مسيرة الأحزاب الحالية (الأردنية) .. بين الواقع والتنظير


ان الأمر محيّر للغاية ، ويدعو الى التفكير مليّاً في تجارب واستراتيجيات الأحزاب على الساحة الأردنية ، والواقع المعيش يعكس الصورة التي لم تثبت جدارتها وأهميتها، لأن المحكات التقويمية المستخدمة أعطت دلائل تراوحت بين التصدع المتنامي في الهيكلة والبنيان، والتمدد الخجول في الأطر التنظيمية والاجتماعية، والنماذج المرخصة تعمل بشكل قانوني، ولكنها باهتة التفاعل والانجاز الملموس، وجدواها لا تلبي الغايات، والمأمول منها، فهي ربما تكون فكرة غير ناضجة، وإما نزوة عابرة، والحكم الصادر (لا صوت ولا صورة).

لماذا لا تترجم الرؤى والأهداف الحزبية إلى مشروعات تحاكي احتياجات الإنسان (المواطن)؟، ما البرامج التطبيقية (العملية) للأحزاب المنجزة؛ لمعالجة المشكلات المستوطنة مثل: الفقر والبطالة ومستوى الدخل...؟ كيف تبرهن الأحزاب على تسويغ نوعية المناشط والنتاجات الطبيعية لكينونة وجودها (موالاة أو معارضة)؟

فإشكالية الحزبية (عندنا) جسد بلا روح، وشكل ومضمون لا يستويان.

أمّا الاسباب الكامنة وراء حالات التقهقر والانكفاء على الذات، فمنها: سيطرة القيادات المتنفذة (أصلا) لتكون دائما في الواجهة بأجندات جاهزة سلفا لتقول: (نحن هُنا) ، ضعف التركيبة المؤسساتية (الأطر التنظيمية)، وطغيان الذاتية (الشخصنة)، التفرد الموغل في الدينامية المتسرعة في الأحكام، والتشكيك بكل خطوة صادرة عن الغير لتسجيل المواقف (السياسة المحضة بدون تقديم بدائل أو حلول)، ضعف الاتصال والتواصل مع القواعد والمكونات؛ لتفعيل الأدوار وتنوير المجتمعات، استخدام أساليب (صدامية أو الفزعة) سرعان ما تتلاشى، فهم الرسائل التوجيهية أو الوسائل المحفزة بمنهج مغاير (التنمية السياسية ، حرية التعبير ، النقد البناء...)، الموروث المختزن في الذاكرة من الماضي (الخوف ، التردد ، جلد الذات...)، الوعي العام والأنموذج السائد ليس هو المطلوب (العشوائية ، المحسوبية ، ...).

البدايات الصحيحة تعطي نتائج مريحة والعكس بالعكس، وهذه الدواعي تحتاج إلى جراحة ومتابعة حتى تستقيم الطريقة.

ما دامت الأحزاب في بلدنا كثيرة (والكثرة تعيق الحركة)، وتعاني من الأزمات والتشوهات في مبانيها ومعانيها، فلا بد من وقفات ذكية تسهم في رأب الصدع، وإعادة الثقة إلى جوهرها، وتجسّر الهوة القائمة بين الموجود وما هو المطلوب، وهذه بعض التوجهات لإصلاح مسيرة الأحزاب:

- الأخذ بالمبادئ الحقيقية لفرز القيادات ومتخذي السياسات بـ (الانتخاب، المنافسة الحرة، الكفاءة).
- اعتماد المأسسة والقدوة الحسنة والمساءلة كضوابط أساسية في العمل المشروع.
- التنوع في الطروحات وخلق البدائل والبحث المستفيض في القضايا والمستجدات.
- تفعيل متطلبات العدالة الاجتماعية والمشاركة المجتمعية (كل له دور).
- الانخراط في العمل العام وتقديم العام على الخاص (التفاني في الخدمة العامة).
- ايجاد منظومة قانونية وتشريعية تحاكي العصرنة والحداثة.
- نشر الفكر المستنير برؤى متبصرة وتوعوية (المواطن مسؤول والرأي مصون).
- تعميم النماذج والتجارب الناجحة والتي تُوجد الإبداع وترسي النهج الديمقراطي.
- الدفع باستقلالية الأحزاب وتوسيع صلاحياتها، وتحسين مواصفاتها.

هذا غيض من فيض، والعمل من أجل الوطن والإنسان فريضة وعبادة، والإصلاح وتيرة مستمرة، والكل شركاء في التنمية المستدامة، إن صلحت المساعي وخلصت النيات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات