هل الرزاز وَعُرْقُوبُ وَجْهَانِ لِعُمْلَةِ وَاحِدَةٍ ؟ 


هل خطر ببالكم يومًا أنْ تشهدوا نسخةً مُعاصِرةً حيَّةً ومستمرَّةً لقصةِ \"مَواعيدِ عُرقوبٍ\" الشهيرِة في تراثِنا العربِيِّ ؟ لكنَّ \"مَواعيدَ عُرقوبٍ\" هي أدقُّ وصفٍ لسلسلةِ مواعيدِ دولة رئيس الوزراء \"عمر الرزاز\" المُستمِرَّةِ منذُ تولِّيهِ رئاسةَ الحكومةِ. 

وعرقوبٌ هذا الذي يُضرَبُ به المثل :(رجلٌ مِن أهلِ اليمامةِ أو مِن خيبرٍ ،أتاهُ فقيرٌ فوعَدهُ بطلعِ نخلةٍ (أوَّلُ الثمَرِ) فلمَّا أطلَعَتْ قالَ للفقيرِ :دعْهَا حتَّى تصيرَ بلحًا، فلمّا أبْلَحَتْ قالَ لهُ :دعْهَا حتَّى تصيرَ رُطبًا ،فلمّا أرْطبَتْ قالَ لهُ :دَعْهَا حتَّى تصيرَ تمرًا ،فلمَّا أتمرَتْ قطفَها عُرقوبُ في الليلِ حتّى لا يُعطي الفقيرَ شيئًا مِنها ،فحَزِنَ الفقيرُ لأنَّ عُرقوبَ لمْ يَفِ بوعدِه .وصارَ عُرقوبُ مثلاً يُضرَبُ في إخلافِ الوعدِ ليقولَ فيهِ كعبُ بن زُهير:

صارتْ مواعيدُ عُرقوبٍ لَها مثلاً ومَا مَواعِيدُها إلّا الأباطيــلُ 
فليسَ تنجزُ ميعادًا إذا وَعـَـــدْتَ إلَّا كمَا يُمسِكُ الماءُ الغرابِيل 

فهلْ كنّا بحاجةٍ إلى عُرقوبٍ جديدٍ في تارٍيخنا العرَبِيِّ المُعاصِرِ؟! لِيُغدِقَ عليْنا كمًا هائلاً من الوعود ويفرش طريقاً واسعاً من الورود ما تَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ. 

وكأنِّي بالشعبِ الأردنيِّ الذي سيُغنِّي حزينًا بعدَ بعد مُضِي المدة التي طلبها دولة \"عمر الرزاز\" مع أمِّ كُلثومِ :(صَبّرنِي الحبّ كتيرْ ..وداريتْ في القلبِ كِتير.. ورْضِيتْ عن ظلمَك ،لكنْ كلِّ دَهْ كانْ لهْ تأثيرْ) ذلكَ بعدَ أنْ كانتْ آمالُ الأردنٍيِّين جميعًا معلقةً على حكومته بوصفِها القادرةِ على سدِّ حاجياتِهِ المتعدِّدةِ ،والمتزايدةِ بتزايدِ صعوباتِ الحياةِ ،وبوصفِها البلسَمِ الشافِي لكلِّ المآسِي التِي يُعانِيها إنسانُ هذا البلدِ ،مِن تأثيرِ المناخِ السيَّئِ الذي أحدثَته الحكوماتُ البائدةِ . 

ولكنَّ الواقعُ يقولُ :إنَّهُ كلَّما أتتْ حُكومةٌ لعنتْ التِي قبلَها ،ليكونَ دليلاً واضحًا وضوحَ الشمسِ في رابعةِ النهارِ ،ولا يدع مجالاً للشكِّ بأنَّ الخلافَ ليسَ في تغييرِ الحكومات وإنَّما بالطريقةِ التي تُشكَّلُ بها هذهِ الحكوماتُ. 

إنَّ المناداةِ بإعطاءِ فرصةٍ لهذهِ الحكومةِ ،ما هو إلَّا مضيعةٌ للوقتِ تجعلُ المرضَ يستفحلُ ،ليُوصِلَ الأردنَّ إلى مرحلةٍ لا يمكنُ إنقاذَهُ بعدَها. 

إنّنا نعيشُ اليومَ في مناخٍ لا يحملُ في طياتهِ أية عواملَ للتغييرِ ،والذي يفيدُ أنَّ الحالَة التي يمرُ بها بلدُنا الحبيبُ في الوقتِ الراهِن حالةٌ غيرُ صحيّةٍ بالكاملِ ومرفوضةٌ بالكاملِ . 

لقدْ أشبَعْتَنَا يا دولةَ الرئيسِ مَراجِلَ ،مِن أنَّها حكومةٌ نظيفةٌ ،ذاتُ نهجٍ إصلاحِيٍّ ،ونحن ما زلنا في النفق المظلم الذي وضعتنا فيه الحكومات البائدة ،والتي ما زالت حكومتك تفتفي الأثر من غير أن يلمس المواطن أيّ نور في آخر النفق يبدد ظلمة ظلم الحكومات ، والمواطن ما زال يلمس منكم كل يوم ما يؤكد له بالدليل الذي لا يقبل اللبس أنه فقط مجرد أضحوكة للاستهلاك المحلي والخارجي ، فلم ير المواطن أيا من الوعود قد تحققت في ظل حكومتكم ، بل على العكس؛ فالوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والصحي من سيء إلى أسوأ، ومازالَ اللصُّ ابنُ اللصِّ يصول ويجول بانتظارِك يا دولةَ الرئيسِ لتُلقيَ القبضَ عليهِ . 

إنَّ سلحفاتِيَّةَ الحكومةِ في الإسراعِ بتنفيذِ الإصلاحِ ،يضعُ الحكومةَ في موقفٍ يزيدُها حرجًا على حرجٍ ،ويجعلُها في وضعٍ لا تُحسَدُ عليهِ ،خاصة وانَّ شعبيَّةَ الحكومةِ في اقلِّ مُستوياتِها وكـأنِّي بالشاعرِ جميلِ صدقي الزهاوِي يعيُش بينَنا ،وهو يقولُ : 

أفهكــذا تبقَى الحكومةُ عِندِنـا كَلِماً تموَّه للورَى وتُزخـــرَفُ 
كثَرت دوائِرُها وقلّ فَعالُــــها كالطبلِ يَكبُرُ وهو خالٍ أجوفُ 
كمْ ساءَنا مِنها ومِن وزرائِها عملٌ بمنفعةِ المواطنِ مُجحِفُ



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات