سمير المبيضين .. كرّس سيادة القانون ورسّخ هيبة الدولة والمصلحة العليا بوصلة وطن


جراسا -

خاص- لم يكن مشهد تعيين سمير المبيضين وزيرا للداخلية في عهد حكومة د.هاني الملقي، مفاجئا للنخب السياسية، وان خرج عن صبغته "البروتوكولية" بطبيعة الحال، وقد جيئ به وزيرا للداخلية في التعديل الخامس والاخير لحكومة الملقي وقبل رحيلها القسري بنحو أربعة أشهر، في اعقاب حالة الرفض التي جوبهت بها من قبل الشارع بسبب سياسة الرفوعات السلعية والضرائبية التي انتهجتها انذاك.

دخول المبيضين الواجهة السياسية لم يكن تعيينا او اختيارا عاديا، فالرجل جاء خلفا لوزيرين اثنين لذات الحقيبة في الحكومة الراحلة، عُرف عنهما بأقل توصيف انهما من "عتاولة" العمل السياسي، وبعيدا عن اسباب رحيلهما، فإن يخلفهما وزير بحجم المبيضين، فتلك إشارة تستوجب الوقوف عندها، لما تتسم به شخصيته الاعتبارية بالتوافقية لجهة الأداء الرسمي الذي خطّه خلال عمله في مركز الوزارة امينا عاما لها، وخَبُر خلاله مفاصل عمل ومهام "ام الوزارات" بحنكة المسؤول الفذ، وقد قدم أداءً متفرداً بإدارة مؤسسات "الداخلية الأمنية" والتي نجحت باقتدار باحتوائها لتسارع نبض الشارع، وقتذاك، ما مهّد لاحتفاظه بذات الحقيبة في حكومة د.عمر الرزاز.

وبعد نحو اقل من عام، على دخوله الواجهة السياسية "الرفيعة"، وبما وجد امامه من إرث ثقيل خلفته ادارات "الداخلية" في الحكومات السابقة لملفات مفتوحة وأخرى مجمدة وبعضها عالقة، عمل المبيضين على أكثر من محور من محاور مهام وزارته، اعتمد في أدوات تشغيلها على فهم عميق ودراية متمكنة بطبيعة وظروف هذه الملفات، منها الداخلي والخارجي، نأى في معترك إدارتها بتقاليد "اسم المستوى السياسي"، الى الاذرع التنفيذية للقانون والدستور، ووقف وجها لوجه أمام الملفات الأبرز والأخطر التي اطاح البعض منها بحكومات ومسؤولين كبار.

داخليا، انتقلت مهام الوزير المبيضين من الرسمي "الكلاسيك" الى مفاصل المجابهة لأعقد واخطر الملفات الداخلية، لملف الارهاب، والذي تعامل معه بوصفه أولوية وطنية ودون اي مواربة، وجد نفسه وجها لوجه مع ذلك الملف على ارض الواقع والفعل في أحداث "خلية السلط الإرهابية" كأبرز محطة، نجح بنسج توليفة مُحكمة لقادة الأجهزة الأمنية مجتمعة، للإحاطة بإحداثيات الواقعة، ليتم وبوقت قياسي لا يتجاوز 12 ساعة من الوصول الى خيوط الخلية الارهابية، واحباط توجهها في تنفيذ عمليات مشابهة، كما أكدته وأثبتته لائحة الإتهام الصادرة عن محكمة أمن الدولة يوم أول أمس بحق الارهابيين الثلاثة عشر.

وفي محور الأداء المؤسسي، وُسم اداء الوزير المبيضين بصدقية عالية في التعاطي مع ملفات "الروتين" الوظيفي في وزارة الداخلية، فمن مناقلات وتشكيلات في كوادر مركز الوزارة ودور المحافظات، الى استحداث ودمج اقسام ودوائر، نجح برسم سياسات جديدة لترسيخ الأمن والامان المجتمعي، وأسس لنهج جديد للامركزية بتوسيع صلاحيات المحافظين، بما يتلائم بتكريس منظومة سيادة القانون وترسيخ هيبة الدولة، كمعادلة جلية لمفهوم المصلحة الوطنية العليا.

وفي أروقة الوزارة، وفي عهد الوزير المبيضين، سادت منهجية تصويب الاوضاع لقرارات دونتها حكومات سابقة، احتكمت لسياسة "المحاباة والاسترضاء"، سواء بالتعيينات او التنسيب بها، او إقرار تعاميم لا تخدم المصلحة العامة، لتخلص سياسة المبيضين الى تأسيس ثقافة جديدة مرنة تحتكم الى القانون ولا تنافي الدستور، ولا تعترف بمن يرفع شعار "جماعة الفوق" أو بمن يستقوي على القانون .

في حادثة تعرض مدير مستشفى البشير للتهديد، ، لم تكن "فزعة" الوزير المبيضين للدكتور محمود زريقات فزعة اخ لأخيه ، بقدر ما كانت اجراءات مصانة ومحمية بالقانون، سجل المبيضين خلالها بصمة فارقة بالمدونة الرسمية، أعادت الهيبة للدولة ولوزارة الصحة قبل رد الاعتبار للدكتور زريقات.

وما تلا ذلك من انجازات "الداخلية" في حفظ المناخ العام ، كما حدث مؤخرا بوقف فعاليات تمس العرف والتقليد للمجتمع الاردني المحافظ، رغم مواقف "الاستعداء" التي اظهرها القائمون عليها ضد المبيضين، ومن يقف خلفهم من مدغيّ العصرنة اصحاب الانفتاح الأرعن، والبعض من اصحاب الأقلام المتلونة الداعين الى الحريات المغلوطة.

انجازات المبيضين وضعته بمركز الوزير الأكثر شعبية بين وزراء الفريق الحكومي، مع الاشارة الى محاولات "الاقصاء" التي تعرض لها وأدارتها قوى خفية، والتي يُلحظ وجودها في اذكاء الأزمات التي تعترض مسيرة الوطن بعض الاحيان ، كحادثة "البحر الميت"، حيث حاولت تلك القوى زج المبيضين الى فوهة بركان الفاجعة وتحميل وزارته بعضا من المسؤولية كما صدحت به بعض الاصوات تحت قبة البرلمان، وقد تناسى وتعامى اصحاب تلك الاصوات عن جهود "الداخلية" التي باركها وثمنها سيد البلاد، فحينما يُشيد الملك بأداء المؤسسة العسكرية وأجهزة وزارة الداخلية الأمنية والمدنية والإدارية، يتوجب ان يكف "المجعجعين" دون طحن عن التعريض برموز الدولة، ممن اثبتوا قدراتهم وكفاءتهم في مهمات وملفات معقدة للغاية، كما فعل المبيضين عندما نجحت ادارته بحقن فتيل اشتعال الشارع الصيف الماضي، حين كان هو شخصيا على طرفي نقيض، بين حكومة تمت الاطاحة بها وهو احد اعضاءها، واخرى كانت تحت مرمى النار لجهة الاحتقان وكان احد رجالاتها ممن تم الاحتفاظ بهم، اولئك الذين امتلكوا المبادرات الخلاقة للإنجاز السريع والكبير في وقت قصير وحيز ضيق محاط ببيئة معقدة ، ليثبت سمير المبيضين لسدة القصر انه رجل المطبخ السياسي الحكومي الأول، وللشارع والاردنيين انه ابنا للوطن لا يهادن امام منجز الدولة الامني، بيد ان المرحلة الراهنة والقادمة قريبا، ستزيد من اعباء مهامه كوزير للداخلية.

المبيضين، وقف حقيقةً على محك الأداء لأكثرمن 72 ساعة متواصلة منذ بدء "سيول الجمعة"، برع بإدارة الجهد الوطني الأمني للتعامل معها، وقد تسلمت "الداخلية" دفة الأزمة من خلال المركز الوطني للأمن وإدارة الازمات، وتعامل مع الموقف العملياتي كأزمة وطنية، استنفر طاقات وجهود جموع العاملين والمنطويين تحت مظلة "الداخلية"، كلف المحافظين باعتبارهم رؤساء ادارة عامة في المحافظات ورؤساء لجان الدفاع المدني المحلية بالاشراف على سير الحياة العامة في مناطق اختصاصهم، بالاستناد الى الى توجيهات رئيس الوزراء والفريق الحكومي في غرفة عمليات ادارة الازمات وعمليات وزاره الداخليه.

كان الوطن في عرف المبيضين برنامج عمل ، وبوصلة حياة، لم يتطلع لأكثر من تحقيق أمانة المنصب، ليبقى الوطن الأردني رغما عن المتربضين والمتصيدين والمتشدقين الوطن الأعلى والأزهى كما اراده الهاشميون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات