حكومة الرزاز والولادة الخاسرة


أنْعَى إليكُم حكومة الدكتور "عمر الرزاز" عنْ شَيخُوخةٍ مُبكرةٍ ،غًشِيتْهَا كمَا غَشِيتْ النّعجَةِ "دُولِّلي" ،ولنْ أُصَابَ بحالةٍ مِن الحزنِ ،ولنْ أدعوكُمْ لأنْ تحزنُوا ،فقدْ فقدْنَاها في سنِّ عطائِها وحِكمَتِها ،ولنْ أُشارِكَ في تأبِينِها ولا حتّى في زيارةِ بيتِ العزاءِ .

ولنْ يُغضِبَنِي لو أنّ إعلانَ نعِي حكومة الدكتور "الرزاز" قدْ ذُكِرَ مِن ضِمنِ حَسناتِها ، وأنَّها قضَتْ أيام حكمها في أعمالِ البِرِّ والتقوى ومساعدة المواطنين ،فسوفَ أعتبرُ ذلكَ نُكتةً سَمِجَةً، تَحمّلنا مِثلَها الكثيرَ ،لأنَّ جميعَ موتانا ،اعتبارًا مِن السماسرةِ ،وانتهاءً بالخونةِ ،كُلُّهم بدونِ استثناءٍ قضَوا أعمارَهم المديدةَ في أعمالِ البِرِّ والتقوَى .

النكتةُ أو الكذبةُ في تاريخِ الشعوب ،لا تستحقُّ فعلاً أنْ تبقَى على قيدِ الحياةِ، وبالتالي فإنَّ غِيابَها عن الساحةِ ،هو أصدقُ مِن بقائِها على قيدِ الحياةِ ،وبالتالي فإنَّ موتَها أفضلُ ألفَ مرةٍ مِن استمرارِها ،ونسيانُ مواقفِها ،هو عزاءً لكلِّ مِنّا على مًمارساتِها ،التي لمْ تُسهِمْ إلّا في زيادةِ رقعة الفقر وحالات الانتحار ،فلمْ تنتصرْ يومًا للشعب ولم تحرك ساكنا وهي ترى الفقر ينتشر انتشار النار في الهشيم والفساد ينخر مفاصل الدولة .

لقدْ كشفَ التعديل الأخير وهو الأسوأ في تاريخ الأردن منذ نشأة الإمارة حتى يومنا هذا الغطاءَ عنْها ،فبدَتْ سوءَتُها وانكشفت عورتُها على حقيقتِها ،هشّةً واهنةً كبيتِ العنكبوتِ ،لا تقومُ على أساسٍ .

فلمْ تُحرِّكْ معاناة الشعب شعرةً واحدةً مِن جسدِها المشلولِ منذ تشكيلها ،فباتَتْ ذليلةً عاجزةً ساكنةً كمياهِ البحرِ المَيّتِ ،وطَفِقتْ تخصفُ مِن ورقِ الاستجداءِ والتوسلِ لإعطائها المزيد من الوقت ،لتواريَ سوءَتَها ،ولتداريَ عَجزِها ودُونيّتِها.

وحدَه الشعب المقهور من يقف يتيما يتحدى هذه الحكومات وأجهزتها يصارعُ دهرَه الغاشمَ ،الذي رمَاه بقاصمةِ حكومات لا تتقي الله فيه ،فنزلت عليْه نزولَ البلاءِ ،وفشى ظلمها وجورها فشوّ الطاعونِ.

إنَّ الفحشَ الذي تمارسه هذه الحكومة ومن سبقها من حكومات على الملأ يحملُها عبءَ هذا الإثمِ التاريخِيّ.

فقائمةُ الأسماءِ التي دخلتْ التشكيلَةَ الوزاريَّةَ ،والتي تّم تدويرُ مواقعِها ،لا تعكسُ أيّ تغييرٍ على نهجِ الحكومةِ في معالجتِها للقضايا المصيريَّةِ التي تعاني مِنها البلادُ ،سواءٌ في أزمةِ المُشتقاتِ النِفطيَّةِ أو الكهرباءِ أو ارتفاعِ الأسعارِ أو الفقرِ.

فهي لم تَرْقَ إلى مستوى توقعاتِ الشارعِ الأردنِيِّ ،ولمْ تكنْ شاملةً ولا مُعبِّرةً عنْ نبضِ الشارعِ ،فجاءَتْ بعيدةً كلَّ البعدِ عنْ تلبيةِ رغباتِ المواطنين التي كانتْ تطمحُ إلى تغييراتٍ حقيقيّةٍ ،فسياسَةُ الترقيعِ لنْ تُجدِي نفعًا ،ولمْ تَعُدْ حلًّا ،حيثُ اتّسعَ الخرْقُ على الراقِعِ ،ولمْ يَعُدْ ينفعُ الترقيعُ فيها.

سؤالٌ أتوجّهُ بهِ إلى رئيسِ الحكومةِ ،ما هي الظروفُ التي استدعتْ مِثلَ هذا التعديلِ ؟وهلْ القادمون أحسنُ حالاً مِن الذين أفضوا إلى ما قدموا ،أمْ هو تغييرُ وجوهٍ ،وشمَّاعاتٌ يُعلِّق عليْها الرئيسُ إخفاقاتِه وعجزه؟أمْ هو الضَحِكُ على الذقونِ؟ !

إنّ التعديلَ لمْ يكنْ لضرورةٍ مِنْ أجْلِ المحاسبةِ ومراجعةِ الأداءِ ،بُغْيَةَ تطويرِ الأداءِ وضخِّ دماءٍ جديدةٍ.

وإنّما جاءَت التعديلاتُ لأغراضٍ سياسيَةٍ بحتةٍ ،لا علاقةَ لها بنشاطِ الحُكمِ ،فهي إذا حكومة عاجزة وغير كفؤة، بكل المقاييس الشعبية والسياسية ، وليس لديها القدرة على إدارة الدولة،وهي ليست بحجم القدرة على تخطي الأزمات التي نمر بها من تحولات اقتصاديه ، اجتماعية ، سياسية ، إقليمية.

لهذا لا أريدُ مِن أحدٍ أنْ يُسرفَ في التفاؤلِ وفي التوقعاتِ تجاهَ رئيسِ الحكومةِ ونواياهُ ،وأنْ يجتهدَ المطبِّلونَ في تحليلِ وتنميقِ مواقفِ الرئيسِ وخطورتِهِ في إدارةِ الدولةِ حتّى لا يُسبِبَ لهُ خيبةُ أمل كبيرةً .

Montaser1956@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات