الإحتلال يمنع أحد مؤسسي "BDS" من حضور جنازة والدته بالأردن


جراسا -

رصد - منعت سلطات الإحتلال الصهيوني أحد مؤسسي حركة المقاطعة "BDS" الناشط الفلسطيني عمر البرغوثي من حضور جنازة والدته بالأردن ، التي توفيت بعمان في 14 - 9 - 2018 ، والتي كانت تعاني من مرض سرطان الثدي .

ونقلت الزميلة مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين شيرين أبو عاقلة ، على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي ، رسالة مؤثرة عن البرغوثي ، قال فيها :"في السادسة والنصف من صباح اليوم ، توفيت أمّي الحبيبة، وفيّة، في منزلها في عمّان، بسرعة ... وبشكل غير متوقع، عن عمر يناهز 76 عاماً. توفيت في 14 أيلول/سبتمبر، أي بعد يوم من الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاقية أوسلو سيئة الصيت، دون أي صلة بين الحدثين. أو هكذا يبدو".

وأضاف : "يحاولون معاقبي لدوري كمدافع عن حقوق الإنسان في حركة المقاطعة (BDS) من أجل حقوق شعبنا، كل شعبنا في الوطن والشتات. يعتقدون أن بإمكانهم كسري أو ثنيي عن المضي قدماً على الطريق التي اخترتها. سيكتشفون أن هذا الفرع هو من تلك الشجرة، ولتلك الشجرة جذورها العميقة الممتدة في عمق الأرض الخصبة للهوية الفلسطينية، وللنضال الفلسطيني من أجل العدالة والحرية، وللمقاومة الفلسطينية، وللإصرار الفلسطيني على الحياة التي تستحق أن نحياها".

وتاليا نص رسالة الناشط البرغوثي :

اليوم ، عايشت نكبة شخصية. نادراً ما أنكسر ، ولكني اليوم مكسور.


في السادسة والنصف من صباح اليوم ، توفيت أمّي الحبيبة، وفيّة، في منزلها في عمّان، بسرعة ... وبشكل غير متوقع، عن عمر يناهز 76 عاماً. توفيت في 14 أيلول/سبتمبر، أي بعد يوم من الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاقية أوسلو سيئة الصيت، دون أي صلة بين الحدثين. أو هكذا يبدو.

ولدت أمي في القدس عام 1942، أي قبل ست سنوات من نكبة شعبنا الفلسطيني. لم تكن تبالي بـ"عيد الحب"، بل لطالما سخرت من "البضائع المبتذلة على شكل قلوب حمراء" التي ترافق هذا العيد، ولكنها ولدت في يومه.

وجدوها هذا الصباح على أرضية مطبخها وهي تحمل نصف ليمونة في يدها وابتسامة على وجهها وحقيبة سفرها جاهزة عند باب بيتها.

كانت تحضر ماء الليمون اليومي، لتحسين مناعتها، حيث كان من المقرر أن تسافر في غضون ساعتين - برفقة زوجتي ، صفاء - للاحتفال بانتصارها على سرطان الثدي. لم أكن أخطط للسفر معهما لأنني لا أزال فعلياً تحت حظر السفر الإسرائيلي.

عندما رأيتها أخيرًا ، في رام الله منذ أسبوع، كانت سعيدة لأنها كانت قد تعافت بشكل جيد ولأن أظافرها كانت قد بدأت بالنمو بشكل طبيعي بعد أن فقدتها كلها أثناء العلاج الكيميائي. قالت "هذه الانتصارات الصغيرة ضرورية للغاية. إنها تغذي إرادتنا للمثابرة في كفاحنا ضد الوحش في داخلنا".

في يوم ليس بالبعيد، كنت أتحاور معها حول مفاهيم الضحية والمقاومة، سواء كانت تتعلق بالنضال ضد الاستعمار أو السرطان. فقالت لي: "لا أرى نفسي في المقام الأول كضحية، على الرغم من أنني ناجية من السرطان. أرى نفسي كمقاتلة لا تملك رفاهية الاستسلام أو الليونة. لكنني محظوظة جدًا لأنني حظيت بكل الحب والرعاية ولأنني تمكنت من تلقي العلاج. كم من أخواتي الفلسطينيات في غزة مصابات بالسرطان وغير مسموح لهن بالسفر للعلاج ولا يمكنهن تلقيه في غزة بسبب الحصار الفاشي؟ هذا الحصار يتجاوز القسوة والإجرام، إنه فاشي حقاً! لا أعرف كم سأعيش، لكنني سأكرس وقتي للكفاح من أجل حقهن وحق أحبائهن في العلاج كحق أساسي وبديهي".

ثم أطلقت بعدها هجوماً كاسحاً ضد القيادة الفلسطينية "لفشلها في النضال من أجل حقوقنا الأساسية، لا حق العودة وحسب، بل أيضا الحق في الحياة نفسها".

سيعرف أولئك الذين يعرفون أمي أن خُطبها السياسية هي جزء أصيل من شخصيتها الفريدة. كانت ناصرية، علمانية، نسوية، قارئة نهمة للأدب والسياسة، طاهية فريدة حقاً، مدمنة نسبياً على الفيسبوك (ولدرجة أقل بكثير على التويتر)، نصيرة للشعوب ضد كل اضطهاد، مؤيدة لمنظمة "صوت يهودي من أجل السلام" الأمريكية المؤيدة لحركة المقاطعة BDS، مهووسة نظافة، وراعية لمن حولها بشكل استثنائي.

وكان قلبها أكبر من الحياة. لكنه توقف اليوم، للمرة الأخيرة.

كانت محبة ومسؤولة ومستقلة بشكل جذري، تعبر علنا، كلما استطاعت، عن عدائها غير المحدود للصهيونية، للإكراه الديني، للتمييز ضد المرأة، للأنظمة العربية المستبدة، وبالطبع لهدف هجماتها اليومية، القيادة الفلسطينية التي كانت تصفها بـ"الفاسدة والمفسدة والمفرّطة بحقوقنا".

كان والدي، الذي كان أقل حدة منها ولكن لا يقل عنها صلابة في النضال من أجل معتقداته ومن أجل حقوق شعبنا، يشاركها الكثير من آرائها في السياسة والمجتمع ، ولكن ليس في كل شيء. توفي قبلها بـ 12 عاما.

كان من بين المؤسسين المستقلين لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس عام 1964. وطوال نشاطه في المنظمة في مناصب مختلفة (تطوعية، دون مقابل)، كان يعارض باستمرار، وغالباً ما يدين علناً، كل التنازلات عن حقوق شعبنا التي قدمتها القيادة.

بعد توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، هاجم القيادة علناً، من داخل م.ت.ف، واعتبر الاتفاقية استسلاماً للمشروع الاستعماري-الاستيطاني الإسرائيلي. كانت والدتي متفقة معه 100%. لكن رغم ذلك، لم تعجبها حقيقة أنه كان لا يزال مضطراً في الكثير من الأحيان للقاء قادة فلسطينيين من مختلف الأحزاب السياسية للترويج لمعارضته لأوسلو.

كلما حدثت تلك اللقاءات في منزلهما في عمّان، كان على ضيوفه من السياسيين أن يتوقعوا التعرض لعواصف "وجهات نظر" أمي التي كانت تطرحها دون استئذان. فكانت تستغل فرصة تقديم الضيافة (فهي مضيافة من الدرجة الأولى، وطاهية عجيبة، كما شرحت سابقاً، لذا كان الجميع يتوق لتذوق ما لذ من أطعمتها) للتوقف ومشاركة الجميع بما يخطر ببالها، بشجاعتها المعهودة، ودون استئذان من أحد.

كانت عادة ما تبدأ بتذكيرهم كيف أصبحت المرأة أقل حضوراً وتأثيراً بسبب تهميشها من قبل المنظمة، مما يضر بنضالنا، ثم تقصفهم بتحليلها لمكمن الكارثة في مسيرة شعبنا التحررية، وكيف فقدت المنظمة البوصلة وحادت عن مسار التحرير، لتنهي بما يجب فعله للتعافي.

سأفتقد خطبها، وآراءها المُثرية حول الحياة، وحبها غير المشروط، وقوة إرادتها. سأحنّ لـ"سِت الحُسن" التي لا ينافسها أحد في إتقانها (حلوى شامية من عجينة خاصة محشوة بالجوز وحبة البركة والقرفة ، ومقلية ومغموسة في شراب سكري).

لا تزال محاميتي تحاول الحصول على تجميد مؤقت لحظر السفر الفعلي المفروض عليّ من قبل الحكومة الإسرائيلية كي أتمكن من المشاركة في جنازة أمي في عمان، علماً بأن هذا الحظر يعد انتهاكاً لقرار محكمة صدر في 2016.

يحاولون معاقبي لدوري كمدافع عن حقوق الإنسان في حركة المقاطعة (BDS) من أجل حقوق شعبنا، كل شعبنا في الوطن والشتات. يعتقدون أن بإمكانهم كسري أو ثنيي عن المضي قدماً على الطريق التي اخترتها. سيكتشفون أن هذا الفرع هو من تلك الشجرة، ولتلك الشجرة جذورها العميقة الممتدة في عمق الأرض الخصبة للهوية الفلسطينية، وللنضال الفلسطيني من أجل العدالة والحرية، وللمقاومة الفلسطينية، وللإصرار الفلسطيني على الحياة التي تستحق أن نحياها.

وفيّة، عشتِ رمزاً للوفاء لمبادئك، لنضال شعبك، لأحبائك. سأظل إلى الأبد وفيّاً لذكراك المحبة ولدروس الحياة التي تعلمتها منك.



تعليقات القراء

مهدي الجبور
عليها رحمة الله. اوجعت قلبي. أقسم بالله
15-09-2018 02:35 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات