ارتباك وخسائر


منذ أن بدأت عمليات تخفيض اسعار المشتقات النفطية أخذت تظهر في السوق مشكلات تتعلق بتوافر او اختفاء بعض المواد النفطية، ومنها الكاز وأحيانا البنزين. جزء كبير من المشكلة يعود الى شعور لدى تجار النفط انهم يخسرون مع التخفيض، وبخاصة في المرحلة الاخيرة التي تتابعت فيها الانخفاضات العالمية والمحلية.

ولعل جزءا من المشكلة أننا في الاردن لم نمارس سياسة السوق المفتوح بشكل كامل او بالاتجاهين، ومن استفاد كان التجار ومنهم اصحاب محطات المحروقات عندما كانت تتم الارتفاعات، وايضا فئات واسعة من التجار لسلع وخدمات مختلفة، ومن الاسباب ايضا ان ادارة الحكومة كانت غير مكتملة.

الحكومة فرحت كثيرا بحفاظها على مصداقيتها في تخفيض الأسعار، وهذا حقها، لكنها لم تكمل القصة وتضمن تطبيق الجزء العكسي من اقتصاد السوق. فالمواطن عندما دفع الثمن تذمر لكنه لم يمتلك ادوات للحصول على حقه، لكن التجار عندما تضرروا من التخفيض مارسوا العناد وأساليب اخرى لتحصيل حقوقهم، فمنهم من لم يخفض شيئا ومنهم من صنع معاناة للناس بعدم توفير السلع ومنها المشتقات النفطية.

المحصلة ان الهدف ليس إلحاق الضرر بالمواطن ولا إلحاق الخسارة بالتاجر، ولا ان نصنع اوضاعا مربكة للسوق والناس وان تمتلئ مجالس الناس بالحديث عن الكاز غير المفقود او البنزين.

من واجب الحكومة، بالشراكة مع القطاع الخاص، ان تجد الطريق التي لا تلحق بهم خسارة لأنهم مواطنون اردنيون, وأن يأخذ المواطن حقه من اي تراجع في اسعار السلع والخدمات، وأن يحدث الاستقرار في السوق بتوافر السلع التي هي موجودة لكنها مخبأة مثل الكاز او البنزين احيانا. وعلى الحكومة ان تسبق ظهور المشاكل وتجد الحلول، لا ان يدفع الناس ثمن المشكلة، ثم يكون التفكير بالحل الذي قد لا يأتي!

تجار المشتقات النفطية ربحوا في مراحل الارتفاعات. فكان لديهم كاز وبنزين اشتروه بسعر قليل وباعوه بسعر مرتفع. وهذا أكسبهم ارباحا ليست من حقهم. والآن يشترون بسعر وبعد الانخفاض يبيعونه بسعر اقل وهذا إجحاف لهم. فهل من الممكن ان تجد الحكومة او المصفاة طريقة دون أن يأخذ التاجر ربحا لا يستحقه ولا ان يدفع خسارة على حساب تجارته؟

الآلية موجودة وسهلة تتمثل بحساب الكميات وقت بيعها وفي فترات الارتفاع والانخفاض، لأننا قد نعود بعد اشهر او سنوات الى رفع اسعار المشتقات النفطية اذا ما ارتفعت وعندها سيأخذ التاجر ربحا لا يستحقه.

هنالك بطء من الحكومة في إدارة السوق بعد الانخفاضات التي تمت، ودفع ثمن هذا الناس، والتجار للسلع والخدمات الذين أداروا ظهورهم للمناشدات الحكومية اخذوا من حق الناس وحق الدولة. والأهم انهم فرضوا قانونا أرادوه لا علاقة له بقانون السوق وعلى حساب سلطة الإجراء الحكومي الغائب.

تحتاج الحكومة الى ان تكون اكثر مبادرة وسرعة وديناميكية لأن كل تأخير عبارة عن دنانير يخسرها المواطن، وجزء من مكانة السلطة الحكومية.

نسمع عن تسريبات بأن وزارة للاقتصاد الوطني ستظهر في التعديل المفترض، لكن ما نحتاجه دون مواربة هو عودة وزارة التموين دون ان نعيدها باسم حركي او نعيد بعض مهامها تحت اسم وزارة الاقتصاد الوطني، مثلما فعلت الحكومة عندما اعادت وزارة الاعلام عمليا، لكن تحت اسم حركي.

مع اننا نحتاج الى وزارة تموين تحمي حقوق التاجر والمواطن بعدما ثبت ان نهج اقتصاد السوق نمارسه باتجاه واحد فقط، فلتكن الحكومة اكثر مبادرة وديناميكية وجرأة، لأن التسويف وأنصاف الخطوات تضاعف المشكلات ولا تمثل حلا.  

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات