فضيحةُ بلا حدود


لم أكن أعرف ما يسمى بمؤسسة (مؤمنون بلا حدود) إلا بعد أن رأيت من ينعتونه بأمينها العام(يونس قنديل)، معروضاً على الشاشات بعد حادثة اختطافه المزعومة، وكان أسرعها في العرض (العربية، ورؤيا، وسكاي نيوز عربية) ولا أشك أنني حاك في نفسي شيء، لدى إسراع هذه القنوات الى نشر قضية اختطافه والتعليق عليها باسلوب وجداني؛ وخصوصا قناة (رؤيا) التي عكفت على الموضوع تعرضه في كل ساعة تقريباً، وأجرت لقاءا صباحياً خاصاً مع المراسلة التي أحرزت السبق الصحفي الفريد بلقائها (المغدور) ولمَّا تسكن آلامه بعد فنسي ما أصابه، وبدأ بشرح أفكاره وفحواها العميقة، والجهات التي يغمز فيها أن تكون مسؤولة عما وقع له، وأثنت المراسلة على كلامه وتبنت أن الاعتداء قد وقع عليه لا محالة،وإنْ بلسان الحال، واستفاضت في شرح ما يقع للمفكرين من إقصاء متهمة ذات الجهات الإقصائية الإرهابية، التي يشير اليها المغدور وإنْ بالغمز أيضا دون التصريح.
اما انا فلكي لا أستبق نتيجةً ما حينئذٍ، وحتى لا أطيع ما حاك في نفسي حاولت التجرد، وتجميع أجزاء الصورة والبحث في تفاصيلها!
سَمْتُ الرجل ليس مريحاً البتَّة، وأوحت الي نظرته ممدداً على سرير المستشفى بأنه يكذب، لا أدري لماذا تذكرت نظرة عبدالعزيز المعجب في فيلم (القنصلية) ونظرة عمرو خالد في فيلم (الحج على المباشر)!.
شيءٌ ما يبرق في عينيه يخفي خليطا من المكر، الإسم واللقب لا يَتِّسِقان مع السَّمْت، فأشحتُ مجدداً عن هذا الخاطروأخذت بالبحث.
ثمة صفحة على (الفيس بوك)، لمنظمته ويقول فيها أنه مجدِّد، وهناك محاولة باديةٌ في ثنايا الخطاب للإتيان بالغرائب، كحال من يقول من أفراخ العلم:
وإني وإن كنت الأخير زمانه لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل.
خطابٌ مغرقٌ في السَّفسَطة، والمفروض بأنه يتعلق بالشرع ولكنه متحرُّرٌ من كل القواعد الشرعية الأصولية للتفسير أو الفقه بالطرق المألوفة للنصوص، بلكنةٍ لا يخفى فيها التشكيك بالثوابت عامة، بحجة تحرير العقل عند تناول التفسير!
تقعرٌ شديدٌ وإكثارٌ من الاصطلاحاتِ الحادثةِ، وغموض في المُراد، واستعراضٌ عند عرض الفكرة بحيث لا يفقه أكثر ما فيها إلا من كان من النخبة المثقفة، وربما المطلوب من الحاضرين أكثر من الفهم هو: فرض الهيبة، وإدعاء الغوص في الأعماق السحيقة التي لا يدركها إلا خاصة الخاصة.
الكلام عن تجريد الخطاب الديني لمهاجمة ما يسمى الإسلام السياسي والتقليدي، ومحاولة اتهامه بالأغراض الدنيئة، والسعي إلى أنَّ التخلف، مُلازمٌ للتدين التقليدي، والتاكيد على نعت السياسي منه بالإرهاب دوما، وأنه منبع هذا الإرهاب ومادته.
التركيز بكثرة على فكرة (حرية الرأي) والمقصود بوضوح تام تلك (الحريَّة الخاصة) بمن يناوؤن التدين، والتي تجعل الحرية في الكفر بالله وتفسير الظواهر الطبيعية والكونية والدينية وفق منهح الإلحاد مُصانة وأنها نتاج منهج بحثي استقرائي، بخلاف حرية من يعارضون ذلك الإلحاد وينقضون سخافاته وترهاته، فهم جامدون متخلفون وهمجٌ رعاع.

التعاليق على منشورات مؤسسته، أكثرها تهاجمه وتتهمه بنشر الإلحاد، وليس مجرد تسهيل الطريق إليه، خصوصا ما تتضمنه عناوين ندواته التي تنضوي تحت عنوان غريبة ومصطلحات مشبوهة كتلك التي ذاعت عنه ويدعوها:(ولادة الله) ويقصد فيه أن الله تعالى قد يكون اختراعا بشريا أصبح واقعا عبر الأجيال!.
وهناك اتهامات بتلقي أموال ودعم ، لا يتم نفيها من قبله أو من قبل أتباعه، وكل ردود أتباعه تتركز على وسم الآخر بالتخلف والرجعية والظلامية والإرهاب، مهما كان جوابه علميا موثقا أو يتكلم بلغة متزنة.
هناك أيضا على موقع (اليوتيوب) محاضراتٌ وندواتٌ بعضها لقنديل، وبعضها يتبناه باسم مؤسسته، رأيت أحداها وكانت تتركز في فحواها،على أن البشر قد تدخلوا في صياغة القرآن، ويحاول المحاضر من خلالها التلبيس، ليظهر أن كتاب الله ناقص أو أنه زيد فيه، واللغة هيَ هيَ: تقعرٌ وفذلكةٌ، ومصطلحاتٌ حادثةٌ فضفاضة، واستشهادٌ برواياتٍ تدعم المراد من الطرح، بغير تحقيقٍ أو توثيق، فيكفي للاستشهاد بها، أن تكون قد وردت، في أحد كتب التفسير أو التاريخ.
هنا عرفت مقدار ما يحمله هذا الرجل (قنديل) وما يخبئة وما هي الجهات التي سيعجبها طرحه فهي إن لم تكن في ركابه إلا أنها على أثره، لاجتماع الأغراض في مهاجمة ذات الجهة التي يهاجمها وهي الدين والمتدينون بعامة، وإن كان هناك فرزٌ بسيط فهو للاستهلاك والتشتيت، وهروبا من الاتهام بالتعميم الجائر ليس أكثر.
حاولت استقراء علامات التعذيب المزعومة، وما صرح به بعد خطفه، للقنوات التي وجدت ضالتها في قصته الناقصة، ولم أقتنع ابدا ومعي الكثيرون، ممن قرأت تعليقاتهم ويتهمونه بالتزوير وافتعال الحادثة لجلب الاهتمام.
اُختطفَ واكْتشفَ أخوه اختطافه بعد ساعات، بينما صرح أحد اتباعه عبر منشور باختطافه بعد ساعتين فقط، ووجدوه بعد تسع أو سبع ساعات في أحراش!!
حفرالخاطفون على ظهره بسكينٍ، وأدواتٍ حادَّة عبارةَ (إسلام بلا حدود) ما يرفع شبهة أن يكون الاختطاف بغرض السلب وإنما لمحاسبته على معتقداته، أحرقوا لسانه بجمرة، ووضعوا على رأسه مصحفا، وأمروه بعدم التحرك مدعين أن (المصحف) قنبلة موقوته.
كسروا إصبعه كي لا يكتب به مرة أخرى، تعرض للتعذيب النفسي والجسدي، وقال لهم بكل عزة ورباطة جأش: بأنه لن يتراجع!
راقبته يتكلم في لقائه الفوري، مع قناة( رؤيا) بعد العثور عليه بطلاقة وبلسان عربي مبين، بينما يفترض أنه لا يكاد يبين لاحتراق لسانه.
أصابعه يحركها وليس على أي منها جبص لتجبير الكسر المزعوم.
الحفر على ظهره لم يظهر أنها من فعل خنجر وإنما (شخوطٌ) خَطَّتها يَدٌ لينةٌ رحيمةٌ، بحيث لا يتحقق منها أي تعذيب، وتشبه ما يفتعله عادة أرباب السوابق (الزعران) عند الشكاوى الكيدية لمن يريدون توريطه في تهمة اعتداء عليهم.
ليس على وجهه ولا يديه أية علامات للضرب او التعذيب، وهذا تطور وتحضر في اسلوب المتطرفين الذين زعم أنهم عذبوه، مما يوحي بأن هؤلاء (متطرفون) من نوع ناعمٍ متنورٍ، لم يتعرف الناس على اسلوبهم بعد.
كنت أنتظر أن يصرح الأمن ألاردني بعد التحقيق في أية لحظة، بأن هذه الحادثة مختلقة، ولم يكن عندي من شك في ذلك، وقرأت هذا في كثير من تعليقات الناس على المنشورات التي اعتنت بالحادثة، وقد كان بالفعل وتبين أنه اختلق هذا الخطف والاعتداء متعاونا مع ابن اخته.
فظهر الحق بحمد الله وظهر بطلان ما يريده هذا الرجل (قنديل) ومؤسسته المشبوهة (مؤمنون بلاحدود)، وكانت الفضيحة التي لن تقوم له بعدها قائمة بإذن الله.
وظهر أيضا ما يضمره الكثيرون ممن سارعوا إلى الاتهام مباشرة، وممن صدقوا الحادثة برمتها قبل أن ينتهي فيها التحقيق، من صحفيين مغمورين ارادوا إظهار مدنيتهم وتحضرهم عبر مهاجمة من يشير اليهم قنديل بأنهم أرهبوه! والمهم هنا أن المشار اليه نموذج إسلامي (وسنيٌ) خصوصا مهما كان متحضرا ويمتلك أفقا حواريا واسعا، وفهما علميا ثابتا.
ومِنْ أفراخ علمانيين متطرفين، يرون كل بذور الخير لا في العلمانية الغربية التي رفعت من شأن العلم والتطور والتعددية، والمشاركة السياسية الحقيقية، وإنما في الإباحية والعهر والإلحاد ونشر الفجور والعري، تحت دعاية حرية الرأي والحرية الشخصية، ولأن العدو لهذه الرذائل مجتمعة هو الدين، فقد اجتمع حزب الرذيلة بكل ألوانه خلف راية هذا (الدعيِّ)وأمثاله مستترين بشعارات التنوير والتطور.
ومن أعداءٍ مستترين للإسلام وجدوا الفرصة سانحة ليجردوا ألسنتهم واقلامهم للطعن، اعتماداً بالكلية على رواية ( قنديل) ومن كانوا يهرفون بقوله من أتباعه، من قبل أن يلتقطوا نفسا ليتأملوا المشهد بعمق، فقط لأن الفرصة كانت سانحة لديهم للهجوم.
وقد ظهر جلياً (أية حرية للرأي يحملها لو حاز سلطة وتمكن أمثال هذا) وهو يجرح ظهره (بطريقة الزعران)، ليسجل حادثة مفتراة، يسوق من خلالها أناسا للقضاء بغير ذنب اقترفوه بحقه، إلَّا أنهم خالفوه فكريا؟!
وظهر أي تنوير يحمله امثال هذا (وهو يكذب منذ اللحظة الأولى) ليحاول الظهور، وليحصل على مكانة بين الناس بطريقة مزيفة متخمة (بالبلطجة)؟!
لقد انتحر (يونس قنديل) ودمر مؤسسته المشبوهة وتعدى علامات الاستفهام عن أهدافه وغاياته، إلى التأكيد بأنه رجل يحمل سماً زعافاً في جوفه، وأنه لاعلاقة لأخلاقه وغاياته الحقيقية، بما يعلنه ويتمترس خلفه من تنوير وثورة على الجمود والتقليد، وأن كبرى غاياته هي التخريب والتشويه، مدفوعا من جهة ما، وأنه قد يفعل في سبيل ذلك أي شيء مهما كان مستقذرا ومرفوضا وبلا حدود.
انتحر بمشهد كرتوني ساذج، وفضيحة ستلتصق به ما بقي حيا،وبما لا يمكن أن تفعله ألاف الأقلام والمنابر، التي كانت ستنفق الوقت والجهد، لكشف زيفه وتفنيد شبهاته.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات