سعد السيلاوي فارس الإعلام


الإعلامي والصحفي والمعلم والمدرسة سعد السيلاوي جاب أقطاب العالم بصوته الرخيم الشجي المميز وببساطته الحاضرة دوما وبتواضعه الجم الأكمل وبعينيه المشبعتان بريقا وأمل كان بهيا في تلك الصورة التي عاشها بيننا والتي ستبقى ساكنة في وجداننا وذاكرتنا تأبى ان تفارقنا ونحن نودعه بعد وفاته ظهيرة يوم السبت 1/9/2018 اثر إصابته بالتهاب رئوي حاد أدى إلى توقف القلب أثناء تواجده في احد فنادق العاصمة اللبنانية وقد أكد الأطباء إن وفاته ناتجة عن تداعيات مرضية سابقة مصاب بها ويعتبر السيلاوي من أهم الشخصيات الإعلامية البارزة في العالم العربي ومن الأصوات الفريدة اللافتة عرف بهدوئه الرصين وأخلاقه الحميدة وسيرته العطرة صاحب موهبة وتميز والتزام شديد بقواعد وأسس العمل استحق التقدير والاحترام وكان خلال فترة عطائه مثالا ونموذجا مشرفا للإعلامي الوطني والعربي بما قدمه من صورة حضارية مشرقة في كل المواقع التي حل بها وكانت إنجازاته واضحة في قطاع الإخباري والعديد من البرامج الحوارية التي غطى فيها مختلف القضايا المهمة والحساسة حيث مثل رحيله خسارة كبيرة للأسرة الإعلامية الأردنية والعربية والدولية والتي فقدت واحدا من جيل المخضرمين والمبدعين في عالم الصحافة والإعلام والذي ترك بصمة قيمة وخلّف وراءه كوكبة من نجوم العمل الإعلامي وساهم بخبرته في تدريب وصقل الكثير من المواهب خلال عمله الدؤوب ومهنيته العالية التي ظلت تنبض عطاء وإنجاز حتى اللحظات الأخيرة من حياته وكم من ساحات للحقائق عرفته وكم من أعلام شهدوا له بأنه لم يرض يوماً إلا بأن يكون حيث تكون الصورة التي يجب أن يراها العالم بوضوح ودون تزييف أو تعديل ذاك الفارس الذي امتطي جواد الحقيقة ولم يترجل عنه إلا حين كان المرض القدر والأجل معه على ميعاد.

لقد حمل في عقله خزينة أسرار مليئة بالأحداث عبر مراحل حياته المختلفة وشهادات واعترافات لمعظم المسؤولين الذين تعامل معهم لقد فقد الإعلام العربي بوفاته وأحد من أهم الكوادر الإعلامية التي لها باع طويلة في خدمة المشاهدين والذي حفر صوته في ذاكرة الكثيرين وظل حتى أواخر أيامه يذوب كالشمعة أمام زواره يقويٌ على مرضه برؤية أصدقاؤه وأحباؤه لم يستسلم أبداً وكان يتحدى ذلك بالمزيد من العمل والإنتاج والإبداع والإصرار لاعطاء نموذج عملي بأن لا شيء يقف في طريق الإنسان النشيط المجتهد المصمم على الإنجاز لأنه كان يملك عزيمة حديدية في أعماقه يتتبع نيران الأحداث المشتعلة دون خوف أو تردد عف اللسان صاحب مواقف مشرفة على مستوى الإعلام العربي لم يساوم على مواقفه على الرغم من مغريات وتحديات الحياة ولم يكن لعانا ولا رداحا بل كان محللا لسير الأحداث وتصاعدها منبها الى خطورة نتائجها.

غيبه الموت عن عمر ناهز 55 عام بعد مسيرة صحفية وإنسانية حافلة بالعطاء حيث كان متميزا أداء ولغة وصوت ذا نبرة خاصة بالإضافة إلى أنه كان شخصا ودودا ومحبا وصاحب علاقات اجتماعية ممتدة يرسم عمله بإبداع وحب وهو إعلامي عروبي ووطني نبيل وخلوق وكان يمثل مدرسة شاملة بفنون الإعلام الوطني والعربي الملتزم تخرجت منها أفواج عديدة من الصحفيين والإعلاميين أصحاب الكفاءات وقد وضع الأردن وفلسطين وجراح الأمة وضياعها في عينيه وأغمض عليها إغماضته الأخيرة وكانت حسابات الشهرة والنجومية بعيدة عن ذهنه وسلوكه.

هوى العملاق السيلاوي متكئا على إنجازاته التي لن تغيب عن البال ولن يقربها النسيان لأنه رمز إعلامي شامخ لا يقدّر ولا يختصر بأي كلام وهو من ألمع وأكفأ المذيعين.

ذهب عن مسرح الحياة عقب مشوار طويل من العطاء وسنوات أمضاها في الكفاح ليسطر اسمه بأحرف من نور في مهنة المتاعب والمصاعب ولم يكن سعد مجرد صحفيً فقط إنما هو مثال صادق للإعلامي الشامل الذي استطاع العمل في جميع الحقول الإعلامية كما أنه يمثل رمزًا وقامة وطنية عملت على تأصيل الروح الوطنية والقومية بعيدًا عن الانتماءات الصغيرة والضيقة وقد كان الفقيد من أوائل الصحفيين الذين ساهموا في إعلاء الكلمة والبحث عن الحقائق ونشرها بمسئولية مهنية منقطعة النظير.

وهاهي مشيئة الله تقتضي إلا أن يرحل عن عالمنا ووطننا في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد أحد الرجال الأوفياء والذي لطالما عرف بنهج التسامح والألفة والمحبة والاعتدال والاتزان فهو إعلامي مكافح وصحفي أمين من الطراز الأول له بصماته الواضحة على المستوى الوطني في كل المواقع التي تولى المسؤولية فيها قبض على جمر الكلمات وحروف الوطن بكل إباء وشموخ وصبر مضى رحمه الله سنفتقده دائما وسنذكره أبدا وسنكمل مسيرته التي حلم بها فلينم قرير العين تحفه رحمة ربه وتحيطه به دعوات الأردنيين الأوفياء الذين يبتهلون له بالرحمة والمغفرة والرضوان.

وداعا أيها الفارس المترجل بعد طول معاناة مع المرض اللعين يا من كنت صلبا كالصخر ورقراقا كماء النهر غاب جسدك عن ناظرنا وغاب صوتك عن سامعيك و مَن منًا لا يُوجعه الفقد ويدمي قلبه نعلم بأنه يفنى الجسد وتبقى المرؤة وينتهي العمر ويبقى طيب السيرة ما بين المايكروفون والقلم سكنت صورتك وشهامتك وهمتك فكانت حدثنا اليومي نشاهدك ونسعد بصوتك الجميل وأدائك المتفوق قبل أن يقعدك المرض.

يشار بأن السيلاوي من مواليد العاصمة عمان منطقة الجوفة بتاريخ الثاني والعشرين من شباط عام 1963 ودرس الصحافة والإعلام في الكلية العربية وعمل صحفياً في الشؤون الرياضية في صحيفة الزميلة "الرأي " لمدة خمس سنوات ثم في صحيفة صوت الشعب وأجرى السيلاوي العديد من المقابلات الصحفية أبرزها مقابلة مع جلالة المغفور له الملك حسين بن طلال ومقابلة مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في تشرين الثاني عام 1991 في تونس .وعمل على تغطية أخبار حرب الخليج عام 1990 لمدة 60 يوم .وعمل مراسلا في وكالة الإنباء المصورة " فيزت نيوز" عام1990 كما عمل مراسلا لقناة ال إم بي سي في عمان في العام 1991.

شغل السيلاوي منصب مدير مكتب قناة العربية في عمّان منذ انطلاقتها وحتى إصابته بمرض السرطان العام 2012 وخضع بعدها للعلاج في مركز الحسين للسرطان في العاصمة عمّان ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية وكندا أواخر أبريل 2013 لإجراء فحوصات بعد انتكاسة صحية تعرض لها.

وفي 2013 أجريت له عملية جراحية لاستئصال الورم على يد فريق طبي متخصص ضم عددا من الأطباء السعوديين والكويتيين وبإشراف مباشر من الطبيب روجر طابا أحد أكبر المختصين في عمليات استئصال الحنجرة.

وقد أنعم عليه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بوسام الحسين للعطاء المتميز خلال حفل أقيم بالديوان الملكي بمناسبة الذكرى الـ68 لعيد الاستقلال تقديراً لعطائه المخلص وجهوده المتميزة التي بذلها خلال مسيرته الصحافية والإعلامية.

رحم الله فقيدنا الغالي وله الذكر الطيب ومهما طال بنا الزمان أو قصر لابد لنا من الولوج عبر تلك البوابة فالموت لا يعرف أحداً ولا يجامل أحداً وهو الحقيقة الوحيدة الراسخة في هذه الدنيا الفانية وهو طريق حتمي سنسير عليه مُرغمين يوماً ما.

ولا يسعني في هذا الفاجعة الأليمة إلا أن أتقدم بأحر التعازي القلبية لعائلته وأصدقائه ومحبيه وعارفي فضله وأن يلهمهم جميعا الصبر والسلوان داعين الباري عز وجل أن يتغمده برحمته وان يغفر له وأن يجعل الجنة مثواه ورغم ثقل الرحيل ومرارة الفقد وحزن الوداع وعظم الجرح لا نقول الا ما يرضي الله رب العالمين أنا لله وأنا إليه لراجعون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات