تفريغ العبادات من منظومة قيمها .. أطاح بالأمة


يتساءل البعض عن علاقة منظومة القيم بالعبادات, ويقف البعض الاخر حائرا حول الى اين تسير وتتجه قيم هذه الامة, وهل تستطيع هذه الامة ان تثور لتخرج من ازمتها الحقيقية والتي تتمثل في (تفريغ العبادات من قيمها), ثم ان نكران هذه الازمة هو بحد ذاته ازمة اخرى تضاف لسابقتها, حتى اصبحنا نؤدي هذه العبادات للأسف الشديد شكلا وليس مضمونا, وبتشخيص بسيط نجد ان هذه الامة باتت تفتقر الى منظومة قيم متكاملة بناها سابقا ديننا الحنيف ونسفناها نحن بأيدينا, اعتقد اننا ساهمنا الى حد كبير مع جهات مشبوه في تشكيل هذه الازمة من خلال قبول الافكار المُضللة ومن خلال هضم وابتلاع البدع الذكية والتي من شأنها تساعد الايادي الخبيثة على اكسابنا فهمنا جديدا للعبادات بطريقة تختلط فيها الاوراق من اجل الوصول الى (تفريغ العبادات من قيمها) بطريقة التدرج والتدريج.

الواقع الذي لا يستطيع ان ينكره احد, اننا هذه الايام امام تيارات دينية تحمل ايدولوجيات معينة تعمل على زيادة جرعة (تفريغ العبادات من قيمها) تدريجيا لدى هذه الامة,..انها لعبة قذرة يراد منها تغيير قيم الأمة صوب قيم متناقضة على المدى البعيد, وقد يتساءل البعض ولهم الحق في ذلك عن ماهية وطبيعة هذه اللعبة الخطيرة والقذرة, نقول لكل هؤلاء ان فكرة هذه اللعبة الخطيرة والتي ترمي الى (تفريغ العبادات من قيمها) تكمن ببساطة في الفصل التام والمبرمج بين (سلوك الافراد), وبين (ممارسة العبادات), بمعنى ان يكون سلوك الافراد بوادٍ وتأدية العبادات بوادٍ آخر.

لن اتوقف هنا عند من هي تلك التيارات الدينية التي تحمل ايدولوجيات فكرية تغلغلت حوافرها ومخالبها في خاصرة هذه الامة وعملت وتعمل على (تفريغ العبادات من قميها) من خلال فصل (سلوك الافراد) عن (ممارسة عباداتهم), انما سأكتفي بالتوقف عند مزيد من الامثلة الحياتية الواقعية التي تُظهر وتبين طبيعة هذا الفصل والتباين بين سلوك افراد المجتمع وبين ممارساتهم للعبادات كالصلاة والصوم والزكاة والحج.., كواقع مرير لحال هذه الامة كل الامة للأسف الشديد, مالم يُحدث الله سبحانه وتعالى امرا.

فمثلا تجد كثير من افراد هذه الامة للآسف الشديد تجد لديه مهارات عالية في زرع بذور الفتنة والافساد بين البشر, ويطعم اولاده بالحرام, وقام بتربية ابناءه على (السرقة), وقاطعين للرحم بمفهومه الشامل والمتكامل, تجد كل هؤلاء يؤدون الصلوات الخمس, واسمحوا لي ان اضع هنا مجموعة من اشارات الاستفهام والتعجب امام هذه الممارسات, لعلي اجد جوابا شافيا ووافيا لذلك..ولن اجد, وهناك فئة غريبة عجيبة السنتها طويلة ومتشعبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحتاج الى شيء من تقليم الالسن, وتجدهم قد اساءوا لجيرانهم ماديا ومعنويا, وتجدهم يسرقون ماء وكهرباء الدولة, ويؤجرون بيوتهم للكفار من اجل قليل من المال الحرام, تجدهم هؤلاء يؤدون الصلوات الخمس جماعة, واسمحوا لي ان اضع هنا مجموعة من اشارات الاستفهام والتعجب امام هذه الممارسات, لعلي اجد جوابا شافيا ووافيا لذلك..ولن اجد.

وهناك فئة امرُّ وادهى من سابقاتها فقد تجد من يمارسون (البدع) في حياتنا اليومية, ويعبثون بممتلكات الدولة, ويكفّرون اخوانهم المسلمين ويعتبرون ان الدين قد نزل عليهم وفي بيوتهم, تجد هؤلاء يؤدون فريضة الصوم وصلاة التراويح, واسمحوا لي ان اضع هنا مجموعة من اشارات الاستفهام والتعجب امام هذه الممارسات, لعلي اجد جوابا شافيا ووافيا لذلك..ولن اجد, وتجد من يدّعون الدين والتدين ويطلقون الشعارات الثورية وهم قابعون في جحورهم, ولو ان الامة هبّت ضد اعداءها ستجد انهم باقون في جحورهم جاثمين يترقبون, مع كل ذلك تجدهم يؤدون فريضة الحج اكثر من مرة, واسمحوا لي ان اضع هنا مجموعة من اشارات الاستفهام والتعجب امام هذه الممارسات, لعلي اجد جوابا شافيا ووافيا لذلك..ولن اجد.

الامثلة على تفريغ العبادات من منظومة قيمها, من خلال الفصل بين (سلوك الافراد), وبين (ممارسة عباداتهم), كثيرة وكثيرة على ارض الواقع, وهنا علينا الاعتراف بان هناك تيارات ايدولوجية عالمية واقليمية ومحلية فهمت كيف تعلمنا كيف نمارس تلك العبادات شكلا وليس مضمونا, تاركين حسنات المعروف, متشبثين بسيئات المنكر من خلال تفريغ العبادات من منظومة قيمها, ومن خلال فصل سلوك الافراد عن ممارسة عباداتهم للأسف الشديد, عند كل ذلك تغيرت اتجاهات قيم الامة, وذهبت رياحها.

نعترف دون توقيع ان هؤلاء خدعوا بعض العباد والبلاد, لكنهم لن ولم يخادعوا رب العباد, فهم بكلامهم ونقدهم الجائر باتوا لصوص النهار وحرامية الليل, سلوكهم يتعارض كليا مع عباداتهم, وسقطت عنهم اوراق التوت واصبحوا عراة القيم لا عراة الجسد...فأنّى يُؤفكون, قال تعالى: (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر), وهذه الآية تنطبق ايضا على كافة العبادات كالصوم والزكاة والحج.. في النهي عن الفحشاء والمنكر, والامر بالمعروف.

بقي ان نقول: من لا يتوافق سلوكه تماما مع جميع عبادته نضع عليه بقلم السماء اشارة(×) لا بقلم الارض, فلا توجد منطقة وسطى او محايدة بين السلوك والعبادة وبين الجنة والنار (والله اعلم).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات