كمفهوم ما زالت عالقة بين صفحات الامة العربية, ثم ان كلمة (بخيل) كمفهوم ما زلنا في الاردن نحاول ارجاعها الى جذرها واصلها الثلاثي كي نتفق على معناها الحقيقي, والامثلة لا يمكن حصرها, فما بالك بمفاهيم اخرى عند امتنا العربية الواحدة من طنجة الى صلالة كـ(الشرف), وكــ(الامانة), وكــ(التدين) مثلا.

كل هذه الفرقة والتفرق وبيننا القرآن الكريم والذي بلغ عدد كلماته ومفرداته نحو (77,439) مفردة وكلمة توزّعت هذه الكلمات على الآيات والسّور واستُخدمت استخداماً فريداً بالغ الدّقّة، فكلّ كلمة فيه وُضِعت في مكانها لتعطي المعنى الكامل الذي يقتضيه السّياق والحال ولا يصلح غيرها من الكلمات في مكانها، نعم كلمات ومفردات القرآن الكريم دعتنا الى التعاون والوحدة وعدم الفرقة, ومع كل ذلك هذه الامة متفرقة, وغير متعاونة, كيف لا وقد تركنا وتناسينا المعاني التي جاءت في قوله تعالى (إن هذه أمتكم أمة واحدة, وأنا ربكم فاعبدون).

اليهود في جميع انحاء العالم والبالغ عددهم نحو(9) ملايين يهودي, شعب مُلتف على بعضه البعض, متعاونا ومنسجما مع بعضه البعض فكريا, شعب يعرف من هو عدوه وله اهداف موّحدة, شعب لديه فقط (75,000) مفردة وكلمة, ويتخاطب بــ(22) حرفا فقط, ولغته خليط من عدة لغات منها اللغة العربية, ومع كل ذلك فقد فهموا نصوص دينهم اليهودي فهما مشتركا وعميقا, وسيطر على العالم.

نحن للأسف الشديد نمتلك(12,000,000) مفردة وكلمة, ونمتلك عدد من الحروف الهجائية العربية والتي يبلغ عددها نحو ثماني وعشرين حرفاً, مع كل ذلك لا نستطيع كأمة تكوين وكتابة جملة اسمية او جملة فعلية تتكون من فعل وفاعل ومفعول به وتعطينا معنى خاليا من الهمز واللمز والغمز, وأكثر من ذلك بيننا القران الكريم, وما زلنا متفرقين متناحرين لم نفهم نصوص ديننا الاسلامي الحنيف فهما صحيحا مشتركا وعميقا,...نحن اتقنا فقط غناء (السحم بحم بو الولد طالع لأبوه) في عيادات الولادة ونرددها معا.

قبل ان اختم, اليكم معاني بعض مفردات اغنية (السحم بحم بو الولد طالع لأبوه), فمفردة السحم تعني اللون الأسود, ومفردة البحم تعني غزير الماء,....فقد تنفعنا مثل هذه المفردات وكلي امل وتفاءل عندما ينظُم الشباب نشيد (الامة) القادم!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات