غضبة ملكية .. لإنفاذ القانون وترسيخ هيبة الدولة


في حديث ملكي مهم جاء من القلب إلى القلب وليس مثل كل الذي سبق سادت فيه الشفافية والعقلانية والحكمة إلى جانب عدم الرضي والغضب والصرامة أثناء لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني في قصر الحسينية مع بعض رؤساء تحرير صحف يومية وكتاب صحفيين وإعلاميات حيث قال جلالته إن إنفاذ القانون واجب على جميع المؤسسات المعنية ومن يتخاذل في ذلك "ستكون مشكلته معي أنا" وقد ناقش جلالته باقتضاب وتركيز مع الحضور العديد من المضامين والرسائل الحازمة اتجاه سيادة القانون وترسيخ هيبة الدولة والتصدي لكل من يحاول إثارة الشكوك ونشر الإشاعات وبث الأجواء السلبية بين المواطنين وشدد جلالته على ضرورة تطبيق القانون على الجميع بحزم ودون تردد أو محاباة أو تمييز لكائن من كان فلا يوجد أحد أكبر من البلد ولا فوق القانون ولابد من حماية المجتمع من العوالق والطفيليات التي تسعى بأفعالها المختلفة للحصول على شعبية رخيصة على حساب مصلحة البلد وقد حذر جلالته من خطاب الكراهية والإساءة للأردنيين واعتبره أمر مرفوض وخط أحمر وقد آن الأوان أن يدرك الجميع أن سيادة القانون وترسيخ هيبة الدولة أولوية حتى نمضي إلى الأمام ونتقدم في وطننا .

ويكفي أن تصل الأمور إلى هذا المستوى وأنه يجب اتخاذ الإجراءات الحازمة والصارمة لتطبيق القانون على الجميع دون استثناء لأن مصلحة الأردن فوق كل اعتبار بالتأكيد على حق كل مواطن في العيش بأمن وطمأنينة وعدم السماح لأي كان بتجاوز القانون أو التطاول على هيبة الدولة في أي منطقة على امتداد المملكة ودون استثناء وعلى الأجهزة الأمنية ملاحقة وضرب كل من تسول له نفسه العبث بالأمن الوطني العام والذي تقع مسؤوليته على عاتق كل مواطن فكلنا شركاء متكافلين في حماية الوطن والذود عنه ولذلك لابد ان تخضع كل الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة للمحاسبة والرقابة والمتابعة للالتزام بتطبيق القانون وعلى المسؤول الذي يتهاون في ذلك مغادرة موقعه مهما علا شأنه ومكانه .

وبعد تزايد ظاهرة التطاول على القانون والمس بهيبة الدولة وتنصب البعض نفسه حكما وخصما وقوة للتعدي على حياة الأشخاص وممتلكاتهم وحرياتهم العامة بعدما أصبح المرض خطيرا وتفشى في جسد الوطن في ظل تقاعس وتراجع الدور الأبوي والأسري والمدرسي والجامعي والمهني والمجتمعي وانحرفوا عن المبادئ والقيم في الاضطلاع بمهامهم ومسؤولياتهم اتجاه الشباب ومسيرة حياتهم وان ظاهرة التنمر والاستهتار بالقوانين يجب إن تنتهي كليا من سلوك وحياة بعض الإفراد والجماعات الذين تمادوا في غيهم وضلالهم وعدوانهم على الناس والوطن وذلك بعدما توالت الحوادث الأمنية التي تكتب تدريجيا شهادة وفاة لهيبة الدولة وان تركت دون مواجهة ستزداد مظاهر الفلتان والفوضى أكثر من التي سجلت في غير منطقة في الآونة الأخيرة والتي أصبحت مقلقة للغاية ولم تعد تحتمل ولا بد معها من استعادة أجواء الثقة والأمن والاستقرار في نفوس المواطنين والضرب بيد من حديد لإعادة الاعتبار لهيبة الدولة مع الاحتفاظ بحقوق المواطن وحمايته حرياته الشخصية التي يكفلها القانون فهناك ارتباط وثيق ما بين هيبة الدولة وسيادة القانون واحترام المواطن لمؤسساتها وأجهزتها لأن هيبة الدولة هي عنوان بارز لاحترام القانون والمؤسسات والنظام والانضباط والحرية المنضبطة والمسؤولة لا تقود الى الانفلات والديمقراطية لا تعني فعل ما يحلو لنا من مساوئ نحو المواطنين والوطن وما يحصل أمامنا هو تطاول مرفوض على القانون من خلال رغبة البعض بكسر هيبة الدولة والتمادي بإلحاق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة ولابد مع ذلك من تطبيق القانون بحزم على كل من تسول له نفسه أن يخرق القانون لأننا بدون الأمن سنصبح بلد للعصابات وقطاع الطرق والمجرمين .

وان السكوت على هذا الواقع المرير والنكوص عن فرضِ سيادةِ القانونِ الذي يُمثّل الطّريقَ القَويمَ والسّليمَ يعني ان البديل هو فوضى التنمر وسطوة القوي على الضعيف وضياع الحقوق وهدر الأخلاق والدخول في دوامة العنف والإجرام وغياب سلطة الدولة ومن الآن وصاعدا وبعد الضوء الأخضر من جلالة الملك المفروض ان لا يسمح بأي تهاون في تطبيق سلطة وسيادة القانون على الجميع ودون تمييز بين صاحب جاه أو مواطن عادي وان لا يكون أحد كبيرا على القانون أي كان موقعه ومكانته ليؤمن المواطنين على حياتهم وحقوقهم وكراماتهم من كل أشكال التعدي والهضم والظلم وان لا يسمح أيضا لفئة قليلة طائشة مغرضة أن تخرق سفينة الوطن وأن تأخذ القانون بيدها حينما لا تريد لفاسد من أبناء عشيرتها أن يحاسب لتجعل الطريق العام ملكا لها دون غيرها وان تتاجر في الممنوعات وتتحدي النظام وقوات الأمن بالاعتداء عليهم والتطاول على المؤسسات العامة والطعن بسمعة الناس وأعراضهم دون اي حساب أو مساءلة فلو أن كل فرد لجأ إلى أخذ حقه بيده أو اتخذ من التطاول على حياة وحقوق الآخرين طريقا للتعبير عن غضبه فإن الفوضى والاضطرابات ستكون بديل مؤلم عن الاستقرار والطمأنينة .

لهذا فإننا لا نريد لصور وسلوك التمادي على القانون وتجاوزه أن تستقر في وجدان المواطنين بعيدا عن المشهد الحضاري الذي يلجأ فيه كل صاحب مظلمة إلى القضاء ويحتكم للقانون وفي المقابل نجد في صفوف وأوساط الرسميين المعنيين بتطبيق القانون تقاعس كبير وكسل مستمر ومجاملة ومحاباة مطلقة لذوي الشأن والنفوذ على حساب أصحاب الحقوق والمظلومين وسمعة الوطن .

وحتى لا نبقى نراوح مكاننا دون نتيجة والأمور تتفاقم سوءا من حولنا جراء التطاول على هيبة الدولة وتحدي سلطة القانون والاستقواء على بعضنا البعض وعلى الدولة يجب ان نعمل سويا لعَدمَ السّماحِ بالخُروجِ عَن القانونِ واعتبار اي انحرافٍ عَن هذا المَبدأ جريمةٌ كبيرةٌ لا يجبُ التّساهلُ فيها فلا أحدَ فوقَ القانونِ ولم يعد معقول ولا مقبول استمرار إزهاق الأرواح على أتفه الأسباب وانتشار الجريمة والمجرمون والزعران والسارقين وأرباب السوابق وفارضي الإتاوات ومتعاطي المخدرات وحاملوا الأسلحة غير الشرعية بيننا يرعبون الناس ويهددون امن المجتمع دون اجتثاثهم .

ومن الممكن للمواطن التعايش مع ظلم الدولة أكثر من العيش فى ظلال دولة بلا هيبة ولا تطبيق للقانون على أراضيها ومن هنا نحذر من مخاطر تراجع هيبة الدولة بفعل بقايا عناصر زمن الفوضى وغياب القانون ونطالب بعودة هيبة الدولة على كافة أراضيها وأن تكون دولة عدل ومؤسسات لا دولة أفراد وجماعات تقوم بدورها الدستورى كدولة قانون لا تفرط فى حقوقها ولا تتراجع أمام بلطجة وعنف وتعمل على سيادة القانون، وتوعية المجتمع من السلوكيات السلبية ومحاربة الشائعات والتصدي لها من خلال توفير المعلومة من قبل مختلف مؤسسات الدولة ومَا ينبغي أنْ يكونَ مفهومًا لهؤلاء السادرون في غيهم أنّ أجهزةَ الدولة الأمنية لا يُمكنُ أنْ تقفَ مكتوفةَ الأيدي أمامَ محاولاتهم للخروجِ على النّظامِ والقانونِ وستقومُ بواجباتِها بكلِّ حزمٍ وحسمٍ لمواجهةِ كلِّ عابثٍ أو مستهترٍ لردعِهِ وإعادتِهِ إلى جادّةِ الحقِّ والصّوابِ بقوّة القانونَ الذي سيكونُ كفيلاً بردعهِ وكَبحِ نَزَواتِهِ ووقف طيشِهِ واستهتارِهِ .

والمطلوب إمام هذه التحديات الخطيرة التي نواجهها اليوم أن نكون جميعا شركاء مواطنين ومسؤولين وأفرادا ومؤسسات في المساهمة ببسط هيبة الدولة على كافة أرجاء الوطن وأن نقف صفا واحدا خلف قيادتنا وأحهزتنا الأمنية في مواجهة كل من تسول له نفسه تجاوز القانون ليأخذ حقه بيده أو يثير العنف والشغب لخلخلة قواعد عمل دولة المؤسسات وسيادة القانون ومن اجل ذلك لن نسمح لأي شخص كان أن يستقوي على الدولة أو أن يرى نفسه فوق القانون فلا أحد أكبر من البلد وسنواجه ونحارب بالمواقف الوطنية الحازمة كل المتربصين والحاقدين بتقوية وتمتين جبهتنا الداخلية بتكاتفنا وتضافرنا كاسر وقطاعات أهلية ووسائل إعلام وأجهزة أمنية لإسقاط كل من تخول له نفسه العبث بأمننا واستقرارنا .

وأخيرا نقول نعم لسيادة القانون وهيبة الدولة ولا للتطاول والعنف بكل إشكاله ولنضع أيدينا بأيدي رجال الأمن لدرء الخطر الداخلي كل من موقعه واستطاعته نحمي الثغور ونشق بالكفاح والتضحيات الطريق الأمن لمستقبل أجياله .

حمى الله الأردن أرضا وقيادة وشعب وحفظه من كل مكروه .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات